14-يناير-2017

أحد مشاهد فيلم "سعداء سويًا"

في عام 2015 قدم المخرج "تود هاينز" فيلم Carol من بطولة كيت بلانشيت وروني مارا، حيث قدم قصة سيدة غنية وفتاة تنشأ بينهما صداقة في فترة قصيرة، ثم تتحول هذه الصداقة إلى حب لا يلبث أن يتحول إلى علاقة جنسية. المميز في الفيلم أنه يقدم بداية هذا الحب وتطوره دون إغفال تفاصيل أو تسريع في الأحداث. لكن فيلم (Happy Together-1997) يقدم مشاكل هذا الحب.

في فيلم "Happy Together" يريد المخرج "وونغ كار واي" أن يقدم فكرة الوحدة التي يعيش فيها بطلا قصته

يقدم فيلم "Happy Together" قصة "لاي يو فاي" و"هو بو ونج" حيث يقدم الصداقة والعلاقة الجنسية بينهما. الأول له شخصية ضعيفة بينما الثاني يملك شخصية قوية. يترك الاثنان موطنهما هونج كونج متوجهين إلى الأرجنتين لرؤية "شلالات إجوازو"، لكن تفشل الرحلة وينتج عنها انفصال الصديقين.

اقرأ/ي أيضًا: الفيلم البرازيلي "أكواريوس" ..امرأة بوجه مدينة

لا يقدم فيلم Happy Together مشاهد جنسية بمبالغة كما قد يخطر على بالك، أقل مشاهد في الفيلم كانت تلك المشاهد.

للمخرج "وونغ كار واي" أسلوب مميز يمكنك أن تلمسه من المشاهد الأولى للفيلم، فمثلًا في فيلم (In the Mood for Love) الذي يقدم قصة حب تنشأ بين زوج وزوجة اكتشفا أن زوجيهما يخونانهما مع بعضهما، ودون أن يدرك الزوجان تنشأ بينهما قصة حب. لذلك نجد حركة الكاميرا أهدأ مع بعض مشاهد الحركة البطيئة، متبوعة بموسيقى في غاية الجمال، وكأن المخرج يصف تطور علاقة الحب بين البطلين ببطء. أيضًا كانت الكاميرا تأخذ زوايا كأنها تختلس النظر إلى البطلين وهو الشيء الذي كانا يخافان منه، أن يراهما أحد معًا.

أما في فيلم "Happy Togetherا" فيختلف الأسلوب الإخراجي قليلًا، فهو هنا يريد أن يقدم فكرة الوحدة التي يعيش فيها بطلا قصته. فنجد مثلًا أن معظم المشاهد تبدأ بكادر واسع حيث نرى أحد البطلين أو كليهما -حسب المشهد- يملأ جزء صغير من الكادر، بينما باقي الكادر خال من أي أشخاص.

اقرأ/ي أيضًا: ميازاكي..أرواح الأطفال وريث لذاكرة الأجيال

بعد الانفصال يستأجر "لاي يو فاي" غرفة صغيرة -والتي أجدها ترمز إلى الصداقة بين الاثنين- ويحاول نسيان الماضي. لكن "هو بو ونج" يقع بمشاكل تؤدي إلى إصابته جسديًا والمكوث عند صديقه القديم في الغرفة. نجد أن شخصية "لاي" الضعيفة قد أصبحت قوية حيث يرفض أي اتصال جنسي بصديقه وتظل العلاقة بينهما علاقة صداقة يشوبها بعض الفتور، بينما أصبح "هو" ضعيف الشخصية يحاول التقرب إلى صديقه نادمًا على تركه له.

لكن نكتشف أن "لاي" يكذب، وأنه ما زال يحب صديقه، فنراه مثلًا يراقبه وهو نائم، وفي مشهد آخر يغضب حين يخرج "هو" بعد شِفائه دون عِلم الآخر، فيظن "لاي" أن صديقه ينام مع شخص آخر. تظل العلاقة في اضطراب حتى يظهر "تشانج".

يعمل "تشانج" و"لاي" سويًا في مطعم، وتنشأ بينهما صداقة، لكن هذه المرة لا يحمل "لاي" أي نوايا جنسية من ناحية هذه العلاقة، بل يعتبر "تشانج" صديق عزيز. ويضع المخرج أمامنا العلاقتين ودون أن ندرك نجد أنفسنا نقارن بين العلاقتين. يرى "لاي" الشلالات، لكن دون صديقه، وحيدًا. ووحيدًا يعود مرة أخرى إلى هونج كونج تاركًا الماضي خلفه، بادئًا حياة جديدة. أما "هو" بحث عن صديقه فلا يجده، فيستأجر الغرفة التي مكثا فيها معًا. فالأول كان قد تحرر من هذه العلاقة/الغرفة، بينما الثاني ما زال حبيسًا لها.

اقرأ/ي أيضًا:

 فيلم "أهلًا بكم في هارتمان".. حرب على التنميط

فيلم "مولانا".. دعاية أم هداية؟