23-ديسمبر-2015

مات ديمون في لقطة من الفيلم

هنا حضور آخر لقصة روبنسون كروزو، ولكن هذه المرة ليس في جزيرة معزولة على كوكبنا الأرض بل في الفضاء، وكي أكون أكثر تحديدًا، على كوكب المريخ. لقد حول المخرج البريطاني ريدلي سكوت (مملكة السماء Kingdom of Heaven، هانيبال Hannibal، رجل العصابات الأمريكي American Gangster) رواية الكاتب الأمريكي أندي وير "المريخي The Martian، 2011" إلى الشاشة الكبيرة محققًا نجاحًا كبيرًا في إمتاع المشاهدين وحقن السينما بجرعة تفاؤل.

يعمل ريدلي سكوت في فيلمه الجديد على سرد آخر لقصة روبنسون كروزو 

سَرد قصة فيلم "المريخي The Martian" ليس معقدًا؛ عاصفة تضرب طاقمًا من رواد الفضاء على سطح المريخ مما اضطر الطاقم إلى مغادرة الكوكب فورًا مخلفين وراءهم أحد الزملاء الذي فصلته العاصفة عنهم وقطعت الاتصالات بينهم، الأمر الذي جعلهم يعتقدون أنه قُتل. لكنهم كانوا مخطئين، زميلهم مارك واتني (مات دايمون) لا يزال حيًّا.

لم يضيّع رائد الفضاء وقتًا طويلًا في ندب حظّه بعد أن تُرك وحيدًا على هذا الكوكب الغريب، بل سعى فورًا إلى تأمين حياته ومعيشته لأطول وقت ممكن، والمتوقع أن يكون أربع سنوات حتى ترسل ناسا بعثة أخرى إلى المريخ بحسب جدول عملهم، خاصة مع عدم توفّر أي طريقة كي يتواصل مع الأرض. طبعًا، مساعيه شملت زراعة البطاطا والحصول على الماء بحرق الهيدرازين في إحدى مقصورات مخزن المركبة الفضائية التي تركها روّاد الفضاء خلفهم أثناء إخلائهم المفاجئ.

من حسن الحظ أن ناسا اكتشفت حركة على كوكب المريخ ونجحت في الاتصال مع واتني، وبقية الفيلم هو عرض لمساعي ناسا وزملاء واتني لمساعدته وإعادته سالمًا إلى الأرض.

استطاع مات دايمون بأدائه المميز تجنيبنا الملل الذي يمكن توقعه من فيلم يروي قصة رجل عالق لوحده على كوكب معزول، وقد عمل كاتب السيناريو درو غودار جاهدًا كي يمتّعنا ويجنّبنا العديد من التفاصيل العلمية المعقدة، وكما هو متوقع من فيلم لردلي سكوت، فقد ضمّ طاقم الممثلين العديد من الأسماء اللامعة، ولكن لا داعي للقول إن بعض هذه الوجوه كانت ذات تأثير متواضع، ليس بسبب أدائهم بل لصغر وتفاهة أدوارهم. ومن الأسماء المشاركة في الفيلم جف دانييلز، جيسيكا تشاستين، مايكل بينا، كيت مارا، شيويتيل إجيوفور، شون بين الذي أستمتع دائمًا بحضوره في السينما ولكنه للأسف ليس مقدّرًا كما يجب في هوليوود.

الفيلم ناجح بكل المقاييس الفنية والتقنية، وقد نجح ريدلي سكوت في إمتاعنا، وهو كعادته ليس خائفًا من معالجة المشاريع الكبيرة مثل فيلمه السابق "الخروج: آلهة وملوك Exodus: Gods and Kings ". لكن أكثر ما أزعجني في هذا الفيلم هو افتقاره إلى المأساة والتراجيديا الذي يتطلبه عمل يعالج كارثة كبيرة مثل هذه تطال فردًا عاديًا ومعزولًا. لقد عرض الفيلم هذه الحادثة بطريقة عملية وبروح دعابة عالية، وبالكاد شعرت بأي قلق أو أزمة وجودية لدى رجل موجود لوحده على كوكب غريب ويبعد ملايين الأميال عن كوكبه الأم. كل ما أريد قوله هو إن التفاؤل وحده ليس كافيًا. 

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم القداس الأسود.. للجريمة جذور

"فيلا توما".. الصراع في الفيلم وخارجه