07-مايو-2017

لقطة من الفيلم

لا تبدو حكاية الفيلم الفرنسي "حياتي كما كوسا" 2016 بالجديدة والمبتكرة، إلاّ ببعض التفاصيل التي تميز شخصيات الفيلم وترسم دوافعها رغم قسوة ومرارة ما يمرون به.

يروي الفيلم حكاية إيكار أوCourdette كورجيت بما يعني كوسا، هذا الاسم الذي يثير ضحك واستغراب جميع من يسمعه، ويصر كورجيت على اسمه لأنه الذكرى الوحيدة المتبقية له من أمه التي كانت تناديه بهذا الاسم. وكورجيت هو طفل في التاسعة من عمره يعيش مع أمه، ولكنه يقضي وقته وحيدًا مع ذكرى والده الغائب، في مكان يشبه إلى حد كبير العلية أو السقيفة الصغيرة.

لا تبدو حكاية الفيلم الفرنسي "حياتي كما كوسا" 2016 بالجديدة والمبتكرة، إلاّ ببعض التفاصيل التي تميز شخصيات الفيلم وترسم دوافعها

يرسم والده بهيئة بطل خارق يستطيع الطيران والتحليق، يرسم هذا البطل على الجدران وقصاصات الورق، أمّا صورته الأهم فهي مرسومة بشكل كبير في خلفية طائرة ورقية.

إلى جانب ذكرى الأب يعيش كورجيت مع الكثير من علب البيرة الفارغة التي يجمعها بعد أن ترميها أمه المخمورة أثناء مشاهدة التلفاز، يركبها فوق بعضها على شكل هرم، وريثما يقع هذا الهرم بالصدفة وينفلت خيط الحكاية.

اقرأ/ي أيضًا: أطلس السينما: نيويورك سكورسيزي (3)

يقتل كورجيت والدته عن طريق الخطأ أو بالأحرى خلال دفاعه عن نفسه، وبناءً على ذلك تضعه الشرطة في ملجأ للأيتام، ليعيش مع أطفال آخرين فقدوا آباءهم، وفي حالات آخرى يكون الآباء مدمني مخدرات أو سارقين.

بدخول كورجيت إلى هذا الملجأ لا يبدو الوضع طبيعًا فلكل طفل شخصية وطبع يميزه، وأغلبهم عارف ومتأثر من قصص الآباء، كما وتؤثر تلك المعرفة بتكوين طباعهم وسلوكهم، فهناك الوحيد والمنطوي والمختفي وراء نفسه، إلى جانب المشاغب والمثير للفوضى، ولكن بعيدًا عن ذلك لا يبدو الفيلم حول سلوك الأطفال اليتامى بمقدار كونه فيلمًا يقدم صورة ما عن ذلك الميتم.

يتعلم الطفل خلال وجوده في الملجأ ما لم يتعلمه في بيته مع أمه، حيث الصداقة الحقيقية وحب الآخر، كما ويعيش حقيقة أن يحب أحدهم بحذافيرها، من خلال تعلقه كطفل صغير بإحدى الفتيات المقيمات في المكان، كمجموعة أطفال لا تخلو حياتهم من الأسرار والمغامرات المرحة، ذلك المرح الذي ما كانوا ليعرفوه لولا اجتماعهم في مكان بائس في جوهره.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Holy Motors" ومحاولة خلق الجمال

عن طريق صنع الدمى الصغيرة ووضعها ضمن كادر معين، هو أشبه بماكيت للبيت والملجأ وبعض الأمكنة التي تدور فيها أحداث الفيلم، يتم تحريك الشخصيات وتغيير مواضعها من قبل فريق عمل مختص بصناعة الدمى وتحريكها.

كما وعمل مخرج الفيلم كلود باراس في إخراج أول فيلم طويل له مع كتاب سيناريو سبق وأن عملوا في مجال كتابة أفلام الأنيميشن والتحريك، ولكن في فيلم Ma vie de Courgette تبدو الحكاية موجهة للكبار كما الصغار أيضًا، باحتوائها على تفاصيل تدور حول تخطيط بعض الأطفال لإنقاذ أصدقائهم الآخرين بطرق ذكية، حتى بمشاجراتهم وحالات الحب والتعلّق التي تنشأ بينهم.

رُشح فيلم Ma vie de Courgette لجائزة أوسكار أفضل فيلم أنيميشن، ومازال يُعرض في بعض دور السينما وقد شهد إقبالًا كبيرًا عليه

فيكون الحب كتيمة أساسية ومهمة تحرك حكاية فيلم Ma vie de Courgette وتعبر بها من حالات الوحدة والعزلة التي كان يعيش فيها طفل صغير إلى حالة حب وعطف يجدها عند انتقاله إلى الملجأ أولًا، ومن ثم إلى بيت جديد ليصير مع عائلة آخرى تعيش على الحب والعطاء.

دورة طبيعية وربما تقليدية لقصص كثيرة تخص الأطفال، وتعبر بهم من الحزن إلى الفرح. في محاولة لنقل صورة بسيطة عن بهجة ربما تأتي بعد البؤس.

رُشح فيلم Ma vie de Courgette لجائزة أوسكار أفضل فيلم أنيميشن وتحريك في العام الماضي، ومازال يُعرض في بعض دور السينما وقد شهد إقبالًا كبيرًا عليه. ليصير بعدها اسم الفيلم Ma vie de Courgette مقولة يراد منها بث التفاؤل والأمل.

 

اقرأ/ي أيضًا:
داوود عبد السيد بين "يوسف" الكيت كات و"يحيى" رسائل البحر
فيلم "المراسلة".. هاجس قديم يسيطر على جوزيبي تورناتوري