01-أبريل-2022
ضيا مراد

عمل لـ ضيا مراد

ضمن سلسلة أنشطتها لهذا العام، وتحت عنوان "الفنّ في زمن الأزمات" افتتحت دار المصوّر في بيروت، معرضًا فنّيًا شاملًا يضمُّ ثلاثة تجارب شابّة متنوّعة بين الفوتوغراف والتّشكيل.

قسّمت فعاليّات المعرض إلى قسمين. الأوّل عبارة عن ورشة عمل ومحاضرة قدّمتها ميرا سعد، صاحبة مؤسّسة "أرضي شوكي"، حيث أفردت في حديثها تفاصيل وإشكالات حول دور الفنّ في تخطّي الأزمات، وكيفيّة اللّجوء إلى الفنّ باعتباره ملجأ ومهربًا علميًّا للضّحايا وأصحاب الكدمات. يُضاف إلى ذلك مداخلة للتّشكيلي السّوري سامي الكور، أحد المُشاركين في المعرض، سرد من خلالها تداعيات الحرب السّوريّة عليه وأيضًا ما آلت إليه أحواله وأعماله كفنّان بُعيدَ انفجار الرّابع من آب/أغسطس، وأيضًا عن دور الفنّ كعلاج ومساحة لإطلاق العنان وترك الكلام للأعماق.

يلعب الفنّ دورًا مهمًا في تخطّي الأزمات، واللّجوء إليه بوصفه ملجأ ومهربًا أمر شديد الفعالية للضّحايا وحاملي الصدمات النفسية

الوجه الثّاني أتى على شكل 3 لوحات تشكيليّة و11 صورة فوتوغرافيّة تعاون على تقديمها كلٌّ من سامي الكور وضيا مراد ونوار بركات. تتمحور أعمال الكور الثّلاث على البنيان حيث اشتغل على ثلاثة مباني في بيروت "بيت ورد" و"متحف سرسق" و"بلو هاوس". هذه الأبنية التراثيّة اتّخذ منها مساحته وحيّزه، للانتقال من اسوداد وتشاؤمية الحرب السوريّة إلى اللّون والحياة. قدّمت الأعمال في خلفيّتها نوعًا من العلاج والرّوح ومحاولة لمقاربة الجمال والابتعاد عن الدّمار. لمسات وضربات للفرشاة تنتاطح قدر الإمكان للإيجاب وتبحث عن الفنّ الكامن في الجماد.

في حديثه لألترا صوت قال سامي الكور: "لا أنكر أنّني تأثرت بالانفجار وأنّني ما زلت أعيش تداعياته حتّى الآن. فكرة مشاركتي في المعرض أتت من رغبة بإخراج تجربتي من الدّاخل كضحيّة وكناجٍ. لم أكُن حينها في الأستديو خاصّتي بل كنت في شوارع الأشرفيّة أمشي ولذا شاهدت كلّ شيء. الدّم والدّمار ونقل الضحايا إلى المشافي. فجأة تحولّنا مع المدينة إلى حطام. بطبيعة الحال خسرتُ مكاني وحيّزي وجزء مهم من لوحاتي أيضًا فقدتها، من هنا جاءت فكرة المشاركة بلوحات زاهية تجسّد أملًا بالحياة وتقدّم نوعًا من الأرشفة لمباني تراثية لها مكانتها وموقعها على الخارطة العمرانيّة".

العربي-التلفزيون

من جهتها نوار بركات، مشاركتها كانت نوع من الاحتفاء بالبحر وشخوصه. حيث قدّمت عدّة صور يأتي البحر في خلفيّتها وتركّز على أجساد كائناتها، وتلتقطها في وضعيّات ومواقيت مختلفة. الأعمال جاءت كلّها بالأبيض والأسود كنوع من العودة للصّورة القديمة وتعالج بشكل أو بآخر فكرة مردّها العلاج بالفنّ والصّورة.

ضيا مراد حملت مشاركتها توقيع صور ومشاهد لأبنية مدمّرة ومناطق معزولة. الأعمال كانت مشابهة لنصوص بصريّة تحاكي شتّى أنواع التوحّد والاقتتال الدّاخلي. الأشجار والحيطان المدمّرة والأكوام المتناثرة فوق البركة كلّها أدّت وظيفتها في تكوين مشهد وكأنّنا أمام شاشة نتنقّل بين حالات نفسيّة متباينة.

يذكر أن المعرض الّذي يستمرّ حتّى الرّابع من نيسان/أبريل المقبل يأتي ضمن سلسلة أعمال ونشاطات تستضيفها دار المصوّر لهذا العام. وقد سبق هذا النّشاط معرض بعنوان "أفغانستان" للمصوّر فلوريان زوين قدّم من خلاله سلسلة صور وأعمال تصويريّة فوتوغرافيّة هي نتيجة اشتغال وزيارة لأفغانستان لمدّة أسبوع. سلّط زوين من خلالها الضّوء على الحياة في هذا البلد من منحى إيجابي، بعيدًا عن سلطة الحروب وتشوّهاتها. وقد عرض مجموعة صور لطرق وحدائق ومناظر طبيعيّة وأطفال مدارس في أبهى تجلياتها.

بعد "الفنّ في زمن الأزمات" تلتحق بالدّار آية خوري في معرضٍ فرديّ أوّل لتقدّم عرضها من خلال أعمال فوتوغراف أيضًا، تتخّذ من بيروت والإيجابيّة ركيزة لمعرضها وتعمل عليها كثيمة مؤثّرة وفاعلة في تكوين الصّورة وانعكاساتها على هذه المدينة.