13-سبتمبر-2018

من الفيلم

ألترا صوت - فريق التحرير

فيلم "بلاك كلانزمان" فيلم سيرة، مقتبس من مذكرات "بلاك كلانزمان" للكاتب رون ستالورث. يتناول الفيلم العنصرية ضد السود في سبعينات القرن الفائت، من خلال قالب تشويقي، يمزج الجريمة والسيرة، ليقدم سخرية لاذعة. المقال المترجم الآتي يراجع العمل.


يلمع فيلم "بلاك كلانزمان" للمخرج سبايك لي مثل ماكينة لعبة كرة الدبابيس، حيث يومض ويصدر أزيزًا لينثر الاستعارات الاستغلالية العنصرية ضد السود، والمفارقات التاريخية، وهواجس غير ملحوظة لنظام ترامب الجديد. هذا هو إعادة صياغة تكتيك الدعابة، بمعنى أنه في مرحلة ما، يتحدث شخص ما عن إيجاد "وسيلة لأميركا لاستعادة عظمتها السابقة".

فيلم "بلاك كلانسمان" عبارة عن كوميديا ساخرة مُوسّعة لحرب الأعراق في السبعينيات في الولايات المتحدة

الفيلم عبارة عن كوميديا ساخرة مُوسّعة لحرب الأعراق في السبعينات في الولايات المتحدة، وهي حكاية عبور للسود وعبور للبيض، وكلها تستند إلى القصة الحقيقية لرون ستالورث، ضابط شرطة أسود من كولورادو، الذي دبر عملية اختراق الفرع المحلّي لمنظمة كو كلوكس كلان (KKK) العنصرية، عن طريق التظاهر كمتعصّب أبيض عبر الهاتف، وإرسال الضباط البيض للعمل وجهًا لوجه.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Midnight Sun".. الشمس كخلاص

ينطلق الفيلم بظهور شرفي حادّ ومُزعزِع من أليك بالدوين، وهو مقلّد عظيم لترامب نفسه في برنامج SNL، ويلعب دور متطرّف أبيض عنصري. لكن كوميديا الفيلم اللاذعة والمتناثرة، تُفسح المجال أمام الخطاب المباشر، حيث يضع لي مشاهد فيديو لعنف اليمين المتطرف بمنطقة شارلوتسفيل في الوقت الحالي وسط الدراما السبعيناتية التي صنعها، كما يضع إدّعاء الرئيس في وقت لاحق أنه يرى "أشخاص طيبين للغاية" في صفوفهم. وهذا مشابه للطريقة التي بدأ بها لي فيلم السيرة الذاتية "مالكوم إكس" بعملية ضرب رودني كينج المشينة. قد يرغب المخرج أن نتذكر ذلك، ونتأمل كيف تغير القليل جدًا في ربع قرن.

يلعب جون ديفيد واشنطن دور ستالورث، وهو شاب أسود في منطقة كولورادو سبرينغز يرغب في الانضمام إلى قوات الشرطة، ويحفزّه على ذلك تحرّكات إيجابية على مستوى الولاية ضد العنف. بعد فترة مهينة في قسم السجلات، حيث طلب منه الضباط مرارًا فتح ملف عن "الضفادع". يتم نقل رون إلى العمل السري، حيث يتعين عليه التجسس على اجتماع لحركة الفهود السود (تنظيم للدفاع عن حقوق السود)، وارتداء جهاز تسجيل وتجسس، والشعور بالكراهية لنفسه، حتى عندما يقع في حب الناشطة الجميلة، باتريس (تقوم بدورها لورا هارير).

تهينه التجربة، ولكنها بغرابة أيضًا تحوله لمتطرّف، وتلهمه ليستخدم التكتيكات السرية في إتجاه جديد. يدرك رون أنه يمتلك موهبة غريبة لتقليد الأصوات البشعة للرجال البيض، وهو مفهوم تم استكشافه أيضًا في عروض الستاند أب كوميدي مثل ريتشارد بريور وإيدي ميرفي (وسرعان ما سيتم استكشافه أكثر في فيلم "آسف لإزعاجك -Sorry to Bother You"، الذي كان صانعه بوتس رايلي ينتقد فيلم بلاك كلانسمان لتقديمه الساذج لعمليات إختراق الشرطة).

يحتاج رون أيضًا إلى مواجهة زملائه بما تبدو عليه العنصرية اللاواعية عندما تظهر في الحديث. يتّصل رون بفرع منظمة KKK، ويتظاهر بأنه متعصب ويستخدم اسمه الحقيقي بشكل طائش. تشعر الشرطة، جزئيًا بسبب الإحراج، بأن عليهم العمل على خطة رون لإختراق KKK، ويُرسلون ضابط يهودي أبيض يُدعى فليب (يقوم بدوره آدم درايفر) لكسب ثقتهم. لا يبدو فليب أقل تضاربًا من رون.

تخلق المفارقات، جنبًا إلى جنب مع الحديث العنصري المتواصل والمثير للغثيان، جوًا خانقًا غريبًا لهذا الفيلم، كوشم متحرك، أو ملصق ثلاثي الأبعاد على مصدّ السيارة الامامي. هناك لحظات متوهجة لا تتردد في خلق تناقضات كبيرة واضحة. في الوقت الذي تقترب فيه ساعة انطلاق الإرهاب العنصري المرتقب ضد السود، يضع لي في خضم ذلك مشهد يظهر فيه هاري بيلافونت ظهورًا شرفيًا كناشط مخضرم يخاطب جمهوره، وسلسلة من المشاهد يحتفل فيها أعضاء KKK بمراسم غريبة شبه ماسونية بإنضمام الأعضاء الجدد. وتُختتم هذه المشاهد بصيحات متجاورة صريحة عن "القوة البيضاء!" و "القوة السوداء"! إنه تكافؤ ضمني يجعل الدراما شديدة الوعي بذاتها.

يبدو أن فيلم بلاك كلانزمان في بعض الأحيان يسعى للحصول على غرابة ذكية لاذعة على غرار فيلم "الاحتيال الأمريكي - American Hustle" لمخرجه ديفيد أو. راسل - ولكن أيضًا يسعى إلى نوع من التغريب البريختي (نسبة للكاتب الألماني برتولت بريخت)، وأسلوبه المسرحي الليهرشتوك (Lehrstücke)، حيث يستخدم بشكل واضح مقاطع من أفلام "ذهب مع الريح" و"مولد أمة".
يبدو أن فيلم "بلاك كلانسمان" في بعض الأحيان يسعى للحصول على غرابة ذكية لاذعة على غرار فيلم "الاحتيال الأمريكي"

لتوبير غريس دور صغير شرير وهو دور ديفيد كيوك رئيس KKK، ويتم تقديمه كموظف مثير للشفقة مرتبط بالعمل المكتبي الروتيني، على الرغم من أن الفيلم يعطي بالتأكيد هذا الرجل السخيف الكثير من المساحة للتعبير، في كل أشكاله الخيالية والواقعية.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Get Out".. أن تكون مدعوًا لا يعني أنه مرحب بك

يُصيب لي أهدافه بشكل فعال: مرارًا وتكرارًا. تستمر هذه الأهداف في الظهور مثل الأهداف في نوادي الرماية، ثم تُصاب لتسقط مرة أخرى مصدرة صوتًا مزعجًا. في هذا الفيلم، تتصادم الكوميديا و الجديّة ببعضهما البعض مثل مصارعي رياضة WWE. يترك توازن الأجواء اللامع في فيلم مثل "Get Out" لجوردان بيل هذا الفيلم مكشوفًا قليلًا، ولكنه مسلٍ. يرد فيلم بلاك كلانزمان بشراسة وببراعة على بلادة الذهن المتوطنة في قلب نظام ترامب، ويرد له الصاع صاعين بنفس عملته الخاصة.

اقرأ/ي أيضًا:

"يوم أضعت ظلّي".. عرض موت الأمل السوري في مهرجان البندقية

الذاكرة تستيقظ.. عن الخارقين وسحر الغرائبي