31-ديسمبر-2017

لقطة من الفيلم

"الضوء في السماء يُبهر قلبي..
أخذت أحدق في الفراغ، ودموعي تنهمر
السحب البيضاء تجري بعيدًا
اليوم أتشبث بحلمي مجددًا
بعد طول حزن
فهل هناك خلاص
من هذا الفراغ اللانهائي؟"

هكذا يمكنك أن تغني، مع إمالة رأس ولحن هادئ،" في هذا الركن من العالم"، أو In This Corner of The World، تمهيدًا للأحداث، أو ختامًا لها فأنت الآن في كانون الأول/ديسمبر 1933، واليابان تستعد كما نستعد لأعياد رأس السنة، قبل أن تغمض عينيك فتنتهي الحرب العالمية الثانية، وتبقى آثارها على اليابان لفترة.

البداية
الحقيقة، في الجزء المُمَهِد في فيلم In This Corner of The World، لن تستطيع أن تتنبأ بكون الفيلم يحكي عن الفترة الأظلم في تاريخ اليابان، أو ربما تتنبأ لكنك لن تستطيع تخيل ماذا يريد صناع الفيلم من عمل هو في النهاية: "رسوم متحركة"، وإن كان للكبار.

قبل الدخول في التفاصيل علينا قليلًا العرض لهؤلاء الصناع بدءًا بالمخرج والكاتب: سانو كاتوبيتشي، الذي يقول في أحد حوارته الصحفية: "إن سوزو سان (بطلة الفيلم) ليست ترجمة من خيال أي شخص، لكنك تشعر من البداية، أنها شخص له وجود".

بدأ سانو كاتوبيتشي مشواره كمخرج وكاتب للرسوم المتحركة، وتدرج بوظائف عدة في أشهر شركات اليابان، وفي عام 2009 كان إخراجه الأول

سانو كاتوبيتشي، بدأ مشواره مخرجًا وكاتبًا للرسوم المتحركة، منذ سنواته النهائية في الجامعة، وتدرج بوظائف عدة في أشهر شركات اليابان، منذ عام 1999 إلى عام 2002، وفي عام 2009 كان إخراجه الأول إلى جانب مشاركته في كتابة فيلم Mai Mai Miracle، والذي حاز جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة بمهرجان مونتريال بكندا.

عودة للفيلم، فإن سانو ورفاقه قد قرروا أن يطلقوا فيلمهم "في هذا الركن من العالم" في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، في اليابان أولًا ومنها إلى بقية أنحاء العالم.

مبدأيًا جميعنا يعرف أن أي فيلم ياباني يتناول فترة الحرب العالمية الثانية، لابد أن يأتي على ذكر "ناكازاكي وهيروشيما"، لكن كيف يعرضهما؟ وكيف عرضهما مخرجنا؟ يقول الرجل نفسه: "إن قبول الموضوع كان ببساطة متعلقًا بفيلمه الأول، الذي جعله يريد أن يولد في عام 1960، لا بعد ذلك، ثم قرأ قصة للمانجا (قصص الرسوم المصورة) لـ "كونو فوميو"، رأى أن هذا ما يريده بالضبط قصة تحكي كيف قضى اليابانيون أربعينياتهم، بشكل اعتيادي تمامًا.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "The Virgin Spring": بيرغمان مترددًا

مع القصة
القصة في فيلم In This Corner of The World قائمة على عائلة من ثلاثة أطفال ووالدين وجدة يقيمون جميعًا بهيروشيما، بطلة القصة (سوزوسان) طفلة تجمع الطحالب مع الأخ، تحب الرسم، تستخدم دائمًا يدها اليمنى، تحب الرسم وتجيده، كما تجيد الحكايات، التي تسلي بها أختها الأصغر، عن الوحوش التي تقابلها عند جمع الطحالب، وفتى صغير ليس من هذه المدينة، تقابله على الجسر ثم تنسج حكاية مقابلته في نسيج الحكي اليومي، ترسم كل هذا للأخت الأصغر، وتمر الأيام بالرسم والحكايات وظهور لفتى آخر لكنه متعجرف هذه المرة، وسوزو سان معجبة به، ترسم لأجله، لأنه أهداها قلمًا، فإذا جاءت سن الثامنة عشر، تقدم أحداهما لخطبتها، وتظنه هي المتعجرف.

خطوط متوازية
جمال فيلم In This Corner of The World متجسد في كونه حبكة متميزة، وخطوط الشخصيات تسير بالتوازي، فهناك علاقة البطلة بالزوج وأهله، الأخ الذي عاد منه جراء الحرب مجرد صندوق رمزي يقول: "لقد كان هنا رأس أخيك"، ظهور الفتى المتعجرف ثانية، الجيران الجدد، تصاعد القلق والتشتت كلما كبرت بطلتنا، ابنة أخت الزوج الصديقة التي سرعان ما تفقد، إثر الحرب أيضًا.

فيلم In this Corner of the World يُبكي ويضحك، ويقدم لك التاريخ والحياة الاجتماعية، دون أن يضعك في مأزق مشاهدة الأشلاء على الشاشة

ولم تكن الفتاة المفقود الوحيد، فلقد فقدت البطلة جراء الحرب والقنابل، يدها، مساعدها على إنجاز الأعمال المنزلية، الرسم، والإمساك بيد الصديقة، ورغم كل هذه التضحيات، الأيام التي مرت بدون مؤن، والأيام التي قد تحمل مع الحرب ألمًا آخر، فإن بطلتنا حينما تستمع إلى خبر انتهاء الحرب تصرخ: "ألم يقولوا أننا سنحارب إلى النهاية؟ لا يزال معي قدماي ويدي اليسرى، لماذا؟".

"وكأن كل ما فعلناه ذهب بلا ثمن، يدي التي ساعدتني، والطفلة، ورأس أخي.." أنت تبكي الآن، لأن هذا انكسار ربما عشناه جميعًا، ليس مع الحرب فقط، بل مع انهزام في كل جولة، في كل ثورة، في كل حرب، في كل انتفاضة، في كل مباراة ربما.

لماذا نرشح لك هذا الفيلم؟
لأن فيلم In This Corner of The World يبكي ويضحك، ويقدم لك التاريخ والحياة الاجتماعية، دون أن يضعك في مأزق مشاهدة الأشلاء على الشاشة، لأن اليابان هذا الكوكب، الذي تعتاد على تسميته، قد قالت بطلة فيلمنا في لحظة من لحظاته كما نقول أيضًا : كيف نعيش في بلد كهذه؟، لكنها استمرت فيها للأبد، وقبل كل ذلك ومن بعد لأنه فيلم جيد، ويستحق المشاهدة.

التقييم
طبقًا لرواد موقع IMDB والذين يشاركون بتصويتهم على الأفلام، فإن هذا الفيلم يستحق 7.9 كتقييم لما يقارب 3 آلاف شخص، ويصور الفيلم كل ما سبق في ساعتين و10 دقائق، تحت تصنيف "دراما التاريخ والحرب".

 

اقرأ/ي أيضًا:

أفضل 10 أفلام كوميدية لعام 2017

فيلم "Gerald’s Game".. الرعب بأسلوب مختلف وخيال مبهر