02-ديسمبر-2022
"The Hand Of God"

من الفيلم

"The Hand Of God" (يد الله) فيلم درامي من إبداع الكاتب والمخرج الإيطالي باولو سورينتينو، تدور قصته حول الشاب فابيتو سكيزا الطامح لتحقيق أحلامه. تقع أحداث القصة في مدينة نابولي الإيطالية المليئة بالحياة في ثمانينات القرن الماضي. سورينتينو صانع أفلام منها The Great Beauty الذي نال الأوسكار عنه، وأيضًا فيلم Divo II، وكذلك مسلسله The Young Pope.

مدة الفيلم 130 دقيقة ومن تمثيل فيليبو سكوتي وطوني سيرفيلو وتيريزا سابونانجيلو ومارلون جوبيرت ولويزا رينيرا، وغيرهم من الممثلين الذين اختارهم سورينتينو جميعًا من مدينة نابولي. وإلى جانب الفيلم، تعرض نتفليكس شريط وثائقي مدته 8 دقائق يتحدث خلاله سورينيتنو عن الذكريات التي تثيرها الأمكنة في نفسه، وحيث تلاحق الكاميرا سورينتينو في مواقع التصوير التي تم تصوير مشاهد الفيلم فيها عام 2019.

في فيلم "The Hand Of God"، تلتقط كاميرا سورينتينو سحر مدينة نابولي: بحرها ومرفأها وأشجارها وشروق شمسها ومغيبها من خلف التلال ومنازلها الملونة والمشيدة على منحدر وتزداد ارتفاعًا كلما ابتعدت عن الشاطئ

تلتقط كاميرا سورينتينو سحر مدينة نابولي: بحرها ومرفأها وأشجارها وشروق شمسها ومغيبها من خلف التلال ومنازلها الملونة والمشيدة على منحدر وتزداد ارتفاعًا كلما ابتعدت عن الشاطئ. ترسم كاميرا سورينتينو مدينة نابولي وكأنها وجه بشري من لحم ودم ومليء بالحياة، تنقل إلينا صخب المدينة وضجيحها ونتعرف إلى ناسها واهتمامتهم، فمنهم طلاب المدارس المتكومون حول كرة القدم والساعون وراءها من أجل هدف، ومنهم كبار السن الذين يتسمرون أمام الشاشة والمتشوقين لأن يتحقق حلم انضمام الأسطورة مارادونا إلى فريق المدينة.

يروي عبر فيلمه هذا حكايات مثل وصول أسطورة كرة القدم الأرجنتيني مارادونا للتوقيع مع فريق نابولي الإيطالي لكرة القدم، وما رافق هذا الخبر من حماس كبير لدى سكان المدينة. يدخلنا سورينتينو إلى الحيز العائلي الخاص به، أو الإبداعي كما يراه وكما أراد تصويره، ذلك الحيز المليء بالفرح إثر تسجيل مارادونا لهدفه بواسطة يده فيما سمي "يد الله" ضمن فعاليات كأس العالم عام 1986، وبين العائلة أحد أعمام سورينتينو وهو رجل يساري كبير في السن يصرخ بسرور بعد تعرض الإنكليز، الفريق الإمبريالي، للخسارة، ويشير إلى أن "شعب الأرجنتين المقموع من قبل الإمبرياليين الحقيرين"، ويضيف: "مارادونا عبقري. هذا عمل سياسي. ثورة. مارادونا أهانهم".

فمن خلال كاميرته يحكي سورينتينو كيف أثرت كرة القدم في الجيل الشاب الطليعي، وكيف يمكن للاعب واحد، لشخص واحد، أن يسحر ملايين الناس، أن يؤثر بهم وينقل إليهم الشغف ويحفز عندهم الطموح. أحد المتابعين من كبار السن يقول: "إن لم يأت مارادونا للعب مغ نابولي فسأقتل نفسي". يقول سورينتينو: "مارادونا شخصية مقدسة، ولم يصل مارادونا إلى نابولي بل ظهر كإله، ثمة شيء إلهي فيه".

إنه فيلم مفعم بالذاتية التي يستحضرها سورينتينو حول شبابه وأحلامه، ساردًا قصصه الشخصية مع القدر والعائلة والرياضة والسينما والحب والخسارة إبان طفولته وشبابه. فيلم بشقين: كوميدي وتراجيدي. فيلم يحكي عن حبه الأول، والمرأة الأولى في حياته التي تكبره سنًا، والنشوة والانطلاق الى الحياة، والعلاقة مع أخيه الأكبر، البكاء على فقد الأهل، الصداقة، عشق البحر، ويتابع سرد ما يتعرض له الشباب من خبرات والنضج المتكون بفعل هذه الخبرات: العراك الأول، الجنس للمرة الأولى، السيجارة الأولى، الفشل وخيبة الأمل، الموت، الضحك، والذكريات مع من نحب بكل ما تحمله من مشاعر إنسانية.

فبالنسبة لسورينتينو: "القصة الشخصية والخاصة يمكن أن تكون أو تحكي قصة عالمية". ويشير في حوار مع موقع DISCUSSINGFILM "في كثير من الأحيان، أثناء تناول العشاء مع الأصدقاء أو العائلة، يقولون لي إن الأشياء التي أخبرهم بها ممتعة ومضحكة، ومنذ سنوات مضت، اعتقدت أن جمع هذه الأشياء فكرة جيدة. كان هذا أحد الأسباب"، وأما السبب الثاني فيفصحح عنه سورينتينو بالقول "هناك أيضًا المزيد من الأسباب الشخصية مثل كل الألم الذي شعرت به عندما كنت صغيرًا، إنه شيء حملته معي طوال حياتي. وأدركت أني، على مر السنين، لم أقم بأي تحسينات كبيرة لتخفيف هذا الألم، بل لقد راكمت هذا المونولوغ الطويل في داخلي. وكان فيلم "يد الله" تمرين لبعض هواجسي وأفكاري. فكرت منذ سنوات، ربما يساعدني فيلم عن قصتي الشخصية في محاولة حل هذه المشكلة. كان هذا الألم هو أهم فكرة محفزة لصناعة هذا الفيلم".

"The Hand Of God" فيلم مفعم بالذاتية التي يستحضرها سورينتينو حول شبابه وأحلامه، ساردًا قصصه الشخصية مع القدر والعائلة والرياضة والسينما والحب والخسارة إبان طفولته وشبابه

ولد سورينتينو عام 1970 وعاش طيلة 37 عامًا في مدينة نابولي. لكن طفولته وشبابه وما اختبره في نابولي شكل مصدر وحي بالنسبة له ليكتب ويخرج فيلم "يد الله" الصادر عام 2021. فقد سورينتينو والديه بعمر 16 عامًا وشكلت هذه المرحلة فاجعة بالنسبة له ومفترق طرق. يحكي سورينتينو من خلال بطل فيلمه فابيتو سكيزا مشاكله العائلية، ويسرد حكاية والده الذي عشق امرأة أخرى غير زوجته. وكيف كان الوضع داخل المنزل معقدًا فيما ليس من السهولة انفصال الوالد عن عشيقته مما يثير المشاكل باستمرار داخل المنزل ويتعالى الصراخ بين الزوجين وتأثيرات هذا الوضع على شخصيته. وأما البطل فابيتو فيدرك أن مارادونا أنقذ حياته عن غير قصد، فبدلًا من الذهاب في رحلة مع والديه، قرر الذهاب لمشاهدة مباراة يلعب فيها مارادونا مع فريق نابولي، وبعد عودته فوجئ بخبر وفاة والديه خنقًا بالغاز.

لا يقتصر فيلم سورينتينو على كرة القدم ومارادونا، بل يتعداه إلى سرد حياة الشاب فابيتو سكيزا بكل ما فيها والأثر الذي دفعه إلى السينما وليمتهن الإخراج السينمائي بعد مشاهدته لأفلام مخرجين إيطاليين كبار شكلوا علامة فارقة في تاريخ السينما الإيطالية والعالمية ومنهم فيديريكو فيلليني وفرانكو زيفيرللي وأنطونيو كابوانو وسيرجيو ليون. يقول فابيتو "لأن الواقع مقيت، ولأن السينما تلهي الإنسان عن هذا الواقع وتأخذه إلى عالم الخيال وإلى واقع بديل".

يشير سورينتينو بالقول "ولدت في عائلة ليس لها أي ارتباط مع الفنون كالأدب أو السينما أو الموسيقى"، ويضيف: "كان أول إتصال لي مع أحد أشكال الفن هو مشاهدة مارادونا وهو يلعب لأن معاييره كانت عالية جدًا لدرجة أنها كانت قريبة جدًا من الفن".