16-يونيو-2017

حرّم ياسر برهامي "اللايك" على فيسبوك (إبراهيم رمضان/ أ.ف.ب)

اكتم أنفاسك، ولا تضحك، فالضحك هنا قد يتحول إلى اتهام صريح بازدراء الأديان والغلط في البخاري، ويصل -أحيانًا– إلى العيب في الذات الإلهية!

حرَّم الشيخ ياسر برهامي "اللايك" على فيسبوك لأنه حسب قوله "مفسدة للقلب فاحذر من البحث عنه"، حتى ولو أعجبك هذا الكلام لا تضغط لايك، ولا يستقرّ في ضميرك ولا في نفسك أنه أعجبك، ولا تقول ذلك؛ لأن "اللايك حرام".

أفتى أحد المشايخ بأنه إذا أكل الشاب والفتاة من نفس "الآيس كريم" وكان يحتوي على حليب، فإنهما يُصبحان إخوة في الرضاعة!

الشيخ سعد الغامدي يزايد على ياسر برهامي، ويقول إن "دخول المرأة على الإنترنت بدون محرم، فهو حرام". هذا رأيه، فليحتفظ به لنفسه، البنات ستدخل على فيسبوك دون محرم، وستغلق أبواب غرف الشات بدون أي محرم أيضًا، وربما تنشر صورها على الإنترنت بـ"الكاش مايوه" دون محرم بينما يبقى الشيوخ وأتباعهم أسرى فجوة زمنية بين ما يريدونه فعلًا، وما يقولون إنهم يريدونه! 

اقرأ/ي أيضًا: مشايخ السلطة.. الصراع على تصدر المشهد

فتوى أخرى للشيخ عبيد الفهد تقول: "إذا أكل شاب وفتاة من نفس الآيس كريم وكان يحتوي على حليب، فإنها أخته في الرضاعة"، تقريبًا يقصد أنهما رضعا من نفس البقر، فلا يجوز لهما الزواج أبدًا. 

ماذا بقي؟

عيسى بن صالح يفتي: "عندما تحلم بأنك عاشرت إحدى النساء واجب عليك بعد أن تستيقظ أن تتزوجها، وإن كانت متزوجة فعلى زوجها تطليقها لتتزوَّج منها"، فكان الرد عليه على لسان أحد نشطاء تويتر: "يا شيخ أنا حلمت إني عاشرت زوجتك.. ممكن تطلقها؟". وقال: "يجوز لمن يعاني الضعف الجنسي مشاهدة الأفلام الجنسية بشرط أن يكون الممثل مُسلمًا".

يضع الشيوخ أنفسهم في أزمة، فهم يتعاملون بمنطق حياء السلف، مع أجيال لن تتردد في إحراجهم، بالأدب وبقلة الأدب، إذا وجدوا في كلامهم شبهة جهل. وهناك فتاوى أكثر إثارة وسخونة.

يتعامل بعض شيوخ العصر الحالي بمنطق حياء السلف مع أجيال لن تتردد في إحراجهم إذا وجدوا في كلامهم شبهة جهل

الشيخ عبد الباري الزمزمي، أحد رموز الدعوة السلفية في المغرب، أفتى بجواز معاشرة الزوج لزوجته الميت، وكتب على حسابه: "هذا حلال ومباح وجائز، كما ورد في آية: الذين آمنوا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون".

اقرأ/ي أيضًا: هل توجد طبقة رجال دين في الإسلام؟

وأضاف: "الزوجة تبقى زوجة الرجل وتدخل الجنة مع زوجها إن كانا مؤمنين، والرجل يظل مرتبطًا بزوجته ما لم يطلقها، وهذا يعطيه حق مضاجعتها وهي ميتة وهو ما ذهب إليه أبو حنيفة أيضًا"، ثم يبالغ في التشدّد ويحرِّم مضاجعة أي ميتة غير زوجته: "ده زنا صريح"!

بعض الفقهاء في أزمنة الرفاهية الفكرية مثل ياسر برهامي بالضبط، انتهوا من كل شيء، من كل الأفكار، وبلغوا آخر الدين ثم بدؤوا يفترضون افتراضات مستحيلة ثم بدؤوا بالإجابة عليها ثم تحوَّلت هذه الأسئلة إلى فقه اسمه الفقه الافتراضي، ثم كان كل هذا التراث العجائبي الذي نعيش وسط آثاره الآن، لهذا سأل برهامي نفسه في ليلة ما وبلا مناسبة: "أرأيت إذا دخل رجل على زوجته فوجد رجلًا يغتصبها على السرير، هل يجوز تركها؟"، فجاء نفسه بالإجابة، وهي: "نعم يتركها إذا كان الدفاع خطرًا عليه".

الاعتراض هنا ليس على إجابة السؤال فقط، وإنما على السؤال نفسه، فما قيمة أن تمارس رياضة ذهنية عقيمة مثل توقّع البلاء قبل وقوعه؟

بعض الشيوخ في أزمة الرفاهية الفكرية افترضوا مسائل مستحيلة وبدؤوا في الإجابة عنها حتى ظهر ما يمسى بـ"الفقه الافتراضي"

في الفقه الافتراضي كما تسجّل كتب التراث، يسأل أحدهم: "أرأيت إن حمل رجل كيسًا من الفساء على ظهره، ثم خرج الفساء من الكيس، هل ينتقض الوضوء؟". والمشكلة أن بعض المسائل غير قابلة للوقوع أصلًا، فهل يمكن تعبئة الفساء في كيس؟ اسألوا برهامي والغامدي والزمزمي وبن صالح.. إن كانت لديهم إجابة!

اقرأ/ي أيضًا: التراث الصوفي وتجديد الخطاب الديني

سؤال آخر على نفس المنوال من كتاب "ما لا يجوز فيه الخلاف بين المسلمين" للشيخ عبد الجليل عيسى، يقول فيه: "لو أن رجلًا وقع على نعجة فحملت منه وولدت إنسانًا فكبر وصار إمام جماعة وصلى بالناس في يوم عيد الأضحى، فهل لهم أن يضحوا به باعتبار أنه أمه نعجة وأنه من أضاحي العيد؟"، لتكون الإجابة: "نعم يجوز، ويجزيهم الله على ذبحه وأكله"!

 

اقرأ/ي أيضًا:

قناة "الناس" الدينية.. من السلفية إلى قبضة السيسي

لماذا لم يصلح القرآن حياتنا؟