23-مارس-2018

تدين أقوال ألسكندر كوغان فيسبوك بفضيحة أناليتيكا بلا مواربة (الأوبسيرفر)

منذ ايام وأصداء الفضيحة المعلوماتية المدوية بعنوان "أنالتيكا" تمس فيسبوك وإدارته العليا مباشرة، فكيف وصل فيسبوك ومقاولوه إلى الحد الذي سمح لهم باختراق خصوصية 57 مليار صداقة عبر الشبكة المعلوماتية. في هذا التقرير المترجم كاملًا عن النسخة البريطانية من صحيفة الغارديان تفاصيل أكثر حول مراوغة فيسبوك بهذا الشأن والتفافها على تحمل مسؤولية مشاريعها "الطموحة" على حساب المستخدمين، إضافة لسلسلة تقارير وتحقيقات مصورة حول فضيحة فيسبوك الكبرى. 


قبل قيام شركة فيسبوك بفصل ألكسندر كوغان من منصتها على إثر"خديعة" جمع البيانات التي كانت في القلب من فضيحة كامبريدج أناليتيكا مؤخرًا، تمتعت شركة التواصل الاجتماعي بعلاقة مقربة مع الباحث ألكسندر كوغان إلى درجة أنها منحته مجموعة من قواعد البيانات مجهولة الشخصيات لـ 57 مليار علاقة صداقة على فيسبوك.

ليست فضيحة كامبردج  أنالتيكا الأولى من نوعها في سجل فيسبوك، إذ سبق للموقع الأزرق التورط بسلسلة فضائح انتهاك خصوصية قبل وبعد كامبردج  أناليتيكا

قدم فيسبوك قاعدة بيانات "بكل علاقة صداقة تشكلت في 2011 في كل بلد في العالم على المستوى الإجمالي الوطني" لمعمل جامعة كامبريدج الذي يعمل فيه ألكسندر كوغان وذلك لإجراء دراسة عن الصداقات بين الدول نُشرت في مجلة الشخصية والفروقات الفردية Personality and Individual Differences عام 2015. وُضع اسم اثنين من موظفي فيسبوك في خانة المشاركين في تأليف الدراسة إلى جانب باحثين من كامبريدج وهارفارد وجامعة كاليفورنيا وبيركلي. وكان ألكسندر كوغان ينشر تحت اسم ألكسندر سبيكتر في ذلك الوقت.

اقرأ/ي أيضًا: فيسبوك والسياسة القذرة.. خادم مطيع للأوامر الإسرائيلية والأمريكية

أشار تصريح صحفي لجامعة كامبريدج عن الورقة البحثية إلى أنها تعد "الناتج الأول عن تعاون بحثي مستمر بين معمل سبيكتر بكامبريدج وفيسبوك". بينما لم يرد فيسبوك على سؤال حول ما إذا كان هناك أي مشاريع تعاونية أخرى قد تمت بالفعل.

بحسب جوناثان ألبرايت، مدير الأبحاث بمركز تو للصحافة الرقمية بجامعة كولومبيا فإن "الحجم الهائل من البيانات الذي يحتوي 57 مليار علاقة صداقة يدل على وجود علاقة مسبقة. مشاركة مثل هذا النوع من البيانات ليس أمرًا معتادًا من فيسبوك، وهو ما يشير إلى شراكة مبنية على الثقة بين ألكسندر كوغان/سبيكتر وفيسبوك".

قللت فيسبوك من أهمية مجموعة البيانات، التي قالت إنها منحتها للمدعو ألكسندر كوغان في 2013. حينما قالت المتحدثة باسم فيسبوك كريستين تشن عبر البريد الإلكتروني "البيانات التي منحت كانت حرفيًا على شكل أرقام عن عدد الصداقات بين أزواج من الدول، على سبيل المثال عدد الصداقات بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. لم تكن هناك معلومات تعريف شخصية في هذه المجموعة من البيانات".

تحاول إدارة فيسبوك التمويه والتنصل من آثار التورط بفضيحة كامبريدج أناليتيكا، بينما تشير مجمل الدلائل إلى عمق اتصالها بجوهر جريمة الانتهاك الإلكترونية

لكن منذ ذلك الحين عانت علاقة فيسبوك وألكسندر كوغان من التوترات، في حين قالت تشن "أنهينا كل علاقات العمل التي تجمعنا بكوغان بعد أن نما إلى علمنا خرقه شروط الخدمة لدى فيسبوك أثناء عمله مطوراً لتطبيق فيسبوك"، وقالت فيسبوك إنها علمت بإساءة كوغان استخدام البيانات في كانون الأول/ديسمبر 2015، عندما نشرت الغارديان تقريرها بشأن حصول كامبريدج أناليتيكا على البيانات لأول مرة. وقالت تشن "بدأنا في اتخاذ خطوات لإنهاء علاقة العمل بعد تقرير الغارديان، وبعد التحقيق أنهينا العلاقة بعدها مباشرة في 2016".

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يعدّ فيسبوك عدّو الصحافة الوحيد؟

أوقفت شركة فيسبوك حساب ألكسندر كوغان على المنصة يوم الجمعة 16 آذار/مارس على إثر تقرير الأوبزيرفر الذي أشار لجمع ألكسندر كوغان بيانات 50 مليون أمريكي ومشاركتها بطريقة غير شرعية. وأصدرت الشركة تصريحًا تقول فيه إن ألكسندر كوغان كذب على الشركة ووصفت نشاطاته "بالمخادعة والمحتالة".

يوم الثلاثاء الماضي ذهبت شركة فيسبوك إلى أبعد من ذلك، إذ قالت في تصريح لها "تشعر الشركة كلها بالغضب لتعرضنا للخداع" ويوم الأربعاء، نعت المدير التنفيذي للشركة مارك زوكربيرغ في أول تصريح علني له على الفضيحة، أفعال ألكسندر كوغان بأنها "خرق للثقة".  

لكن شركة فيسبوك لم تقدم شرحًا لكيفية إقامتها علاقة وثيقة مع ألكسندر كوغان إلى حد المشاركة في تأليف أوراق بحثية معه، أو لماذا انتظرت حتى هذا الأسبوع، أي بعد عامين من تقرير الغارديان الذي أشار إلى نشاطات ألكسندر كوغان في جمع البيانات، لتعلم المستخدمين الذين استُخدمت معلوماتهم وخضعت للتداول بطريقة غير شرعية.

دافع ألكسندر كوغان عن أفعاله في لقاء مع شبكة BBC وفي رسالة بريد إلكتروني إلى زملائه في كامبريدج حصلت الغارديان على نسخة منها. وقال ألكسندر كوغان على إذاعة راديو 4 يوم الأربعاء "أرى أنني أصبحت كبش فداء لفيسبوك وكامبريدج أناليتيكا معًا".

مجموعة البيانات التي أدت إلى إيقاف عضوية ألكسندر كوغان على منصة فيسبوك جُمعت من قبل مجموعة الأبحاث العلمية العالمية (GSR)، وهي شركة أسسها ألكسندر كوغان في 2014 مع باحثٍ زميل له من كامبريدج أيضًا يدعى جوزيف تشانسلر، يعمل حاليًا موظفًا لدى فيسبوك.

تستمر فيسبوك بتوظيف المقاولين والتعاقد معهم للعمل على القضايا التي تشكل خطرًا على سمعة الشركة، ما يترك لها نافذة مراوغة قانونية وأخلاقية

ما بين حزيران/يونيو وآب/أغسطس من ذلك العام دفعت GSR أموالًا لما يقارب الـ 270 ألف شخص، ليستخدموا تطبيق الاستطلاع الخاص بفيسبوك ليحصدوا البيانات من حساباتهم الخاصة وكذلك حسابات أصدقائهم، ما نتج عنه مجموعة بيانات لأكثر من 50 مليون مستخدم. قُدمت البيانات لاحقًا لكامبريدج أناليتيكا، وهو ما اعتبرته فيسبوك خرقًا لاتفاقها مع ألكسندر كوغان باستخدام البيانات حصرًا للأغراض الأكاديمية.

قال ألكسندر كوغان في رسالته لزملائه في كامبريدج إنه أنشأ تطبيق فيسبوك هذا في 2013 لأغراض أكاديمية، واستخدمه في "عدد من الدراسات". كتب ألكسندر كوغان قائلًا إنه بعد تأسيسه لـ GSR، حوّل التطبيق إلى شركة وغير اسمه وشعاره ووصفه وشروط استخدام، وكانت شبكة الـ CNN أول من أذاع الرسالة. بينما لم يستجب كوغان لطلب الغارديان التعليق على هذا المقال.

أضاف ألكسندر كوغان في رسالته المكتوبة "أوضحنا أن التطبيق معد للاستخدام التجاري، لم نذكر قط البحث العلمي ولا جامعة كامبريدج. وأوضحنا بشكل قاطع أن المستخدمين منحونا الحق في استخدام البيانات على نطاق أوسع، يضم بيع وترخيص البيانات. كل هذه التغييرات تمت على منصة تطبيق فيسبوك، وبالتالي كانت لديهم القدرة الكاملة على مراجعة طبيعة التطبيق والتعبير عن شكاواهم واعتراضاتهم. لم تعبر فيسبوك قط عن مخاوفها بشأن أي من هذه التغييرات".

لم يكن ألكسندر كوغان هو الوحيد الذي انتقد مساعي فيسبوك الواضحة لإلقاء اللوم عليه. إذ قال ألبرايت ردًا على سؤال لماذا أنشأت فيسبوك نظامًا يسمح لأطراف أخرى بالوصول إلى هذا القدر من البيانات الشخصية في المقام الأول؟ "من وجهة نظري، فيسبوك هي من تتحمل وزر معظم عملية النشر. صمم هذا النظام لمشاركة بيانات المستخدمين بطرق مفيدة مقابل ارتفاع قيمة الأسهم".

قال المبلغ كريستوفر ويلي لصحيفة الأوبزرفر إن فيسبوك كانت على علم بحجم البيانات التي تسحب عبر تطبيق ألكسندر كوغان، "تم تفعيل بروتوكولاتهم الأمنية لأن تطبيق ألكسندر كوغان كان يسحب قدرًا هائلًا من البيانات، لكن على ما يبدو فقد أخبرهم كوغان أنها ستستخدم لأغراض أكاديمية.

وصف ألكسندر كوغان في رسالة البريد الإلكتروني لزملائه في كامبريدج، هذا الادعاء بأنه "محض افتراء" مضيفًا "لم يكن هناك أي تعليق من فيسبوك عن الأمر. ولم ندع خلال المشروع أنها كانت لأغراض بحثية. في الحقيقة، فعلنا كل ما بوسعنا لنضمن عدم وجود أي تداخل بين المشروع والجامعة".

كعادة الشركات المعلوماتية الكبرى، وتحت ذريعة توقيع بيان الخصوصية، تحاول فيسبوك التنصل من أي مسؤولية لها في فضيحة أنالتيكا

استخدم المشروع البحثي المشترك بين ألكسندر كوغان وباحثي فيسبوك والذي أثمر عن الورقة البحثية التي نشرت في 2015، البيانات التي جمعها تطبيق فيسبوك. وحللت الدراسة مجموعتين من البيانات، المجموعة مجهولة الشخصيات ذات النطاق الكبير على المستوى الوطني التي ضمت 57 مليار علاقة صداقة والتي قدمتها فيسبوك، ومجموعة أصغر جمعها باحثو جامعة كامبريدج.

استخدم فريق البحث، للحصول على المجموعة الأصغر، نفس طريقة دفع الأموال لأشخاص لاستخدام تطبيق فيسبوك لجمع البيانات عن أنفسهم وأصدقائهم. لم يشارك فيسبوك في هذا الجزء من الدراسة. وتشير الدراسة إلى أن المستخدمين وقعوا إقرارًا بالموافقة على البحث وأنه لم يتضمن "أي نوع من أنواع الخداع".

نُشرت الورقة في وقت متأخر من آب/أغسطس من العام 2015. وفي أيلول/سبتمبر 2015، ترك تشانسلر مجموعة GSR وذلك وفقًا لسجلات الشركة. في تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام، وظفت فيسبوك تشانسلر للعمل لديها باحثًا في مجال تجربة المستخدم.

لم تجب فيسبوك ولا تشانسلر على الأسئلة الكثيرة حول معرفته بنشاطات ألكسندر كوغان ومجموعة GSR. ما يبقي باب التأويلات مفتوحًا على أوسع الاحتمالات، ليس أهونها تورط فيسبوك المتراكم في انتهاك خصوصية سكان الكوكب بالمجمل!

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يتجسس زوكربيرغ على هواتفنا ليعرف ما نريد؟ هذا رد فيسبوك

فيسبوك يدخل الحرب إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي