15-ديسمبر-2019

كيفورك مراد/ سوريا

1

وُلِدتُ غريبةً تحتَ مساقط النّجوم السَّبع.

يقولونَ: وُلِدتْ من رحم نفسها،

ويقولون: هي الماء حين قرّرَ أنْ يصير مدينةً.

أمّا أنا فسجّادةٌ تتشابه أجزاؤها، وتتكرّر تكرارًا بلا نهاية أو بدايةٍ.

رسمت نفسي بطريقة رسم السّماء لنفسها نقلًا عن سماء نقلتها عن سماء أخرى.

سرّي على مرمى النظر

اقرؤوه توريقةً داخل توريقةٍ، في الجدران، على الأبواب والشبابيك، فوق الأرائك والوسائد والستائر، في خطوط الأزقّة تجعل البلد صفحةً يقرؤها الله الذي يقرؤه النّاس في الزخارف.

 

2

أبوابيَ بُوصلاتٌ

على الجهاتِ كلِّها.

 

الشَّوارعُ شَرايينُ بينَ المنازلِ

والعابرونَ دمُهَا.

 

ولأنَّ بخارَ الشّايِ يسقي الأثاثَ،

أخذتِ الأبديةُ قيلولةً في هذي البيوت.

 

3

عندما جعلوني دفترَ يومياتٍ مملوءًا بالأكاذيبٍ أَمَرْتُ النَّهرَ أنْ يأسن، وأَوْعَزْتُ للطِّيرِ بإفراغِ السَّماء حتّى يحلّقَ فيها الغُبَارُ وغيلان الفوضى.

 

هكذا سترى نفسك وتصرخ قبلَ الأطفال: المَلَكُ عَارٍ!

 

4

يحملونَ روائحَ بيوتهم

ليرقصوا ويغنوا

والبنادقُ تصطادُهُم

أغنيةً

أغنيةْ.

 

5

قصفٌ على وجبةِ العائلة،

على حيرةِ الكلماتِ الأولى

فوق شفاهٍ بالكاد تلثغُ.

 

قصفٌ على الأمسِ واليومِ

قصفُ على كلِّ احتمالٍ

لمَا يمكنُ أن نسميه الغدْ.

 

معَ كلّ بيتٍ ينهارُ

يختفي حرفٌ من الأبجدية

وقريبًا لن تجدوا كلماتٍ.

 

6

قتلونِي

وجَعلوني مقبرةَ نفسي.

 

7

ضعوا ما استطعتم منّي في الحقائبِ وامضوا

خبئوا ما سيقتلونَهُ ويبكونَ عليهِ

لا تخافوا لصوصيّةَ البحرِ

الحقائبُ مثلُ الطُّيورِ

تتقنُ الرّجوعْ.

 

8

سوفَ يعودُ الصباحُ حارًّا كالخبزِ

عابقًا بالبنِّ

وضجةِ العائلةْ.

وسوفَ نغيّرُ مسارَ الحكاية

بحاضرٍ يشيّدُ ما مَضَى.

 

 

  • تلعب هذه القصيدة دور الراوي في فيلم "أربعة فصول من أجل سوريا" (إخراج: وارف أبو قبع وكيفورك مراد) الذي حصد جائزة التسامح في "مهرجان زيبرا للأفلام الشعرية"، في دورة 2019، في مدينة برلين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الشِّتاء وقت العلامة

قصة الحيوان الرباعي