12-يوليو-2016

فيسنتي أويدوبرو

فتح فيسنتي أويدوبرو بواية العالم الأدبي بشعره الطليعي، فجدّد الشعر المكتوب باللغة الإسبانية وقتها، واضعًا تشيلي على خارطة العالم الأدبية. ولد أويدوبرو في تشيلي عام 1893، وكان من رواد التيار "الخلاق" في الأدب والفن، حيث الشاعر إله صغير، وحيث الشعر عملية خلق مستمرة لا تنتهي لعوالم جديدة تختلف عن تلك التي نعيشها، أو كما يقول فيسنتي نفسه: "أن نعيد خلق الحياة كما تخلق الطبيعة شجرة".

يرى فيسنتي أويدوبرو أن الشعر هو "أن نعيد خلق الحياة كما تخلق الطبيعة شجرة"

يقول أويدوبرو عن شعره: "ليكن الشعر مفتاحًا يفتح مائة باب كلما وقعت ورقة شجر هنا، أو مر طيف طائر، أو حيثما بحث شاعر عن شغفه في الكلمات". 
 
اقرأ/ي أيضًا: لقد مات إيلي ويزل

الفرنسية هي بطلة التيارات الشعرية، وفي أجواء جنونية مطلقة في السياسة والاقتصاد، أجواء Avant-garde كان الطليعية أو المتمردة على الشكل والمحتوى، وحيث كان الشعر يُكتب على أشكال، أو كاليجراما، كما يسميها الإسبان، فكنت ترى القصيدة على صورة شجرة، أو جرامافون أو حتى منديل لامرأة.

كان الطابع الطليعي يحمل التزامًا اجتماعيًا دون أن يكون تصريحًا واضحًا كما في حالة خوان جيلمان، ودون أن يكون غارقًا في برج عاجي كما كان روبن داريو. يقول فيسنتي في قصيدته "المدن": "في المدن يتحدث الناس 
يثرثرون ولكن لا يقولون شيئًا/ تدور الأرض العارية وتصرخ حتى الأحجار/ ويرتدي الجنود غيومًا زرقاء وتشيخ السماء في أيديهم/ والقصيدة سهم في القوس كالرصاصة/ وتسافر القطارات على أوتار متوازية/ تمر باكية في كل محطة/ القتيل الأول كان شاعرًا حيث رأوا/ طائرًا يصعد من جراحاته".

من أهم أعماله الشعرية التي قدمته للعالم كان ديوان "ألتازور" وهي كلمة مركبة، أي أنها اختراع من فينستي نفسه تعني العلو والزهر، ولا وجود لها سوى في القاموس الخاص لأويدوبرو. ما لا يمكن تفسيره هو لماذا لم يستمر أويدوبرو في كتابة القصص كما في قرض الشعر، هل هو الشغف؟ قصص أويدوبرو كانت قصيرة ورقيقة واعتمدت الرمزية واللامعقولية في تفاصيلها، وفيها نكهة إنسانية جديرة بالاهتمام. أربعة قصص قصيرة هي كل إنتاجه السردي. 


الفتاة ذات المعطف الواسع

بالطريقة نفسها، تعبر كل يوم الميدان، هي جميلة. لا طويلة ولا قصيرة، ربما هي ممتلئة بعض الشيء، لها عينان عاديتان، ولها فم ناضج تكرمل الهواء الذي يمر بجواره. ولكن لها لغة جسد حزينة، ودومًا ترتدي معطفًا واسعًا طويلًا يغلف جسدها بالكامل. وعلى الرغم من حر لا يطاق فهي لا تخلع المعطف أبدًا، صيفًا أو شتاء. يغطي المعطف جسدًا، يسمن أو يضعف تحته لكنها أبدا تخفيه. أيكون ذلك بدافع الخجل؟ أيكون شعور بالعار من الشارع غير المهم؟ أيكون المعطف قلعة السر.. سر شعورها بدونية ما؟ ربما لا شيء إطلاقًا. هذا البناء الهندسي لا شيء يعيد تعريفه، لكن أي مهندس عادي يعرف أن هناك شيئًا ما مختف تحته. 

ربما كان مقاسها كبيرًا جدًا، أو قصيرًا جدًا، أو ربما أنها لا تملك خصرًا مثل كل النساء، ربما تريد إخفاء حمل ما، ولكنه حمل طويل جدًا، حمل استمر لسنوات، أو ربما هي تحمي به وحدتها، أو حتى تتيح لخلاياها التأمل دون تشويش. أو ربما أرادت أن تخفي جريمة ارتكبها الأب حين كانت في الخامسة عشرة.


مأساة

ماريا أولجا امرأة رائعة، وخاصة نصفها الذي يسمى أولجا. تزوجت من رجل ضخم كديك منفوش التكلسة المرصوصة بانتظام كصف من الأشجار، ولكن النصف الذي تزوج كان اسمه ماريا بينما بقي النصف الآخر أولجا عازبًا، واتخذت لنفسها عشيقًا عبدته عبادة.

ماريا أولجا لم تفهم كيف قد يثير ذلك حفيظة زوجها، وكيف يتجرأ ويتهمها بالخيانة. ماريا كانت وفية، ما علاقة ذلك بأولجا؟ هي لم تفهم أنه لم يفهم ذلك. ماريا التزمت بعلاقتها الزوجية، بينما استكملت أولجا علاقتها بعشيقها. أكان ذنبها أنها تحمل اسمًا مركبًا، وتتحمل كل ما قد يترتب على ذلك من تبعات؟ لذا عندما رفع زوجها المسدس بوجهها ليقتلها لم تفهم لم قد يقبل على ارتكاب حماقة كتلك؟ ولكن ما حدث أن الزوج أخطأ وقتل زوجته الوفية ماريا بدلًا من أن يقتل أولجا، بينما بقيت أولجا تعيش سعيدة، بل في منتهى السعادة بين ذارعي عشيقها، غير أنها كانت تشعر أنها أصبحت عسراء.. قليلًا.

اقرأ/ي أيضًا:

عارف حجّاوي: أخاف من الخائفين على اللغة العربية

أشهر 6 كتب في التراث الجنسي عند العرب