02-مايو-2017

عناصر من جبهة "فتح الشام" (غيوم بريكيه/ أ.ف.ب)

لا تزال الاشتباكات مشتعلة على أشدها بين جيش الإسلام من طرف، وفيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام من طرف آخر، في منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، لليوم الخامس على التوالي، مع إعلان عدد من فصائل المعارضة اصطفافهم مع أحد الأطراف المتحاربة، ما يشكل تطورًا على صعيد الاقتتال الدائر، دون أن تظهر أي بوادر تهدئة، مع عدم الاستجابة للنداءات الداعية للاحتكام لـ"محكمة شرعية"، بناءً على البيانات المطالبة بذلك.

أبرز التطورات التي طرأت على حادثة الاقتتال، في المنطقة التي تشهد توترًا ملحوظًا بين الحين والآخر منذ إعلان جيش الإسلام أنه الفصيل الأكبر في المنطقة قبل عامين تقريبًا؛ كان في إصدار فصائل الجيش السوري الحر المشاركة في عملية "درع الفرات"، بيانًا أمس الإثنين، أعلنت فيه تأييدها لـ"جيش الإسلام". 

ولأول مرة منذ تشكيل جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا قبل إعلان فك ارتباطها به، اتهمت الفصائل في بيانها، بشكل صريح، جبهة النصرة أو "فتح الشام"، بأنه "الكيان الذي يلبس لباس النصرة في الغوطة، إنما هو ذاته داعش بذاته وبفكره الخبيث وعدوانه السافل" في إشارة لتحرير الشام.

منذ تحول النصرة  إلى تنظيم كبير في سوريا، ساهمت في القضاء على العديد من فصائل الجيش الحر

وتشكلت هيئة "تحرير الشام" نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، نتيجة اندماج خمسة فصائل "متشددة"، بينها جبهة "فتح الشام" الاسم الجديد الذي اتخذته بعد إعلانها فك ارتباطها بالقاعدة، ومباركة أيمن الظواهري لهذا التشكيل، وسمت قائد النصرة أبي محمد الجولاني قائدًا عسكريًا لها. 

ومنذ تحول النصرة في سوريا لفصيل كبير في العدد والعتاد، ساهمت في القضاء على العديد من فصائل الجيش السوري الحر، بينها جبهة ثوار سوريا، وحركة "حزم"، كما أنها التزمت الحياد خلال قتال فصائل المعارضة مع تنظيم داعش في حلب نهاية 2013، وقتال أحرار الشام مع تنظيم "جُند الأقصى" المبايع سرًا لتنظيم الدولة، قبل أن يتوجه مقاتليه لمعقل التنظيم الأساسي مدينة الرقة شباط/ فبراير الماضي.

وعلى خلاف فصائل "درع الفرات"، أصدرت حركة "أحرار الشام الإسلامية" بيانًا دعت في جيش الإسلام إلى "إيقاف البغي والنزول لمحكمة شرعية خلال 24 ساعة"، إلا أن اللافت في بيان الحركة المعروف عنها خلافها مع تحرير الشام، عدم وقوفها مع الجيش الذي أعلن اندماج قاطع الشمال التابع له مع الأحرار في شمال سوريا، مطلع العام الجاري، فيما أنّ معظم الفصائل التي أيدت جيش الإسلام في بيانها، تعرضت مقراتها لهجمات مفاجئة من مقاتلي تحرير الشام خلال الفترات السابقة، وقبلها من جبهة "فتح الشام".

اقرأ/ي أيضًا: هل يتصادم الجهاديون في الشمال السوري؟

تأييد فصائل "درع الفرات" لحملة جيش الإسلام في الغوطة الشرقية، يحمل دلالة مهمة على خشيتهم من إعاقة تحرير الشام لأي عملية تفاوضية مع النظام السوري، قد توصل لتهدئة القصف على المنطقة، بعد أن عرقلة فتح الشام سابقًا عديد الاتفاقيات، من بينها رفضها خروج مقاتليها من الشطر الشرقي لمدينة حلب، مقابل إيقاف حملة القصف على المدنيين، ألحقتها خلال اقتحام قوات الأسد للأحياء الشرقية، بهجومٍ على مقرات فصائل المعارضة المتواجدة فيها، ما أثر سلبًا على صد عمليات الاقتحام، وأدى لاستعادة النظام السوري السيطرة عليها.

[[{"fid":"70776","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"بيان فصائل الجيش الحر الداعم لجيش الإسلام","field_file_image_title_text[und][0][value]":"بيان فصائل الجيش الحر الداعم لجيش الإسلام"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"بيان فصائل الجيش الحر الداعم لجيش الإسلام","field_file_image_title_text[und][0][value]":"بيان فصائل الجيش الحر الداعم لجيش الإسلام"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"بيان فصائل الجيش الحر الداعم لجيش الإسلام","title":"بيان فصائل الجيش الحر الداعم لجيش الإسلام","height":800,"width":623,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

وبالإضافة لذلك لا يمكن إغفال المقترح الروسي الذي قالت وكالة "سبوتنيك" الروسية إنها حصلت على نسخة منه، ويتضمن تخفيف التصعيد العسكري في أربعة مناطق بينها الغوطة الشرقية، ووضع خطة لقتال داعش، وجبهة النصرة أو "تحرير الشام"، حيثُ الأخيرة تضم في تشكيلها قيادات بارزة من تنظيم القاعدة، من بينها الرجل الثاني في التنظيم أبو الخير المصري الذي قتل بغارة جوية لطائرة من دون طيار في مدينة إدلب منتصف شباط/ فبراير الماضي.

ومن أهم العقبات التي تقف في وجه وفد فصائل المعارضة العسكرية التي وصلت إلى العاصمة الكازاخية "أستانا"، لحضور الاجتماع المرتبط بالوصل لحل للأزمة السورية، والمزمع عقده خلال اليومين القادمين، عدم إمكانية الوفد التنصل من التحالف مع تحرير الشام، إذ عمدت عند أول اجتماع عقد في عين العاصمة، إلى مهاجمة مقرات الفصائل في الشمال السوري، بحجة مهادنتها للنظام السوري. 

وللتنويه فأن كافة فصائل المعارضة، رفضت في عديد الاجتماعات، استهداف فتح الشام، مؤكدًة على أنها جزء من مكونات الشعب السوري، فيما كانت الأخير تسارع دائمًا لتخوين جميع الفصائل تحت بند تحالفها مع النظام السوري.

من جهته يدرك جيش الإسلام، أنه في حال تم التوصل لتسوية حول الاقتتال الأخير، فإنّ مقراته ستكون في وقت لاحق، بعد أن يتم وقف إطلاق النار، هدفًا لمقاتلي تحرير الشام، وبالتالي فإن هدفه يكمن في إنهاء تواجد الهيئة في الغوطة الشرقية، ودعمه في هذا الخيار عشرة فصائل من الشمال السوري، وهي ذاتها التي وقعت على البيان، حيثُ للأخيرة تاريخ طويل في انتهاك أي عملية وقف لإطلاق النار بحجج غير واضحة.

اقرأ/ي أيضًا: مرة أخرى.. جيش الإسلام يفتح نيرانه على فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية

ورغم المظاهرات الشعبية التي تجوب مدن وبلدات الغوطة الشرقية، داعية جميع الأطراف المتحاربة لوقف الاقتتال، فإن المعارك لا تزال مشتعلة بشكل عنيف، مع تضارب في الأخبار القادمة من مناطق الاشتباكات حول أعداد القتلى بين الطرفين، والتأكيد على استقدام الجيش لتعزيزات عسكرية، واستخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة في المعارك، ووجود حالات قنص عشوائي في بعض البلدات، دون ذكر تفاصيل أخرى، إذ تلتزم وسائل الإعلام المحلية التي لديها مراسلين داخل سوريا، بعدم نقل ما يحصل على الأرض بشكل واضح، حرصًا على سلامة مراسليها من نقمة الفصائل العسكرية.

رفضت كافة فصائل المعارضة في العديد من الاجتماعات، استهداف "فتح الشام"، معتبرة إياها جزء من مكونات الشعب السوري

وحتى اللحظة لا يزال مجهولًا إن كان من الممكن للفصائل المتقاتلة، أن تصل لتسوية فيما بينها، إلا أن بيان فصائل "درع الفرات"، أعطى دفعًا معنويًا لجيش الإسلام، وبالأخص أنها دعت الفيلق بالوقوف إلى جانب الأخير في معاركه، ما يجعل من إمكانية فرض أي تهدئة مطرح شك خلال الوقت الراهن، لا سيما وأن الجيش يملك عتادًا بالسلاح والذخيرة يفوق مخازن أي فصيل متواجد في المنطقة، ما يجعل من تواجد تحرير الشام في الغوطة الشرقية مهددًا على غير العادة، وقد يكون بداية لإنهاء تواجدها في إحدى أهم معاقل المعارضة السورية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل تنهي تركيا عملية "غضب الفرات" الكردية باتفاق مع واشنطن؟

"فتح الشام".. تضع الشمال السوري على خط النار