18-أكتوبر-2017

لقطة من الفيلم

يتشابه جزء كبير من أفلام الرعب الأمريكية في ثيماته ومواضيعه، ولعل ارتباط الدمى وألعاب الأطفال بخلق جو مريب ومرعب هو واحد من أشهر تلك الثيمات الغالبة على صناعة الرعب الهوليوودي. كل عام تنتج الاستديوهات الكبرى أفلام رعب جديدة، وهي غالبًا أفلام لا تكلّف ميزانية كبيرة لاستعانتها بوجوه جديدة أو من الصف الثاني والثالث، بينما على المستوى التقني تحاول شركات الإنتاج إضفاء نوع من الجذب بتقديم ملامح تقنية جديدة تساعد في ضبط الوجبة المقدمة على الشاشة.

يتشابه جزء كبير من أفلام الرعب الأمريكية في ثيماته ومواضيعه، ولعل ارتباط  الدمى بخلق جو مريب ومرعب هو واحد من أشهر تلك الثيمات

إلى هذه النوعية ينتمي الجزء الثاني من سلسلة أفلام "أنابيل" والذي يحمل عنوان "Annabelle: Creation"، لمؤلفه غاري دوبرمان، وهو مؤلف الجزء الأول نفسه قبل 3 سنوات، الذي حقق نجاحًا تجاريًا كبيرًا على مستوى العالم أكدته أرقام الإيرادات. الجزء الثاني أيضًا حقق بدوره إيرادات فاقت أضعاف ميزانيته، حيث حصد إلى الآن أكثر من 300 مليون دولار في جميع أنحاء العالم رغم أن ميزانيته لم تتعد الـ 15 مليونًا.

يرتكز فيلم "Annabelle: Creation" على قصة يقال إنها حقيقية أثارت الجدل منذ عشرات السنين، فالدمى المسكونة يقال إنه حقيقية، وهذه الدمية، أنابيل، سكنتها روح شريرة ويُعتقد أنها ما زالت مسكونة حتى وقتنا هذا، وهي موجودة حاليًا في متحف لورين وارن للغيبيات في كونيتيكت شمال شرق الولايات المتحدة، حيث يحتفظون بها في صندوق زجاجي، ويقال إن مشرفي المتحف والزوّار يسمعون الأصوات المرعبة الصادرة منها، فما هي قصة هذه الدمية وهل هي حقيقة أم خرافة؟

تبدأ أحداث الفيلم في منتصف أربعينيات القرن الماضي، حيث يعيش صانع دمى (صامويل مولينز) مع زوجته وابنته الصغيرة التي يحمل الفيلم اسمها. ينقلب هدوء وسعادة الأسرة الصغيرة بموت الطفلة في حادث سير، وتمرّ السنوات ليقفز السيناريو بالأحداث 12 عامًا، حين يقرر الزوجان فتح بيتهما لاستضافة 6 فتيات يتيمات وراهبة مصاحبة لهن، وذلك بعد إغلاق مأوى الأيتام الذي كن يعشن فيه. ومنذ الليلة الأولى تشعر الفتيات ببعض الدهشة من تفاصيل المكان وطريقة مولينز الجادة والحزينة ومنذ الليلة الأولى يحذّر مولينز الفتيات من دخول أو اقتحام غرفة معينة مغلقة بالمفتاح.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "شيخ جاكسون".. لم يجب أن نمنح عمرو سلامة فرصة أخرى؟

ولأن الممنوع مرغوب دومًا، ستستيقظ من نومها واحدة من الفتيات تدعى جانيس، وتتسلل إلى غرفة الطفلة الممنوع فتحها، لتطلق بذلك شيطانًا يبدأ في مطاردة الصغيرات وإرهابهن، بحثًا عن جسد يسكنه. جانيس فتاة مميزة، فهي تعاني شلل الأطفال، لذلك تصبح المأوى المناسب لتسكنه الدمية أنابيل، ليبدأ الرعب في الانتشار بطول البيت الملعون.

تذهب الراهبة لتتحقق من صحة وجود شيطان في المنزل ولتتحدث مع الزوجة، التي تقضي معظم وقته نائمة في غرفتها بعد أن شوّهت وفُقئت إحدى عينيها من قبل الشيطان قبل 12 عامًا، عقابًا لها على محاولتها هي وزوجها استحضار روح ابنتهما الفقيدة.

تعترف الزوجة للراهبة بحقيقة ما جرى في بيتهما المسكون بروح شيطانية جلبتها المحاولة الفاشلة للاتصال بروح ابنتها، فحاولوا حبسها في تلك الغرفة، لتسكن واحدة من تلك الدمى الخزفية التي يصنعها مولينز. بعد إدراك الزوجين وقوعهما ضحية للعبة شيطانية، يقرران أخذ الدمية الخزفية ووضعها في غرفة ابنتهم أنابيل داخل خزانة مغطاة بصفحات الكتاب المقدس، ويجعلان أحد الكهنة يبارك كل ما في الغرفة والمنزل. ورغم ذلك ستأتي جانيس وتفتح الغرفة لتطلق الشيطان.

جدير بالذكر أن الجزء الثاني من "أنابيل" سابق في أحداثه زمن الجزء الأول الذي يدور في السبعينات، وفي الجزء الأول نشاهد الفتاة المشلولة وقد أصبحت شابة، وكبر الشيطان بداخلها، وقتلت والديها بالتبني، ثم عادت لشكل الدمية التي انتقلت للعيش مع أسرة ثانية ستتلقى نصيبها من الرعب المميت بسببها.

عمومًا، فالحكاية في مثل هذا النوع من الأفلام ليست مهمة كثيرًا، فغالبًا ما ستسفر محاولات هضم الحبكة والبحث عن ضرورات فنية لوجود بعض الشخصيات عن الإقرار بتهافت الفكرة كلها، لكن المثير فعلًا في تلك الأفلام الموجهة لجمهور يبحث عن نوع من "المتعة المذنبة" هو كيفية تصوير حالة الرعب وليس أسبابها أو مقدماتها.

اقرأ/ي أيضًا: 4 علامات على أنك تشاهد فيلمًا للأخوين كوين

أغلب أفلام الرعب ترتكز على المؤثرات الخاصة للعب دور مهم في الأحداث، لكن الرعب هنا في فيلم Annabelle: Creation يكمن في الموسيقى والصورة المصاحبة لها وحركة الشخصيات وشدة الصوت في أغلب المشاهد. في الجزء الثاني، استطاع المخرج ديفيد ساندبيرغ تقديم مشاهد الرعب بحرفية واضحة، من خلال تكنيك تنفيذ كثير من المشاهد المعتمدة على الإضاءة الخافتة، التي تصل أحيانًا إلى الإظلام الكامل، في حين تبقى الشخصية المصوَّرة في المشهد في جانب مضاء من الكادر، وهي خدعة قديمة ولكنها ناجعة تثير انتباه المتفرجين لاكتشاف المجهول وسط الظلام، وفي الأثناء تأتي المفاجأة أو الحدث المرعب. مثلًا، في أحد المشاهد التي استفادت من تلك اللعبة، ضجت صالة السينما بالصراخ بعد حالة من الهدوء الحذر.

الرعب في فيلم Annabelle: Creation يكمن في الموسيقى والصورة المصاحبة لها وحركة الشخصيات وشدة الصوت في أغلب المشاهد

من ناحية أخرى، ساهم الهدوء المصاحب والموسيقى الخافتة لبداية بعض المشاهد في فيلم Annabelle: Creation في زيادة جرعة الصدمة حين تقع مفاجآت مرعبة في امتداداتها. أيضًا التركيز على إبراز فظاعة بعض الأفعال المؤذية جسديًا، أضاف رعبًا نفسيًا لمشاهد القتل والتعذيب والدم المعتادة في مثل تلك الأفلام. كل هذا بعيدًا عن أخطاء السيناريو، والوجود الفائض لشخصية الأم، وغياب سبب واحد مقنع لاستضافة الأسرة للفتيات من الأساس في بيت مسكون!

لكن فيلم Annabelle: Creation يستفيد من تلك الهفوات أيضًا بإثراء درامية حكايته، فوجود 6 فتيات صغيرات يتيمات يتيح له تقديم مشاهد عمادها إبراز الصداقة في ما بينهن وأحاديث عن الأحلام والطموحات الصغيرة، الأمر الذي يعمل في صالح تكثيف حالة تعاطف المتفرجين مع مصائر الفتيات المسكينات اللاتي أوقعهن حظهن العاثر في مواجهة شيطان دموي لا يرحم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في ذكرى وفاة أنيس عبيد.. 12 أمرًا مثيرًا عن أهم مترجمي الأفلام العرب

9 أفلام أمريكية ستطالها الفضائح الجنسية لهارفي واينستين