22-مارس-2017

لقطة من الفيلم

عند سماعنا عن فيلم جديد للمخرج المغربي حكيم بلعباس، يتبادر إلى أذهاننا أن موضوع فيلمه سيكون من الواقع المعاش بكل تجلياته، يحكي عن قصص حقيقية لمغاربة بسطاء. وغالبًا ما سيتكلف بلعباس بنقل القصة كما في الحقيقة إلى شاشات السينما، بأحلامها وبخيبتها وبآلامها، ليجعلك تعيش معاناة أبطال أفلامه وأنت تشاهدها، ستتساءل لماذا كل هذا الألم في سينما حكيم بلعباس؟ لكن سرعان ما ستفهم أن المخرج معروف بتبنيه سينما الواقع. وفيلمه الأخير الذي اختار له عنوان "عرق شتا"، ليس سوى واحد من سلسلة أفلامه التي لمست الواقع وسلطت الضوء على بؤر الظلام، التي يعيش فيها مغاربة كادحون.

تدور قصة فيلم "عرق الشتاء" حول مبارك الفلاح البسيط، الذي يعيش في إحدى القرى النائية بمدينة "أبي الجعد" وسط المغرب

وتدور قصة الفيلم، ومدته 120 دقيقة، عن مبارك، الفلاح البسيط، الذي يعيش في إحدى القرى النائية بمدينة "أبي الجعد" وسط المغرب، وهي بالمناسبة مسقط رأس حكيم بلعباس. طيلة الفيلم، يحاول الفلاح والذي يلعب دوره الممثل المتألق "أمين الناجي"، إنقاذ أرضه من الحجز، بعد أن عجز عن سداد القرض الذي أخذه من البنك، خصوصًا بعدما شحت السماء وقررت ألّا تجود على المنطقة بالأمطار، لتبلغ ديون مبارك أقصاها، أمام جشع مدير البنك الذي لا ينتهي.

الشخصية الرئيسية الثانية في الفيلم، هي زوجة مبارك، والتي تؤديها الممثلة فاطمة الزهراء بناصر، والتي حصلت على جائزة أفضل ممثلة بمهرجان طنجة السينمائي عن دورها في هذا الفيلم. ويبدو أنها نالت إعجاب النقاد بتأديتها دور "عيدة"، الحامل بالابن المنتظر لمبارك لاسيما وأن ابنه الوحيد "أيوب" يعاني من إعاقة ذهنية.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Beauty and the Beast".. هل يستحق المشاهدة؟

"عيدة" التي لا تتردد في مساعدة زوجها الفلاح بالتخفيف من معاناته، وتتقاسم معه هم الأرض، أمام قسوة الديون، وشح الأمطار.

 يحاول مبارك أن ينقب عن الماء في باطن الأرض بتوجيه ضربات فأسه لكن دون جدوى، أحيانًا يغالبه اليأس، وأحيانًا أخرى يصر على المواصلة، لكن عند مشاهدتنا للفيلم سنفهم أن مبارك كان يحفر قبره بيده وهو يبحث عن أمل العيش المتمثل في قطرة ماء.

طيلة فيلم "عرق الشتاء: يحاول الفلاح\الممثل المتألق أمين الناجي، إنقاذ أرضه من الحجز، بعد أن عجز عن سداد القرض الذي أخذه من البنك

يحاول أصدقاء ومعارف مبارك إقناعه بالتخلي عن الأرض وبيعها، لاسيما بعد فشل محاولاته المتكررة في التنقيب عن الماء وحفر باطن الأرض، لكنه متمسك بأرض أجداده، رافضًا نصحية معارفه، فالأرض تعني له الكثير، ولا يمكن أن يتخلى عن "عرق الجدود" كما يقول، ومع وصول الإشعار الأخير من البنك يلدغ عقرب مبارك وهو يحاول الوصول إلى باطن الأرض بحثًا عن الماء ليحيي أرضه البور.

ومن جهة أخرى، يحاول المخرج حكيم بعلباس أن ينقلنا إلى عالم آخر متعلق بالأشخاص، الذين يعانون من إعاقات ذهنية، من خلال إسناده دور مساعد لممثل من ذوي الاحتياجات الخاصة وهو "أيوب الخلفاوي". ففي عائلة مبارك، يوجد الطفل أيوب، المتخلف ذهنيًا، سنعيش معه لحظاته الخاصة، آلامه التي لن يفهمها غيره، أمام أب لا يستطيع منادته بـ"ابني"، بل يصفه بالخليقة أو المخلوق، فمبارك يعكس الثقافة الشعبية السائدة، الرافضة بشكل قاطع أن يكون أحد أبنائها متخلفًا ذهنيًا، سيلعب أيوب دورًا رئيسيًا ومحوريًا في فيلم "عرق الشتا".

يذكر أن الفيلم نال إعجاب النقاد، وحاز على جوائز هامة، منها الجائزة الكبرى لمسابقة الأفلام الطويلة، بمهرجان طنجة السينمائي، في دورته الـ18، وحصل الممثل أيوب الخلفاوي، على جائزة أحسن دور ثان رجالي في فيلم بالمهرجان ذاته، وسبق أن عرض دوليًا في مسابقة "المهر" الطويل بمهرجان دبي الدولي السنة الماضية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

My Paradise: الألم والوقوف أمام مرايانا المهشمة

فيلم "Life".. أحد أكثر أفلام 2017 المنتظرة