02-ديسمبر-2018

فصلت شبكة CNN محللًا سياسيًا بسبب مطالبته بالحرية للفلسطينيين (رويترز)

فيما سبق، كان جون جي ميرشامير، وستيفن إم والت، تحدثا عن اللوبي الصهيوني في كتاب "أمريكا المختطفة"، وكيف يسيطر هذا اللوبي ومدى تأثيره على مسار السياسات الأمريكية في العالم، والشرق الأوسط تحديدًا. وشدد الكتاب على ضرورة وقوف العالم على حقيقة القوى المحركة للسياسة الأمريكية، في إشارة إلى اللوبي الصهيوني.

فصلت شبكة "سي إن إن" الإعلامية موظفًا بها، بسبب كلمة له طالب فيها بـ"فلسطين حرة من النهر إلى البحر"!

وتنفذ اللوبيات الصهيونية في المؤسسات الأمريكية والغربية عمومًا، الرسمية وغير الرسمية، يُطلق الأسئلة تلو الأخرى عن حقيقة الديمقراطية في هذه البلدان، وكيف تتعاطى مع من يتقرب من إسرائيل أو يوجه الانتقادات لها، ويطالب بحقوق الشعب الفلسطيني. 

اقرأ/ي أيضًا: "نهاية نهاية التاريخ".. الديمقراطية الغربية في مهب الريح

على ما يبدو من الوقائع المستمرة، فهذه الديمقراطية قد تكون متفاعلة بأدواتها مع الكثير من القضايا، وتصل لانتقاد الرؤساء والزعماء والمؤسسات الحاكمة، غير أنها للمفارقة مستبدة بشأن الاقتراب من إسرائيل!

ولا يقتصر الأمر على انتقاد إسرائيل وسياستها، إنما هناك اعتراض بالأصل على وجود من يوفر دعمًا للفلسطينيين، وهذا ما كشفت بوضوح عنه مندوبة الولايات المتحدة، نيكي هيلي، في تموز/يوليو 2017، التي أعلنت معارضتها للتوجهات المعادية لإسرائيل، منتقدة وجود دائرة مستقلة في الأمم المتحدة خاصة بفلسطين، وقائلة إن وجودها في الأمم المتحدة سيجعلها توفر "دعم حديدي من الولايات المتحدة لإسرائيل". وبهذا توضح أن اسم فلسطين في هذه الدوائر غير مرغوب فيه، والمطالب بحقوق هذا الشعب، سيواجه مصيرًا لا يختلف كثيرًا عما يواجهه أصحاب الكلمة في أنظمة الاستبداد!

ويشمل هذا السلوك، حتى المؤسسات الصحفية والإعلامية التي تدعي الحيادية، وأنها لا تقف مع طرف دون آخر، وهذا ما بدا واضحًا مع شبكة "سي إن إن"، التي فصلت المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، مارك لامونت هيل، بسبب مطالبته بتحرير فلسطين، إذ ذكرت "سي إن إن"، أن هيل لم يعد يعمل لديها دون ذكر أي سبب، بحسب ما نقلته صحفية واشنطن بوست الأمريكية عن وكالة أسوشيتد برس.

لكن السبب الحقيقي للفصل، والذي أوردته صحيفة الإندبندنت البريطانية، أن هيل دعا في خطاب ألقاه باجتماع أممي بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لمقاطعة تل أبيب، مطالبًا بـ"فلسطين حرة من النهر إلى البحر"، مضيفًا: "أدعم حرية فلسطين، وأدعم حق تقرير المصير للفلسطينيين، وأنتقد بشدة سياسة إسرائيل وممارساتها".

وبسبب هذه الكلمة، والتي يبدو أنه اقترب فيها من الخطوط الحمراء، تعرض هيل إلى انتقادات واسعة من المحافظين والمدافعين عن إسرائيل والمقربين من اللوبي الصهيوني، معتبرين أن ما قاله إنما هو "انعكاس لما تستخدمه حركة حماس ضد إسرائيل هو معاداة للسامية"! 

لكن هيل رد في حسابه على تويتر، بسلسلة تغريدات في نهاية تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، قال فيها، إنه "لسوء الحظ، نحن في لحظة أي نقد فيها للحكومة الإسرائيلية يسمى معاداة السامية"، مضيفًا: "وأي دعوة إلى الحرية الفلسطينية تعتبر محاولة للتقليل من حرية إسرائيل". وأكد في تغريدات أخرى أنه "لم أؤيد أو حتى أذكر حماس. كنت واضحًا جدًا في تعليقات حول الرغبة في الحرية والعدالة وتقرير المصير للجميع".

 

 

واستمر أستاذ الدراسات الإعلامية والمحلل في شبكة "سي إن إن"، في ردوده على الانتقادات التي تعرض لها، فقال من جديد: "أنا أؤيد الحرية لفلسطين. أنا أؤيد حق تقرير المصير للفلسطينيين". وشدد على انتقاداته "بشدة للسياسات والممارسات الإسرائيلية"، مبينًا أنه لا يؤيد معاداة السامية أو قتل الشعب اليهودي، أو أي شيء آخر ينسب إلى خطابه، موضحًا أنه "قضى حياته في محاربة هذه الأمور".

 

وأشار هيل إلى أن "عبارة من النهر إلى البحر، تعود إلى أوائل القرن العشرين، ولم تكن أبدًا متقاطعة مع معسكر أيديولوجي معين"، موضحًا: "هذا يعني أن كل مناطق فلسطين التاريخية مثل الضفة الغربية وغزة وإسرائيل (الأراضي المحتلة) يجب أن تكون أماكن للحرية والسلام للفلسطينيين".

 

 

ربما أصبح ضروريًا التعاطي مع الديمقراطية الغربية بما يليق بواقع تفاعلاتها وخطوطها الحمراء التي قد تتجاوز إلى نقيض الديمقراطية

حدث هذا الفصل لمحلل "سي إن إن" في ظل أنها مؤسسة إعلامية كبرى، وفي دولة تدعي أنها أعرق الديمقراطيات في العالم وأكثرها رسوخًا، وقد يستدعي ذلك، التعاطي مع الديمقراطية الغربية بما يليق بواقع تفاعلاتها وخطوطها الحمراء التي قد تتجاوز الحد إلى نقيض الديمقراطية!

 

اقرأ/ي أيضًا:

نعوم تشومسكي: إسرائيل رأس حربةِ قتل الديمقراطية

صحف أوروبا تبكي بندقية الصهيوني