02-مايو-2018

واجهت ميشيل تويني حملة عارمة من السخرية (تويتر)

في الأسبوع الماضي نشرت ميشيل تويني، المرشحة للانتخابات النيابية القادمة، وابنة عائلة تويني مالكة جريدة النهار اللبنانية، على صفحتها على تويتر، تغريدة قالت فيها إن لائحتها "تشتاح بيروت". الخطأ الإملائي الفاضح هذا، من خلال كتابتها "تشتاح" بدلاً من "تجتاح" اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي حرفيًا، وانتشرت على إثره آلاف التعليقات والمنشورات والتغريدات، بين من سخر من الخطأ وتناوله بطريقة كوميدية، حيث أعيد نشر أغانٍ وأمثلة وعبارات شهيرة، مع إبدال حرف الجيم فيها بالشين وبالعكس، وبين من استغرب كيف تقع مرشحة للانتخابات وحفيدة الأديبة ناديا تويني، بخطأ كهذا.

اعتبر المتابعون أن ميشيل تويني لا يحق لها أن تحدد للناس كيف ومتى وبأية طريقة يتفاعلون مع هفوات المشاهير

في اليوم التالي، نشرت ميشيل تويني تغريدة جديدة، قالت فيها إنها وقعت فعلاً في هفوة، وأنها تستغرب الحملة التي طالتها، وتساءلت لماذا لم تقم حملات مشابهة خلال محطات أكثر أهمية بنظرها، كحالات تعنيف النساء واجتياح بيروت "2008" وإقرار الضرائب.

 

ردُّ تويني بدوره لاقى ردودًا واسعة وتفاعل الناشطون معه، فاعتبروا أن ميشيل تويني لا يحق لها أن تحدد للناس كيف ومتى وبأية طريقة يتفاعلون مع هذا النوع من الهفوات، أو تحديد كمية الرد، وأن هذا فضاء حر يستخدمه اللبنانيون للترفيه عن أنفسهم، وللتعبير عن سخطهم إزاء الأوضاع الجتماعية والقتصادية التي يعيشونها، بالطريقة التي يرونها مناسبة، وأن "الساركازم" هو في النهاية وسيلة لتفريغ الضغط.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا تعلمنا من جيل الحرب اللبنانية؟

من جهة أخرى استغرب آخرون قيام ميشيل تويني بمساءلة اللبنانيين عن موقفهم وهي أولى منهم بتوجيه السؤال لها، واعتبروا أن في أسلوبها الكثير من التعالي وادعاء التفوق الأخلاقي، علمًا أنها تنحدر من عائلة سياسية من جهة أمها وأبيها، إضافة إلى أنها ابنة "النهار" وبالتالي فهي مطالبة أكثر منهم بالإجابة على تساؤلاتها.

ما حدث مع ميشيل تويني ليس فريدًا من نوعه، فقبل حوالي سنتين، وعلى إثر وفاة المعمارية الشهيرة زها حديد، غرَدت الإعلامية اللبنانية المعروفة رابعة الزيات على تويتر، راثية زها حديد، فكتبت لها: "المعمارية التي أدهشت العالم بتصاميمها، وحلقت بنا في عالم السحر والخيال، زها حديد أركضي بسلام". تلقفّ الناشطون التغريدة هذه وأعادوا نشرها بكثافة، لم يكن مقبولًا بطبيعة الحال لإعلامية معروفة، أن تقع بهفوة بهذه الفداحة والسذاجة، وأن تكتب "اركضي " بدلاً من "ارقدي".

زاهي وهبي، الإعلامي والشاعر المعروف وزوج رابعة الزيات، دافع عن زوجته، من خلال تويتر أيضًا، حيث غرّد  قائلًا: "إلى رابعة حبيبة وزوجة وإعلامية متميزة، خطأ مطبعي منك أكثر جمالًا من صواب صيادي الأخطاء". نال زاهي بدوره نصيبه من ردود الناشطين والمتابعين، واستغربوا خلطه بين الخطأ المطبعي والخطأ اللغوي الفادح كما في حالة زوجته. ولا تزال عبارة "أركضي بسلام" تستخدم حتى الآن للسخرية والتندّر في أوساط الناشطين اللبنانيين.

 مواد السخرية والتهكم هي متنفس للجمهور وفرصة لهم لإبداء وجهة نظرهم بالشخصيات العامة

المطرب اللبناني المعروف راغب علامة لم يسلم هو الآخر من لوثة وسائل التواصل، فعلى إثر التفجير الإرهابي الذي طال مدينة نيس الفرنسية في تموز/يونيو 2016، كتب "السوبر ستار" على صفحتيه على تويتر وفيسبوك: "الرحمة للضحايا الذين سقطوا جراء العملية الإرهابية. كنا نتعشى في مكان يبعد حوالي 15 دقيقة عن مكان الحادثة. أحب أن أطمئن كل المحبين أننا جميعًا العائلة والأصدقاء والفرقة الموسيقية بخير".

اشتعلت مواقع التواصل في لبنان على خلفية كلام علامة. من الناشطين من رأى أنه  في غير مكانه وينطلي على الكثير من الشوفينية والادعاء، ونشروا تعليقاتهم الساخرة، وبات استحضار النكات المرتبطة براغب علامة  تنتشر بعد كل حدث أمني أو كارثة طبيعية وما إلى ذلك. بل أن التعليقات الساخرة ضد علامة وصلت إلى البرامج التلفزيونية، فظهرت اسكتشات في برنامج هيدا حكي الذي يقدمه عادل كرم تحاكي التعليقات الساخرة التي تنتشر بعد كل حدث، ما دفع إلى حصول حرب كلامية بين راغب علامة وناصر الفقيه مخرج البرنامج.

اقرأ/ي أيضًا: الإخفاء القسري في لبنان.. لعنة الحرب الأهلية المستمرة

الحالات الثلاث المذكورة أعلاه هي عينة من حالات كثيرة يقع فيها باستمرار المشاهير في لبنان. هذه ضريبة مواقع التواصل إذا صح التعبير،  فكما أن الشخصيات العامة تفاخر بجمهورها وجيوشها الإلكترونية، أو ما يعرف بالـ"فانز" التي تتابع تفاصيل حياتهم وتغدق عليهم الإعجابات والتعليقات المستحسنة لكل ما يفعلونه، فإن عليهم في المقابل أن يدركوا أنهم في فضاء واسع جدًا، وأن هناك جماهير جاهزة لالتقاط أصغر هفوة وتحويلها إلى "ترند".

 مواد السخرية والتهكم هذه هي متنفس للجمهور وفرصة لهم لإبداء الرأي في سلوك الشخصيات العامة، إذا صح التعبير، وتوجيه سهام السخرية إليهم. يمكننا هنا إعادة صياغة المثل الشعبي والقول: "غلطة المشاهير بألف".

 

اقرأ/ي أيضًا:

تشريح جيسيكا عازار على مذبح الانتخابات اللبنانية.. لهو ذكوري على هامش السياسة

الانتخابات النيابية اللبنانية.. الإقطاع السياسي في مواجهة المواطنة!