13-أغسطس-2019

من الفيلم (IMDB)

تبث شبكة نتفليكس فيلمًا عن قصة حقيقية لإنقاذ ما عرف بـ"اليهود الفلاشا"، وترحيلهم إلى إسرائيل في أعقاب الحرب الأهلية. استوحت وقائع فيلم "The Red Sea Diving Resort" من مذكرات عميل الموساد غاد شيمرون التي انتهى بها المطاف إلى فيلم يعظّم مزاعم بطولية، بالإشارة إلى واحدة من أكثر العمليات جرأة وتعقيدًا.

أثار الإعلان عن فيلم "The Red Sea Diving Resort" ردود أفعال كبيرة في الأوساط السودانية، نتيجة لحجم المبالغات والانتهازية السياسية

الفيلم الذي أثار الإعلان عنه ردود أفعال كبيرة في الأوساط السودانية، نتيجة لحجم المبالغات والانتهازية السياسية، أخرجه جدعون راف، وشارك في بطولته كريس إفانز، نجم أفلام الخوارق، إلى جانب هيلي بنيت وأليساندرو نيفولا اللذين يلعبان دور عميلين في الموساد، وبن كنغسلي الذي قام بدور المشرف على عملية سحبهم من المنتجع، بينما تم التصوير في ناميبيا وجنوب أفريقيا، بعيدًا عن القرية الساحلية التي دارت فيها الوقائع الحقيقية.

اقرأ/ي أيضًا: عندما يرن الهاتف.. نماذج من السينما العالمية

في منتجع البحر الأحمر للغطس، تبرز شخصية إيفانز آري ليفينسون خطة جريئة "ترميم فندق إيطالي مهجور على ساحل السودان، عرف بمنتجع عروس" على بعد ثماني ساعات بالسيارة من العاصمة الخرطوم، وتم استخدامه كغطاء لتهريب اليهود الإثيوبيين من مخيمات اللاجئين إلى إسرائيل بالقوارب، ويلعب إيفانز دور العميل الذي أدار العملية مستخدمًا المنتجع الصحراوي كواجهة للعملية الاستخباراتية.

عملية تهجير اليهود الفلاشا بهدف تعزيز وجود الاحتلال الإسرائيلي في ثمانينيات القرن المنصرم، اكتنفها الغموض، ولاذ أغلب السودانيين المتورطين فيها بالصمت، ربما لشعورهم بالخيانة والتواطؤ مع جهاز مخابرات اشتهر بالإجرام والقتل، في حين أخفت إسرائيل الأسماء، واكتفت بالإشارة إلى منتجع عروس في ولاية البحر الأحمر الذي أدارت منه عملياتها السرية، ولم يُبرز حتى الفيلم تلك الأدوار، واكتفى بإضافة لمسة من الذوق الدراماتيكي لعملاء الموساد، وهو أمر متوقع، في حين أن الأحداث برمتها مشاعة التفاصيل في السودان، بخلاف ما صوره العمل السينمائي .

"في البداية تم الاتصال بالسلطات الإسرائيلية من قبل نشطاء بيتا إسرائيل الإثيوبيين يسألون عما إذا كانوا يستطيعون المساعدة". يقول أبينك إنه كان هناك بالتأكيد. طلب أحد هؤلاء النشطاء هو فريد يازازو عكلوم الذي كان مصدر إلهام لشخصية ويليامز، بعد فراره من منزله في تيغري، شمال إثيوبيا، والمشي على مسافة 300 ميل إلى الخرطوم بالسودان. كتب أكلوم خطابًا دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن إلى تكليف عملاء الموساد بإنقاذ بيتا إسرائيل، هكذا ولدت الحبكة السينمائية.

دارت كواليس الرواية في مركز الغوص والاستجمام الصحراوي على الساحل الشرقي في السودان، وهو كما يبدو خلال الفيلم، مزيج من الأجواء الرائعة والشواطئ الرملية والشعاب المرجانية، بما في ذلك حطام السفن قبالة ساحل شرق أفريقيا، إذ لا يزال قِبلة للسياح من كل بقاع العالم. ووفقًا لتسلسل الأحداث، فقد تم تأهيل منتجع عروس من قبل وكالة الاستخبارات الإسرائيلية، التي زارها نشطاء مخيمات اللاجئين السودانيين بالشاحنات وهم يحملون اليهود الإثيوبيين، المعروفين أيضًا باسم بيتا إسرائيل، في الرحلات المغادرة عبر السودان للعودة إلى المنتجع، قبل ترحيلهم ونقلهم جوًا إلى تل أبيب.

بدأت العملية بتأمين ترحيل يهود الفلاشا من منطقة "القضارف" الحدودية المتاخمة لإثيوبيا وحتى مطار الخرطوم، وتأمين منطقة ركوبهم الطائرات، على مدى شهر ونصف بدأت من تشرين الأول/أكتوبر 1983 وحتى منتصف تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه، وتم ترحيل ما لايقل عن 25 ألف يهودي لتوظيفهم في عمليات الاستيطان التي لم تتوقف حتى اليوم.

في آذار/ مارس 198 عندما تم إطلاق النار على الإسرائيليين من قبل وحدة عسكرية سودانية، تبعتهم و"حمولتهم البشرية" إلى الشاطئ، معتقدين أنهم مهربون. ويروي الفيلم أن الكمين حدث في الوقت الذي كان فيه الوكلاء يحمّلون آخر مجموعة من الإثيوبيين على متن قارب مطاطي يرسلهم للالتقاء بزورق بحرية إسرائيلية تنتظر في المياه الدولية، وبينما كانت الطلقات تطير فوق رؤوسهم، بدأ أحد الإسرائيليين يصرخ على الضابط السوداني المسؤول. "ماذا تفعل، أنت مجنون؟ كيف تطلق النار على السياح؟"، وهدّده بتقديم شكوى إلى الجهات العليا، فانطلت الخدعة على خفر السواحل السودانية، وكشف أن 17 طائرة نقل جوي هبطت مؤقتًا في الصحراء السودانية وأقلعت باليهود الإثيوبيين.

في فيلم "The Red Sea Diving Resort"، يبدو الهدف الأبرز طرح "المنقذ الأبيض" في السرد لاستعادة ما عرف بالقبيلة اليهودية المفقودة

داخل "منتجع البحر الأحمر للغوص" كان الهدف الأبرز كما يبدو طرح "المنقذ الأبيض" في السرد لاستعادة ما عرف بالقبيلة اليهودية المفقودة، وقال المخرج جدعون راف إن الجالية الإثيوبية "كانت شريكة حقيقية في هذه العملية وأنهم الأبطال الحقيقيون لهذه القصة"، إلى جانب ذلك من المهم الإشارة إلى أن صدور الفيلم يأتي في مرحلة سياسية وأمنية متوترة داخل إسرائيل، حيث اندلعت احتجاجات واسعة النطاق، بعد إطلاق النار على سليمان تيكا البالغ من العمر 18 عامًا، في ذكرى مقتل الإثيوبي الإسرائيلي الـ11 على يد الشرطة خلال العشرين عامًا الماضية.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "The Great Hack".. هكذا يتم التلاعب بك

ركزت وفاة تيكا على مظالم الجالية الإثيوبية التي يبلغ قوامها 150.000 فرد تقريبًا، والتي عبر أعضاءها عن خيبة أملهم من العنصرية والتمييز في البلاد منذ موجات الهجرة الرئيسية الأولى التي بدأت بهذه العمليات في الثمانينيات، مع المخاطر التي أحيطت بها وموت آلاف اليهود الفلاشا في الصحراء القاسية، وفوق ذلك انتهى الحال باليهود الإثيوبيين إلى شعور بالدونية والعنصرية وعنف الشرطة، ولا أحد يستطيع تخيل حجم معاناتهم الطويلة، وكثير منهم قرر الهرب إلى أوروبا لأن "الوطن البديل" لم يكن ملائمًا للعيش إطلاقًا.

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم "Operation Finale".. القبض على أدولف آيخمان

فيلم "ألم ومجد" لألمودوفار.. سيرة ذاتية تمجّد عتبة الألم