15-يوليو-2021

من الفيلم (IMDB)

رغم بعض المآخذ الثانوية عليه، يبقى فيلم "The White Tiger" (مستندًا على رواية بالعنوان نفسه للكاتب الهندي أرافيند أديغا) مميزًا بتصويره اللاذع للنظام الطبقي في الهند، الذي تحوّل من طبقاته العديدة تاريخيًا إلى مجرد طبقتين متمايزتين، ذوي الكروش الكبيرة وذوي الكروش الصغيرة، كما يقول راوي الفيلم وبطله بالرام (Adarsh Gourav).

يروي فيلم "The White Tiger" قصة صعود الخادم بالرام إلى عالم رجال الأعمال، في عالم فاسد، يقسم الهند إلى اثنتين: هند الظلام وهند النور

يتبع الفيلم الذي أخرجه الإيراني-الأمريكي رامين بحراني (Ramin Bahrani) حياة بالرام وصعوده في سلم النظام الخدمي، من مجرد صبي شاي إلى شوفير للمستثمر الشاب آشوك (Rajkummar Rao)، الذي عاد توًا من الولايات المتحدة الأمريكية وينتمي إلى عائلة ثرية لها باع طويل في استغلال الناس في حي بالرام. يتمايز آشوك وزوجته الهندية - الأمريكية بينكي مدام (Priyanka Chopra Jonas) عن عائلته في طريقة تعامله مع بالرام، في خليط من التعاطف والتعطّف. هم بكل تأكيد أسياد أكثر حداثة وتحررًا وانفتاحًا. لكن طبعًا الأمور في النهاية تنكشف لتكون أكثر تعقيدًا مما تبدو.

اقرأ/ي أيضًا: اقتباسات وتقييمات فيلم "النمر الأبيض" تنتشر في تويتر

اعتقد بالرام نفسه دائمًا مختلفًا عن أقرانه. لقد ظن نفسه النمر الأبيض الذي يظهر في الغابة مرة واحدة مع كل جيل، كما ذكر له أحدهم ذات يوم. فقد كان في طفولته أذكى وأشطر الصبية في الصف وعلى وشك أن يتم إرساله إلى دلهي في منحة لإكمال دراسته، ولكن ديون والده لعائلة آشوك وتسلط جدّته منعاه من تحقيق ذلك، أو حتى الاستمرار في المدرسة، والتملص من النظام الخدمي المفروض عليهم منذ أجيال. هذه كانت فرصته الأولى في الانطلاق ولكن أيضًا دليلًا على كونه النمر الأبيض. فرصته الثانية جاءت حين تمكن من الحصول على عمل كسائق لسيده الشاب والمنفتح. المرة الثالثة كانت أكثر قتامة وعنفًا مما توقعه في البداية.

الفيلم غني بمشاهد تبرز التفاوت بين حياة الأسياد والخدم، وبين هندين تقع إحداهما في الظلام والأخرى في النور. هذه هي الثيمة الأساسية التي تدفع الفيلم ولكن أيضًا نظرة بالرام للعالم. قد توجد أحيانًا بعض المشاهد والتفاصيل التي تبدو غير مرتبطة مع الحبكة ولكنها تنجح في إثراء القصة. وبسبب ثراء القصة، اختار المخرج أن يعتمد على سرد وتعليق الراوي، الذي يتدخل أحيانًا في مجريات المشهد ولكن قدرة المخرج على مطابقة الصورة مع السرد ساعد في تسامحنا مع حضور - الذي كان أحيانًا ثقيلًا - صوت الراوي.

مع ذلك، يبقى مدخل وسبب السرد صعبًا تقبله. فكل الحكاية تستند إلى رسالة يكتبها بالرام، ويرويها لنا، إلى رئيس الوزراء الصيني آنذاك وين جياباو الذي كان يزور الصين في سعي لتحسين التجارة والتعامل بين البلدين. لم يكن هذا التفصيل في الفيلم مقنعًا وفشل في الالتزام مع روح القصة. تفاصيل كهذه لم تفسد جمالية الفيلم، بل إنه استمر على جذب المشاهد وتعلقه، حتى مع نهايته المطولة، التي توقعناها نصف ساعة قبل حدوثها الفعلي. لكن مجددًا، يمكن الجدل هنا بأن الاستطالة كانت جوهرية لإظهار الانتقال والعزم المظلمين في شخصية بالرام وتصرفاته.

يستند السرد في فيلم "The White Tiger" إلى رسالة يكتبها بالرام إلى رئيس الوزراء الصيني الذي يزور الهند لبحث سبل التعاون الاقتصادي

اقرأ/ي أيضًا: رواية "الخيميائي" تتحول إلى فيلم أمريكي

في المحصلة، الفيلم مميز وممتع. والممثلين كانوا متفاعلين ومقنعين في أدائهم، وبخاصة أدارش غوراف الذي تقمص شخصية بالرام في تحولاته بين الابتسام المتذلل والاحتقار المتجهم.

الرسالة خلف الفيلم لم تكن لبقة أو متخفية أو مبهمة وهذا كان جوهرها: لا يوجد أي  لطف أو حذاقة في العلاقة والفروقات بين الغني والفقير، ولا ينبغي لأي شيء من هذا القبيل أن يتواجد.

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم "كارديك".. الرغبة بتغيير العالم

فيلم "The Platform".. الجوع لا أخلاق له