23-سبتمبر-2018

من الفيلم (Youtube)

صدرهذا  فيلم في صيف عام 2016، ربما لم تسمع به، يُطلَق عليه "نهاية أمريكا" (AmeriGeddon)، وعُرِضَ في مدن مختارة ليس من المعتاد أن تكون كذلك: مثل كيرني في ولاية نبراسكا، وغرينفيل في ولاية ساوث كارولينا، وجاكسونفيل في ولاية فلوريدا. ويعتبر بوابة شاسعة في تناول واقع أقصى اليمين الأمريكي وأساطيره وتنظيراته، وعليه ننقل حاصل المراجعة النقدية التي قدمتها مجلة لوس أنجلس ريفيو للكتب خلال الترجمة التالية:


يقوم فيلم AmeriGeddon بتصوير نظريّة مؤامرة رئيسيّة تردّد صداها على هامش الجناح اليمينيّ لمدة أكثر من نصف قرن: يتم ضرب شبكة الطاقة الأمريكية الضعيفة بصاعقة كهرومغناطيسيّة، لِتترك البلاد بلا كهرباء. وأثناء الفوضى التي تلي ذلك، يجري فرض الأحكام العرفية، وتُصادر أسلحة المواطنين الأمريكيين ويتم اعتقالهم وسجنهم في معسكرات اعتقال تابعة للوكالة الفيدراليّة لإدارة الطوارئ، وسيُعانون هناك حتّى يخضعوا للنظام العالمي الجديد. في AmeriGeddon، تقع مهمة مقاومة هذا النظام العالمي الجديد وإنقاذ الأمة على عاتق مجموعة صغيرة من الوطنيّين الذين لديهم "مهارات بقاء قويّة" و"ما تبقى من التعديل الثاني من الدستور". 

يستدعي فيلم AmeriGeddon أكبر مخاوفه إلى الواقع، وهو ما نعيش فيه الآن: نزوة رجل أبيض غني يستعرض نفسه كبطل في أزمة من صنعه

ليس من المستغرب أنّ تصوّرات الفيلم الرئيسيّة جاءت من المنظمات النشطة في نظريات المؤامرة المماثلة: أليكس جونز من منظمة Infowars (الذي ظهر بدور صغير في الفيلم) وجيسون فان تاتنهوف من منظمة The Oath Keepers. ويصف "المركز القانوني للفقر في الجنوب" هذه المنظّمة الأخيرة بأنها "واحدة من أكبر المجموعات المناهضة للحكومة في الولايات المتحدة اليوم". 

حتّى المشاهدون الذين يتشاركون معتقدات الفيلم وَجدوه مريعًا بلا هوادة. تقول مراجَعة نموذجية على الإنترنت: "هذا أشبه بفيلم قام به اليسار الليبراليّ للسخرية من اليمين المسيحيّ المحافظ. أتفق مع رسالة الفيلم، لكن هل يمكن على الأقل الحصول على مخرج لائق وممثلين لائقين! شعرت بالحرج لمشاهدة هذا الفيلم، واضطررت إلى إيقافه بعد 20 دقيقة".

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "BlacKkKlansman".. الرد الشرس على بلادة نظام ترامب 

في أحد المشاهد، شخصيّة سياسيّة غامضة في ناطحة سحاب في دبي تستدعي الرئيس الأمريكيّ. وبلهجة ناتجة عن التدريب الصوتيّ على لهجات وسط الأطلنطي -والتي تهدف هنا إلى إيصال إيحاء غامض و"أجنبي" بشكل سيّئ- يخبر هذا الشخصُ المشؤوم الرئيسَ: "كنتَ تعرف جيّدًا عندما قمنا بفحصك أن هذا اليوم سيأتي. حسنًا، لقد قررتُ أنا واللجنة أنّ الآن هو الوقت. كانت هذه مكالمة وديّة، وليست تحذيرًا ولا تهديدًا. عندما تبيع روحك، فهذا يحدث مرة واحدة. لا يمكن التراجع عن ذلك". 

نفهم من هذا أنّ الرئيس قد تم انتخابه فقط من خلال التأثير والتلاعب مِن قِبَل عصابة غامضة. وتتسلّل هذه العصابة إلى الحكومة الأمريكية والجيش الأمريكي عن طريق التواطؤ مع الروس بشكل أساسي. وبهذه البساطة، يتحول هذا الفيلم اليمينيّ ذو الدرجة المتدنيّة إلى نبوءة!

يكهن فيلم AmeriGeddon بصورة عجيبة الطريقة التي أدى بها الخيال الاجتماعي اليميني في الأشهر التي سبقت انتخابات عام 2016

خلال انتخابات عام 2016 ، كتب مايكل موريل، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزيّة الأمريكيّة، مقالةً توضيحيّة شرح فيها مخاوفَه بشأن ما وصفه بأنه استمالة بوتن للمرشح ترامب: "في مجال الاستخبارات، كنّا نقول أنّ السيد بوتين جنّد السيد ترامب كعميل غير مقصود للاتحاد الروسي". لاحقًا تمّ رفض هذه المخاوف بحجّة أنها مبالغ فيها.

نشاهد الآن ترامب يقف بجانب بوتين في العاصمة الفنلنديّة هلسنكي، منقادًا ومُتلاعَبًا به، في ذروة فيضان القصص الإخبارية بلا توقف على مدى عامين، والتي أظهرت مدى التسلل الروسيّ المذهل في الحياة السياسيّة الغربيّة: تورّط روسيّ في خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبيّ (البريكسيت). روسيا تتلاعب بالاتحاد الدوليّ لكرة القدم. قراصنة روس يستهدفون محطات الطاقة النوويّة الأمريكيّة. الروس يخترقون أنظمة الانتخابات في 39 دولة. عمليّة روسيّة تستهدف أعضاء الخدمة الأمريكيّة والمحاربين القدامى عبر الأخبار الوهمية والمتصيّدين المؤيّدين لبوتين، في محاولة لتحويلهم إلى طابور خامس. مجموعات "غامضة" مرتبطة بالاستخبارات العسكريّة الروسيّة تنشئ مواقع إلكترونيّة تحاكي مراكز الأبحاث الأمريكيّة المحافِظة. حوادث الموت الغريبة لمنتقدي بوتين - بالسم في لندن أو سقوطًا من نافذة في موسكو.

اقرأ/ي أيضًا: الذاكرة تستيقظ.. عن الخارقين وسحر الغرائبي

وكلّ هذا قبل أن تصل إلى تحقيق مولر في التدخّل الروسيّ في الانتخابات والتواطؤ مع حملة ترامب. اجتماع دونالد ترامب الابن مع شركاء بوتين المعروفين في محاولة للبحث عن فضائح هيلاري كلينتون. مدير حملة ترامب، بول مانافورت -والذي أُدينَ بالفعل في ثماني تُهمٍ بالاحتيال- على وشك العودة للمحاكمة في أيلول/سبتمبر بشأن ملايين الدولارات التي حصل عليها في صورة قروض من رجال أعمال روس خلال الانتخابات. مايكل كوهين، وريك غيتس، ومايكل فلين، وجورج بابادوبولوس - وهناك قائمة لا نهاية لها من شركاء ترامب الذين يتعاونون الآن مع التحقيق الذي كشف تورُّطهم المتشابك في ضغوط أجنبيّة بغيضة.

كيف تنبأ AmeriGeddon بذلك؟

غاري هيفين، وهو كاتب ومنتج ونجم الفيلم، صنع ثروته كمؤسس ورئيس تنفيذي لشركة Curves، وهي صالة لِلياقة البدنيّة النسائيّة تتمتّع بشعبيّة كبيرة، والتي كانت آخر صيحات الموضة في أواخر التسعينات وأوائل الألفيّة. في عام 2011، جسّدَ هيفين مع وزوجته شريكته في Curves، دَايان، نجاحَهما الأمريكيّ تمامًا في The Secret Millionaire، وهو من برامج تلفزيون الواقع، حيث يذهب أصحاب الملايين متنكّرين إلى أحياء فقيرة، ثم يصبح لديهم نوع من الصحوة حول إنسانيّة وطيبة الفقراء؛ وفي نهاية الحلقة، يقدِّمون تبرُّعًا كبيرًا. ربما كان هذا هو ذروة ظهور هيفين في وسائل الإعلام الرئيسية. وإذْ أصبحَت آراؤه الدينيّة والسياسيّة أكثرَ علانيّة -فهو مسيحيّ إنجيليّ مؤيِّد للاتحاد القوميّ للأسلحة، ويرعَى المجموعات المناهضة للإجهاض بشكل شرس، وأحد مؤيِّدي ترامب الأوائل، وأحد الداعين إلى الاستعداد ليوم القيامة، و"ممن يملكون الحقيقة" بخصوص هجمات 11 سبتمبر- فقد أصبح ظهوره الإعلاميّ مقتصِرًا على برامج إذاعيّة هامشيّة.

يوثق فيلم  AmeriGeddon تورط الجناح اليميني في جعل مخاوفه الغريبة حقيقة واقعة

يجسّد غاري هيفن بشكل كامل جنونَ الجناح اليمينيّ، الموصوف في مقال ريتشارد هوفستاتر الخالد سنة 1964 حول التفكير التآمُريّ، "الأسلوب الارتيابيّ في السياسة الأمريكيّة". يعتقد هيفن -في كلمات هوفستاتر- أنّ أحداث العالم لا تتكشّف "كجزء من مسار التاريخ، ولكن كعواقِب مترتِّبة على إرادة شخص ما" - إرادة عدوٍّ واحد لديه قوّة سريّة وغير محدودة. وهو يرى شرورَ هذا العدوّ "قبل أن تكون واضحة تمامًا لجمهور لم يعرف بعد". ومِن ثمَّ، فإنَّ الصدامات الاجتماعيّة ليست صراعاتٍ سياسيّةً يمكن التفاوض بشأنها، بل إنها معارِك "بين الخير المطلق والشر المطلق"، يخوضها حتى النهاية أولئك المصابون بلَوْثة الارتياب، والذين يعتبرون أنفسهم أبطالًا. بعبارة أخرى، لقد كتَبَ هوفستاتر عن غاري هيفين قبل عقود من كتابة غاري هيفين لفيلم AmeriGeddon.

يبدو أنّ فيلم AmeriGeddon مشروع إعلاميّ تافه، وليس هذا أوضح منه في أداء غاري هيفين كنسخة بطوليّة من نفسه: فهو تشارلي، المُزارِع الثريّ في تكساس، والذي تراقبه الحكومة الأمريكية عبر سِربٍ متواصل من المروحيّات السوداء، لأنه يعرف أكثر ممّا ينبغي. لا يزال مصدر ثروة تشارلي غامضًا بشكل كافٍ - ربما لأنّ فكرة أنّ خزائنَه كانت مليئة بفضل جهود وعَرق نساء في منتصف العمر لم تكن كافية لإرضاء غروره. وهو عازب بشكل مريح - يعيش في مزرعته وحده، يستعد للهجوم الوشيك للنظام العالميّ الجديد. (حسنًا، يكون وحده أغلب الوقت. تلعب أنالين ماكورد، المشهورة بدورها في مسلسل 90210، دورَ كيميائيّة وعبقريّة في مجال الذخائر، تعمل لدى تشارلي بدوام كامل لإنشاء وتخزين الأسلحة للمعركة القادمة. بالتأكيد، لِمَ لا؟).

يحتفظ تشارلي بدائرة صغيرة من الأصدقاء الموثوقين، الذين تمكنوا بطريقة ما من العودة إلى المزرعة في الوقت الذي يظهر فيه الروس الأشرار في محاولةٍ لاغتياله. تضمّ المجموعة أسطورة الشاشة، ديان لاد، التي تلعب دورَ العجوز عاشقةِ الميليشيات. عندما تُومِض الأضواء لفترة وجيزة أثناء تناول العشاء، تَعرِف على الفور أنّ السببَ في ذلك هو النبض الكهرومغناطيسيّ الضخم الذي كان الجميع في انتظاره. وفقط لأنّها ديان لاد، يُمكنها حقًّا فعلَ ذلك.

إنّ نصَّ غاري هيفن يكافِح لربط الخيوط الملتبسة لمعتقداته السياسيّة في رؤية واحدة موحّدة للعالَم (الأمم المتحدة، التي تقودها روسيا والصين، تعمل كواجهة للنظام العالمي الجديد. وكذلك الأطعمة المعدلة وراثيًّا سيّئة. وأيضًا، الأكاديميا هي بالوعة الحركات النسويّة المُلحِدة. وكذلك يجب أن تستقلّ تكساس). إذا كان هنالك شيء ما، فإنّ منطقَه السرديّ يتلخص في الآتي: تشارلي (بمعنى، غاري هيفين) كان يعلم ما هو آتٍ، لقد كان على حقّ طوال الوقت.

أصبح تورط اليمين المسيحي في الأشياء ذاتها التي يعلن رفضه لها أمرًا متوقعًا في الحياة السياسية الأمريكية

الذروة العاطفية للفيلم ليست المعركة مع الروس ولكن المشهد الذي يحدث قبلها: بينما يستعدون للمواجهة، تسأل جارة تشارلي (التي تقوم بدورها دينا ماير المتألقة)، وهي تبكي، "هل كان بإمكاننا أن نعرف - منذ البداية؟" "نعم،" أجاب تشارلي وقد بدت عليه السعادة. نعم. نعم، كنت على حق طوال الوقت.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Border Politics".. جوليان برنسايد يحكي محنة اللاجئين المحزنة

يظهر هذا المنطق في شخصية بيني، ابنة روجر صديق تشارلي، عضو مجلس الشيوخ الليبرالي عن ولاية تكساس. يظهر روجر وبيني في وسط مناقشة محتدمة حول تشارلي. تسأل بيني والدها، "لماذا تضيع وقتك مع هذا الفاشستي المجنون؟ لقد شاهدت هُراءه على الإنترنت، إنه مثير للاشمئزاز! " على الطرف الآخر من خطاب بيني المتعالي، يخبرها والدها بلطف - في أحد حبكات الفيلم التي يصعب تصديقها- أن تشارلي اليميني هو في الواقع أكبر داعميه. ترمز بيني إلى فشل التعليم الليبرالي. وهي تنادي بالإجهاض وتكره تشارلي لعدم إعادة توزيع ثروته. وقد دخلت مساكن الطلبة وهي تتفاخر بأن أستاذتها ستقوم "بنشر بيانها النسوي"، بعد أن أشادت بها لقضائها على "ثقافة الإله والأسلحة".

ومع ذلك، خلافًا لغيرها من الأعداء في فيلم AmeriGeddon، تعفى بيني من العقوبة - بلا شك لأنها صغيرة، وبيضاء، وجميلة. سوف تتعلم على الجانب الآخر من الضربة الكهرومغناطيسية أن لَكْم الأشرار يشعرك بالرضا. وأن صديقها عازف الجيتار قد يتخلى عنها في وقت الأزمة؛ وأنه لا يوجد ملحدين في الخنادق؛ ولا توجد نسويات على الجانب الصحيح من التاريخ؛ وعندما تنزل النوازل، سيكون كل هؤلاء الطلاب الجامعيين عديمي الفائدة أول من يختفي. يأتي تشارلي لإنقاذها بمروحيته، ويخرجها من الحرم الجامعي الذي يحترق. ثم تعود إلى صديقها السابق، الجندي، وتدرك خطأ الطريق الذي سلكته.

مع فكرة (تشارلي كان محقا) المحورية، يصبح واضحا لماذا يظهر الفيلم و كأنه تم تصويره للعرض بعد المدرسة. ليس لفيلم AmeriGeddon أهداف سينمائية غير جعل هذا العالم يبدو "حقيقيًا"، بمعنى، قابل للتصديق. تم تصوير الفيلم في مزرعة هيفن الريفية في تكساس وحولها، ويعتبر الموقع أفضل ما يمكن لصانعي الأفلام القيام به مجانًا، ولا يساعد كثيرًا في سرد الرواية. مشاهد الحشود قليلة و ضعيفة المستوى؛ تتألف التأثيرات البصرية من شاشة خضراء غير ملائمة وانفجارات منشأة بواسطة الحاسوب (CGI) مختارة بعناية؛ المعركة الأخيرة تكرر نفس المقاطع عدة مرات. ربما أنفقوا المال كله على أجور أنا لين ماكورد وديان لاد.

فشلت محاولة هيفن لجعل رؤيته الداخلية تبدو ملموسة، و حقيقية، ومحتملة. إن نظريات المؤامرة تجد أرضًا خصبة في فجوات العقل، في العمل الإبداعي لتخيل الصلات عبر شروخ المنطق.

في الوقت نفسه، لا يزال فيلم AmeriGeddon يتكهن بصورة عجيبة بالطريقة التي أدى بها الخيال الاجتماعي اليميني في الأشهر التي سبقت انتخابات عام 2016. يوثق الفيلم تورط الجناح اليميني في جعل مخاوفه الغريبة حقيقة واقعة.

منذ الانتخابات، عانى جزء من الولايات المتحدة من أطول انقطاع في الطاقة الكهربية في تاريخنا، مع كل ما يمكن توقعه من الموت والدمار. فقط لم يكن البر الرئيسي ولم يكن من هجوم بقنبلة كهرومغناطيسية. كانت بورتوريكو، التي ضربتها عاصفة تكشف عن الرعب الوشيك لتغير المناخ، الذي لا يزال اليمين الأمريكي يرفض الاعتراف بأنه من صنع الإنسان. وبالطبع، لا شك أن روسيا قد حققت انتصارات لا يمكن إنكارها في اختراق حكومتنا، من خلال مرشح يبدو أنه الشخص الذي قاد من أجله هيفين حملة انتخابية وصوت لصالحه.

يؤمن AmeriGeddon بعالم لا يحمي المواطن الأمريكي فيه من الاختراق الأجنبي سوى السلاح، الكثير والكثير من السلاح. ومع ذلك، وبينما كان يتم تصوير الفيلم وتوزيعه، كانت الجاسوسة الهاوية الروسية ماريا بوثينا تشق طريقها - دون بذل الكثير من الجهد فيما يبدو - تتدرج في مناصب الاتحاد القومي للأسلحة ومؤتمر العمل السياسي المحافظ. وفي الوقت نفسه، يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) حاليا بالتحقيق في الجهود المنفصلة للمانحين الروس المؤيدين لبوتن لتوجيه التمويل إلى الاتحاد القومي للأسلحة خلال نفس الإطار الزمني.

كتب هوفستاتر في مقال بعنوان "محاكاة العدو"، "من الصعب مقاومة الاستنتاج القائل بأن هذا العدو هو محاكاة للنفس بطرق متعددة. يذكر كيف أن جماعة كوكلكس كلان (KKK) المناهضة للكاثوليكية قامت بتقليد الكاثوليكية في ملابسها الكهنوتية، والطقوس المتقنة، والتسلسل الهرمي التنظيمي، وكذلك كيف أن جماعة جون بيرش في الستينات من القرن العشرين (الذي أدى هوسه بفكرة أن الأمم المتحدة واجهة للنظام العالمي الجديد إلى ظهور مجموعة معتقدات التي يقوم عليها فيلم AmeriGeddon أعادت بناء هياكل الخلايا والمجموعات الأمامية من نفس الشيوعيين الذين كانوا مصممين على اجتثاث جذورهم.

مع انتشار البارانويا وسيطرتها في نهاية الأمر على التيار المحافظ، أصبح تورط اليمين المسيحي في الأشياء ذاتها التي يعلن رفضه لها أمرًا متوقعًا في الحياة السياسية الأمريكية. نحن نزعم أن أعضاء الكونغرس الجمهوريين متورطون في الشيء الذي يهاجمونه أكثر من غيره. تيم مورفي، الناشط المناهض للإجهاض أجبر صديقته صغيرة السن على إجراء عملية إجهاض؛ ترينت فرانكس، الإنجيلي المحافظ، يقيم علاقات غير شرعية مع المتدربات.

يمثل دونالد ترامب نفسه المستويات الأكثر تطرفًا  للأداء اليمين المخادع،  فقد ألقى باللوم على هيلاري في تزوير الانتخابات أثناء قيامه بتزوير الانتخابات

يبدو أنه جزء لا يتجزأ من الثقافة التي يخرج منها هؤلاء الساسة. تابع وسوم #Exvangelical و #EmptythePews على تويتر؛ لكي تقرأ ما يكتبه آلاف الأشخاص الذين نشأوا في مستنقع من الاعتداء الجنسي والفساد الأخلاقي الذي يدّعي اليمين المسيحي أنه يكره ويرفض الاعتراف به. يقول مقال لمايكل جيرسون الأخير في مجلة The Atlantic أن الإدانات الأخلاقية لهؤلاء الزعماء الدينيين "أصبحت مرتبطة بانتمائهم الحزبي". كتب يقول، "هذه ليست مجرد سذاجة. إنه فساد تام. إن هؤلاء القادة، الذين أعمتهم القبلية السياسية والكراهية لخصومهم السياسيين، لا يستطيعون رؤية كيف يضرون بالقضايا التي كانوا يكرسون حياتهم من أجلها.

هذا العمى هو فقط ما يجعل من شخصية عامة مثل غاري هيفين يمثل دونالد ترامب، عابد العجل الذهبي، الخنزير الزاني - الرجل الذي يطلق على هايتي، البلد الذي أرسل إليه هيفين نفسه بعثات إنقاذ، "المكان المقرف"- حاملًا لرايتها. يمكن رؤية حتمية الفشل في مثل هذه المحاولة بشكل مرئي في لوحات الفنان المحافظ جون ماكنوتون التي تصور ترامب كيسوع الأمريكي. هذه الصور التي تثير الاشمئزاز - ترامب يحتضن العلم، أو يُعلِّم طالب جامعي أبيض صيد السمك بكل لطف، كواشنطن وهو يعبر ديلاوير مع "جنوده" - جون كيلي، مايك بومبيو، مايك بنس، وميلانيا وإيفانكا وسارة وكيليان كلهم يرتدون الملابس المموهة ويحملون البنادق - تنهار في محاكاة ساخرة تحت وطأة انعدام مصداقيتهم.

يمثل دونالد ترامب نفسه المستويات الأكثر تطرفًا لهذا الأداء: فقد ألقى باللوم على هيلاري في تزوير الانتخابات أثناء قيامه بتزوير الانتخابات؛ اتهم مؤسسة كلينتون باستغلال النفوذ في حين كان يبيع النفوذ لمن هو على استعداد لشرائه. وعد "بتجفيف مستنقع" واشنطن العاصمة، بينما قام بتعيين رجال أعمال فاسدين جدًا في مواقع للإشراف العام. في أعقاب اجتماع هلسنكي، اتهم ترامب ألمانيا بأنها "خاضعة بالكامل لسيطرة روسيا". يمكننا فقط تخيل ماذا يعني ذلك بالنسبة للولايات المتحدة.

يستدعي فيلم AmeriGeddon أكبر مخاوفه إلى الواقع، وهو ما نعيش فيه الآن: نزوة رجل أبيض غني يستعرض نفسه كبطل في أزمة من صنعه، يتصارع مع نفسه مع بينما يحترق العالم.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

فيلم "المتسلل ليلًا".. صورة الحياة التي صنعوها لك

"The Spy Who Dumped Me".. الجاسوسية ببطولة أنثويّة

كونستانس وُو.. كيف فرضت آسيا وجوهها في هوليوود؟