09-مارس-2017

لقطة من الفيلم

لا تصنيف واضح للسينما العربية، لكن انطلاقتها جاءت رومانسية في الأصل مع أفلام "الزمن الجميل" وقصص الحبّ التي كُتبت لنهاياتها خواتم سعيدة غالبًا، ودراماتيكية في بعض الأحيان كخروج عن "قاعدة" عودة المياه إلى مجاريها بين الحبيبين بعد معاكسات القدر.

التجربة السينمائية العربية تبيّن بحسب أرشيفها أن الرعب لم يشكل يومًا نمطًا مغريًا للمنتجين. لا لقصور في النصوص، أو عجز في إمكانيات الممثلين بتأدية أدوار محكمة في قدرتها على إثارة الرعب في النفوس، ولا لغياب التقنيات القديمة والحديثة والملائمة لهذا النوع من الأفلام عن المخرجين المحترفين العرب. بل ربما لأن تلك التقنيات مكلفة إذا ما اقترنت بالحركة، أو لأن الذهنية العربية تخشى المخاطرة والتحدي.

التجربة السينمائية العربية تبيّن بحسب أرشيفها أن الرعب لم يشكل يومًا نمطًا مغريًا للمنتجين

على رفوف الأفلام العربية ومواقع الإنترنت التي توفّر للمتصفح مشاهدة أي عمل قديم أو جديد بنقرة زر، عدد متواضع من الأعمال التي تصنّف ضمن خانة "الرعب". من بينها فيلم "البيت الملعون" الذي عُرض في العام 1987 ويُعدّ أحد أبرز أفلام الخوف والتشويق، لكنّه مع ذلك يغيب عن موقع "يوتيوب" ما يستوجب البحث عنه على مواقع "غير معروفة" وقد لا تكون آمنة لأجهزة الكمبيوتر.

الفيلم تتوزع فيه البطولة على كل من ماجدة الخطيب، سمير صبري وكمال الشناوي، ويتناول بطريقة أو بأخرى فكرة مقتبسة عن إحدى روايات الكاتبة البريطانية الأشهر آغاثا كريستي، خصوصًا لجهة البيت الذي تنتقل إليه أسرة الخطيب (في دور مديحة) وصبري (في دور شريف).

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Divines".. شغف ما في مكان مسكوت عنه

لتبدأ رحلة التذكر المصحوب بالهلع وما يشبه الهلوسة عند ما يبدو أنه محاولة قتل مديحة من قبل مجرم غير معروف. ليدخل بعد ذلك الشناوي على خط الأحداث بدور الدكتور صلاح الطبيب النفسي الذي يُطلب إليه متابعة حالة مديحة.

وبعد الانعطافة التي تحدثها مريم فخرالدين بزيارتها الخاطفة لأسرة ابنة شقيقها، والتي تُفاجأ فيها مديحة أن والدتها قتلت في هذا المنزل منذ أعوام وأن والدها مات منتحرًا بعد اتهامه بقتلها، ستتوالى الأحداث المشوّقة والمخيفة في آن لتوصل إلى كشف جريمة الدكتور صلاح الذي كان قتل والدة مديحة قبل عقود بدافع الحب.

على رفوف الأفلام العربية التي توفر للمتصفح أي عمل، عدد متواضع من الأعمال التي تصنف ضمن خانة الرعب. من بينها فيلم البيت الملعون

أحمد الخطيب الذي كتب سيناريو وحوار الفيلم ثم أخرجه، تمكّن من توزيع الأحداث وربطها بطريقة جيّدة تحبس الأنفاس على امتداد ما يقرب الساعة ونصف الساعة. لكنه أفرط بعض الشيء في التلميح إلى قوى خارجة عن الطبيعة والمحسوس لجرعات إضافية من الإثارة، علمًا أن المجرم إنسي وموجود وليس روحًا هائمة أو جنيًا يظهر ثم يختفي.

ما يلعب دورًا إضافيًا في تزكية أجواء الرعب والخوف هو تلك الألوان الشاحبة التي تظهر بها المشاهد. قِدم الفيلم، ومشاهدته بعد كل تلك السنوات للمرة الأولى ربما بالنسبة للبعض، يجعله ممتعًا ومشوّقًا. خصوصًا وأن كمال الشناوي أيقونة في الرومانسية، وبالتالي فإن مشاهدته في هذا النوع من الأعمال يكتنفها إلى الاهتمام والترقّب اللذين يقودان في الخاتمة إلى شعور وافر من الرضا.

جدير بالذكر أن "البيت الملعون" سيبقى ملعونًا، رغم حلّ لغز الحالة النفسية والعصبية التي تُصيب مديحة، وهو ما تُبيّنه الحالة الختامية للفيلم. مع ظهور الشناوي داخل البيت بعد مقتله رميًا بالرصاص!

اقرأ/ي أيضًا:
نجوم أبيض وأسود.. حكايات من زمن فات
أكيرا كوروساوا: لنرسم الفيلم (4-5)