22-أبريل-2017

لقطة من الفيلم

دائمًا ستجد تلك الأفلام الملحمية الضخمة التي احتاجت ميزانية كبيرة ومجهودًا ضخمًا. بداية من أفلام أكيرا كوروساوا مرورًا بأفلام تاركوفسكي وسيرجيو ليون ووصولًا إلى فرانسيس فورد كوبولا.

لكن هناك أفلامًا بسيطة، ميزانياتها ضئيلة، إخراجها وقصتها وكل عناصرها في غاية البساطة، وهذه الشروط تنطبق بشدة على مخرجي الموجة الفرنسية الجديدة التي بدأت في الستينات من القرن العشرين. 

في فيلم The Aviator's Wife نجد فكرة بسيطة ويمكننا أن نعتبرها تافهة، لكن رومير لا يحاول أن يوهمك أن هذه الفكرة يكمن فيها جوهر عظيم

تحدثنا عن إريك رومير في مقال سابق، عن سينماه ككل وعن مدرسته المختلفة عن باقي مخرجي الموجة الفرنسية الجديدة. في فيلم The Aviators Wife (1981) نجد فكرة بسيطة ويمكننا أن نعتبرها تافهة، لكن "إريك رومير" لا يحاول أن يخدعك ويوهمك أن هذه الفكرة التافهة يكمن فيها جوهر عظيم، أو يحاول أن يصنع منها شيئًا عظيمًا.

بل بالعكس، يؤكد لك فيلم The Aviator's Wife أن الفكرة بسيطة جدًا ويقدم لك فيلمًا على هيئة 3 فصول في ثلاثة أماكن مختلفة وكأنك تشاهد مسرحية.

لكنك مع مشاهدة الفيلم تدرك أنه لا يوجد شيء تافه في الحقيقة. لا يوجد شيء بلا جوهر، بلا عمق. بل ربما أنت فقط لم تدركه بعد.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Mountains May Depart" هو نفس الحب وأكتر

يحكي الفيلم قصة "فرانسوا" العامل البسيط الذي يحب "آن" التي بدورها تكون مترددة بين حبه وبين نبذه والعودة إلى صديقها القديم الطيار، الذي يحمل الفيلم اسم زوجته، التي لا تظهر أبدًا!

يذهب "فرانسوا" إلى "آن" في الصباح ليخبرها أن صديقه السباك قادم لتصليح المواسير، ولكنه من بعيد يلمح "آن" وهي خارجة مع صديقها القديم فيقرر تتبع ذلك الصديق بعد ذلك طوال اليوم ليعرف حقيقة علاقته "بآن" الآن.

الفيلم غريب، يجعلك إريك رومير في فصله الأول تتعاطف مع "فرانسوا" لحبه الشديد وعذابه ويجعلك تكره "آن" التي تعذب "فرانسوا" دون أن تدرك ذلك. في فصله الثاني يجعلك تتعاطف مع صديق "آن" القديم العالق بين علاقته "بآن" وزواجه.

يحكي فيلم the aviators wife قصة "فرانسوا" العامل الذي يحب آن والتي بدورها مترددة بين حبه والعودة إلى صديقها القديم الطيار

ثم في فصله الثالث يجعلك تتعاطف مع "آن" نفسها، حين تدرك عذابها بين هذه العلاقات وحياتها غير المستقرة وعواطفها المتقلبة. معجزة يصنعها "إريك رومير" فينا، يجعلك دون أن تدرك متعاطفًا مع الجميع على حد سواء دون ابتذال ميلودرامي أو بكائيات. لا يصنع لك "شخصية طيبة" و"شخصية شريرة" كما يصنع معظم المخرجين. بل يقدم لك شخصيات طبيعية تحمل صفات من الخير والشر.

فيلم "زوجة الطيار" من الأفلام التي جعلتني أريد أن أعيش في باريس، أيقظت ذلك الحلم المنسي الذي يعاودني كلما شاهدت فيلمًا يقدم الصورة المحببة التي أحتفظ بها عن باريس؛ المقاهي الجميلة، والديكور البسيط الجميل للأماكن، الناس المثقفة التي تجدها في كل مكان دون مبالغة. أفلام قليلة قدمت هذه الصورة التي أحبها، منها مثلًا "مMidnight in Paris" للمخرج وودي ألين، و"التانجو الأخير في باريس" لبيرتولوتشي وطبعًا كل أفلام "إريك رومير".

 

اقرأ/ي أيضًا:
أطلس السينما: نيويورك سكورسيزي (1)
4 أفلام لبنانية مميزة عليك مشاهدتها