تلقت إدارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ضربة استراتيجية غير متوقعة بإعلان دولة تشاد إلغاء اتفاقيات التعاون الأمني والدفاعي مع باريس، وفي خطوة مماثلة يمكن وصفها الضربة المزدوجة، أعلنت السينغال هي الأخرى عدم رغبتها ببقاء القوات الفرنسية على أراضيها، بحسب تقارير صحفية مختلفة.
وقال بيان وزارة الخارجية في تشاد إن إلغاؤها المعاهدة يأتي كجزء من تأكيد "تشاد سيادتها الكاملة، وأن تعيد تحديد شراكاتها الإستراتيجية بناء على الأولويات الوطنية"، وذلك بعد أكثر من ستة عقود من الاستقلال عن قوتها الاستعمارية السابقة. وترى صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن قرار تشاد يمثل "رفضًا آخرًا لنفوذ فرنسا الاستعماري".
وفي خطوة مماثلة، قال الرئيس السنغالي، بشير جوماي فاي، للتلفزيون الفرنسي، أمس الخميس، إن "من غير الملائم أن تواصل القوات الفرنسية بقاءها في بلاده، حيث يوجد 350 من عناصرها حاليًا"، بحسب وكالة "رويترز". فيما نقلت "فايننشال تايمز" عن جوماي فاي قوله في مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية "لدينا تعاون مع الولايات المتحدة والصين وتركيا دون أن يكون لهذه الدول قاعدة على أرضنا. هل فرنسا قادرة على القيام بذلك؟".
تلقت إدارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ضربة استراتيجية غير متوقعة بطلب دولتي تشاد والسنغال بإنهاء التواجد العسكري الفرنسي على أراضيهما
ويُمثل إعلان تشاد إلغاء الاتفاقيات مع فرنسا نهاية للنفوذ الاستعمار الفرنسي في البلدان الواقعة في الصحراء الكبرى المعروفة بالساحل الإفريقي، بعد إلغاء قادة الانقلابات العسكرية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر جميع الاتفاقيات التي تربطهم مع فرنسا. وترى "فايننشال تايمز" أن هذا التحول في العلاقة بين الدول الإفريقية وفرنسا سببه "السخط واسع النطاق بشأن انعدام الأمن والفقر والنفوذ الفرنسي – الأوروبي"، مشيرة إلى أن جميع الدول لجأت إلى التعاون مع روسيا، لكن بدرجات متفاوتة.
وجاء إعلان تشاد والسنغال بالتزامن مع تسلّم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، هذا الأسبوع تقريرًا من المبعوث الفرنسي يقترح خفض التواجد العسكري لباريس في تشاد والغابون وساحل العاج، وبحسب وكالة "رويترز"، فإن مصدرين أوضحا أن "الخطة تقوم على خفض عدد القوات إلى 600 من نحو 2200 الآن"، بالإضافة إلى خفض عدد القوات الفرنسية في تشاد من ألف إلى 300 جندي.
منظمة "هيومن رايتس ووتش" تصدر بيانًا يفيد بأن الحكومات الأوروبية لم تحسب حسابًا بعد للتأثيرات المستمرة لإرثها الاستعماري في #إفريقيا ودعت #أوروبا إلى تعويض الضحايا. pic.twitter.com/Q2Q0rM3SYU
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 15, 2024
ونقلت "رويترز" عن مسؤول فرنسي مطلع على الشؤون التشادية، قوله إن "حكومة تشاد بدت وكأنها اعتبرت القرار الفرنسي بخفض وجودها العسكري هناك إلى أكثر من النصف بمثابة ازدراء"، مضيفًا أن "تشاد شعرت أيضًا أن الفرنسيين لن يكونوا في وضع يسمح لهم بضمان أمن النظام العسكري للرئيس محمد إدريس ديبي".
وبحسب "رويترز"، يتناقض الانسحاب الفرنسي، إلى جانب الانسحاب الأميركي من إفريقيا، مع النفوذ الروسي المتزايد، بالإضافة إلى دول أخرى في القارة الإفريقية، مشيرة إلى مساعدة مرتزقة قوات فاغنر الروسية في دعم الحكومات العسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو. وفيما قلل مسؤولون فرنسيون من قدرة روسيا على الاستفادة من النكسة الفرنسية في تشاد، على الأقل في الأمد القريب، فإن مصدر فرنسي أشار إلى أن روسيا وتشاد تدعمان أحد أطراف الصراع في الحرب الدائرة في السودان.
وتشير صحيفة "لوموند" إلى أنه لطالما كانت تشاد معقلًا للجيش الفرنسي إفريقيا، ويُنظر إليها على "حاملة طائرات افتراضية في وسط الصحراء يجب الحفاظ عليها بأي ثمن، حيثُ تضم واحدة من القواعد العسكرية الخمس لفرنسا في إفريقيا، والتي أنشأت منذ استقلال تشاد في عام 1960، واصفة القرار بأنه "صفعة غيير متوقعة على وجه باريس"، نظرًا لعدم تلقي أي مسؤول فرنسي إخطارًا بالقرار، وتقول "لوموند" نقلًا عن مصادرها إنه حتى وزير الدفاع في تشاد لم يكن على علم بالقرار.