فوضى وهلع في العاصمة طهران: تل أبيب تلوّح باستهداف أحياء بأكملها
16 يونيو 2025
بينما كانت عقارب الساعة تشير إلى الرابعة عصرًا، بدأت نوافذ المنزل الذي تقيم فيه ناهيد تهتزّ بعنف. انفجار هائل دوّى في الجوار، ناجم عن قصف إسرائيلي لأحد المباني القريبة – لم تتمكن من تحديد الموقع بدقة – لكن الدخان سرعان ما تسلّل إلى منزلها. كان ذلك في اليوم الثالث من القصف الإسرائيلي المكثّف على إيران، وكانت طهران تغرق تدريجيًا في الفوضى والرعب.
قالت ناهيد (اسم مستعار)، وهي محللة مالية في شركة تجارة إلكترونية بالعاصمة الإيرانية، عبر رسالة نصية لصحيفة "الغارديان": "إنها مجزرة... الانفجارات لا تتوقف. الأطفال يصرخون، ونخشى أن يكون كثير من المدنيين قد قُتلوا. رائحة الموت في كل مكان. لا أستطيع التوقف عن البكاء."
تهديد مباشر بإخلاء طهران
وفي تطور خطير، هدد وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، سكان العاصمة طهران بـ"دفع الثمن"، ما اعتُبر تمهيدًا لمرحلة جديدة من التصعيد العسكري. ونقل عن مصادر عسكرية أن الجيش الإسرائيلي يستعد لإصدار تعليمات بإخلاء أحياء كاملة في العاصمة الإيرانية، قبل استهدافها بشكل مباشر.
ووفقًا للمصادر، فإن الضربات المرتقبة ستطال مباني حكومية وبنى تحتية حيوية، مما يضع ملايين من سكان العاصمة أمام خيارين أحلاهما مرّ: الفرار تحت القصف أو البقاء في مدينة تحوّلت إلى هدف عسكري مفتوح.
هدد وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، سكان العاصمة طهران بـ"دفع الثمن"
نزوح جماعي... وقصف بلا هوادة
يشار إلى أن العاصمة طهران شهدت يوم الأحد موجات نزوح كثيفة باتجاه الأرياف، مع تصاعد الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق سكنية ومقار حكومية في آنٍ معًا. في حين أعلنت السلطات الإيرانية أن الحصيلة الرسمية للضحايا، تشير إلى سقوط 224 شهيدًا منذ بدء الهجمات الإسرائيلية يوم الجمعة.
بدأ الهجوم فجر الجمعة، في إطار ما وصفته تل أبيب بأنه "عملية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي"، عبر مئات الغارات التي أدت إلى مقتل عدد كبير من القيادات العسكرية والأمنية الإيرانية. وردّت طهران بوابل من الصواريخ الباليستية.
المترو والملاجئ.. ملاذ أخير في غياب البنية التحتية
مع تفاقم الأزمة، أعلنت السلطات الإيرانية فتح محطات المترو والمدارس كملاجئ مؤقتة للسكان، في ظل غياب منظومة حماية مدنية فعالة. وقال رئيس مجلس مدينة طهران، مهدي جمران: "للأسف لا توجد ملاجئ في طهران أو المدن الكبرى... نطالب الناس باستخدام الأقبية والأنفاق كأماكن مؤقتة للنجاة."
قصف غير مسبوق
فاجأ القصف الإسرائيلي الإيرانيين – شعبًا وسلطة – بوحشيته وكثافته، حيث حلّقت الطائرات الإسرائيلية في الأجواء الإيرانية. بينما بدت الدفاعات الإيرانية غير قادرة على صدّ الهجوم أو إيقافه.
تقول ناهيد: "لا نثق بأن المساجد أو المدارس أو حتى المترو ستكون آمنة. ماذا لو انهار المبنى فوقنا؟ أنا وشقيقاتي نحاول إقناع والديّ والجيران بمغادرة منازلهم."
هلع في الشوارع... ونقص في الوقود
وسط هذا الجحيم، هرع الإيرانيون لشراء المواد الغذائية وتخزين الوقود. يصف رضا (اسم مستعار)، طالب في جامعة طهران، المشهد قائلًا: "الناس يركضون في الشوارع ويصرخون. الخروج من البيت خطر جدًا، لكن لا خيار أمامنا. المحطات تشهد طوابير طويلة، الجميع يملأون سياراتهم للهرب من المدينة."
ازدادت حالة الذعر بعدما ترافقت الغارات مع تفجيرات بسيارات مفخخة، استهدفت – بحسب تقارير – علماء نوويين إيرانيين. كما تعطلت شبكات الهاتف المحمول، ما صعّب على السكان التواصل مع أحبّائهم، في ظل تغطية متقطعة وفوضى إعلامية.
أزمة داخلية تضرب في وقت هش
جاء هذا الهجوم الإسرائيلي في لحظة حرجة بالنسبة للنظام الإيراني، الذي يعاني منذ سنوات من احتجاجات داخلية وأزمة اقتصادية متفاقمة.
يقول مدير مركز "الشرق الأوسط والنظام العالمي" علي فتح الله نجاد، ، إن الحرب اندلعت في ظل "أشد أزمة اقتصادية تواجهها إيران منذ عقود"، وسط انهيار مستمر في قيمة الريال الإيراني، وارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية.
ويضيف أن "هذه الضغوط – الاقتصادية والعسكرية – دفعت إيران في الأشهر الأخيرة نحو استئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة".
شهدت العاصمة طهران موجات نزوح كثيفة باتجاه الأرياف، مع تصاعد الغارات الإسرائيلية
سخرية إلكترونية... ووحدة وطنية مؤقتة
على وسائل التواصل الاجتماعي، تداول إيرانيون مقاطع ساخرة من التصريحات الرسمية السابقة التي زعمت أن إسرائيل "لن تجرؤ على الهجوم". وظهرت موجة انتقادات ضد ضعف الجاهزية العسكرية.
ورغم ذلك، فإن الإحساس بالخطر الخارجي دفع بعض الإيرانيين إلى الاصطفاف خلف الدولة. يقول هادي (اسم مستعار)، وهو ستيني من سكان طهران: "كنا نسمع كثيرًا عن مخططات إسرائيلية وأميركية لتغيير النظام، وكان ذلك يبدو كالنكات. الآن الأمر مختلف."
ويضيف: "حتى من كانوا ضد امتلاك إيران سلاحًا نوويًا، باتوا يعتقدون أنه ضرورة لحماية البلاد من العدوان الإسرائيلي."
ويختم بالقول: "نختلف مع الحكومة، نعم، لكن تاريخ إيران أثبت أن شعبها يتوحد عندما تُهاجم البلاد."