01-فبراير-2016

مناصرات لحزب الله يحملن صورة سليمان فرنجية مرشح الحريري لرئاسة الجمهورية الحالي (أسامة أيوب/أ.ف.ب/Getty)

الثّابت الوحيد في السياسة اللبنانية أخيرًا، هو أن فريق 14 آذار، وعلى الرّغم من انقسامه الحادّ مؤخرًّا، نجح في فتح كوّة في جدار 8 آذار، مزعّزعًا "الحلف الاستراتيجي" الذي يجمع حلفاء حزب الله المسيحيين. تيّار المستقبل الذي يحاول إيجاد نافذةٍ يدخل منها إلى جنّة رئاسة الحكومة بعد أن خرج من الباب، رشّح سليمان فرنجية. القوات اللبنانية الخائفة على مستقبلها في حال انتخاب فرنجية، رشّحت غريمها التّاريخي، ميشال عون، في خطوةٍ ذكيةٍ تُحسب لها.

الثّابت الوحيد في السياسة اللبنانية أخيرًا، هو أن فريق 14 آذار، وعلى الرّغم من انقسامه الحادّ مؤخرًّا، نجح في فتح كوّة في جدار 8 آذا

عدّة سيناريوهاتٍ تنتظر الملف الرّئاسي، فريق الثّامن من آذار حسم ملف الرّئاسة لصالحه، أو لصالح رئيسٍ مستقلٍّ يميل لتوجهاته. حصد فريق الثّامن من آذار نصرًا من حيث لا يحتسب، هذا في الظاهر، ماذا عن بواطن الأمور؟ يمكن تقسيم فريق الثّامن من آذار لقسمين، حزب الله من جهة، والحلفاء من جهةٍ أخرى، حزب الله انتصر، بغضّ النّظر عن النّتيجة التي ستفضي المحادثات إليها، حافظ على سلاحه، أمّن غطاءً له في حروبه، والأهم، دفن موضوع سلاح المقاومةِ الذي كان قدّ نجح في تجميد الحديث فيه سابقًا. مكاسب حزب الله يقابلها خللٌ في التّحالفات، مع أن هذا الخلل على علّاته، يبقي 8 آذار بحالٍ أشفى من حال 14 آذار، أو ما كان يسمى ب 14 آذار.

السّيناريو الأول: فرنجية ينسحب لعون

تغريدة فرنجية الأخيرة، تعليقًا على خطاب نصر الله المتدارك لتصدّع بيته الدّاخلي، وردّه التّحية بأحسن منها، فتح الباب على فكرة انسحابه، أي فرنجية، لصالح عون، مرشح حزب الله الرّسمي، لكن على أي أساس؟ ومن المتضرّر؟

حسابات عون اليوم لا تتطابق مع بيدر فرنجية، ففرنجية يجد في ترشّحه فرصةً للحفاظ على إرث آل فرنجية التّاريخي، كعائلةٍ إقطاعيةٍ بحضورٍ سياسي، واسألوا السّيدة سونيا فرنجية. فوز عون، وتغييب فرنجية، يعني أن الأخير أمسى محاصرًا في قضاء زغرتا، بزعامة منطقته فقط، بينما يعيش عون نشوة النّصر الرئاسي، في حين يعمل جعجع على ما بدأ به منذ فترة، أي السّعي لتمدّد حزبه وتوسيع دائرة نفوذه، لكن، سيعمل هذه المرّة علنًا، بصفته صانع الزّعماء مزكّي الرّؤوساء، لا فقط رئيس الهيئة التّنفيذية لقوات اللبنانية، فاتحًا ذراعيه لاستقبال المستقّلين ممَن لم يحسموا خياراتهم السّياسية بعد، ومحضّرًا صالونه لاستقبال الوفود العونية مستقبلًا عند مبايعتها له، كحليف أهل للثقّة، وكشخصيةٍ قادرةٍ على حمل الصّولجان المسيحي.

فرنجية يعي جيّدًا معنى انتخاب عون رئيسًا وخروجه من المعادلة خالي الوفاض، أي إنهاءه حياته السّياسية باكرًا، لذا، قد ينسحب فرنجية كرمى لعيون نصر الله، لكن بعد ضمان مكاسب تكفل له استمراريته، كحصص وزاريةٍ وازنةٍ وتعييناتٍ من خارج المحيط الزّغرتاوي، كما تعهّدٍ عوني بعدم التّراخي مع جعجع، أو إفساح المجال له بالتّمدد أكثر فأكثر على حساب التّيار الوطني وبالتّالي المردة.

السّيناريو الثّاني: عون ينسحب لفرنجية

يعتبر هذا السّيناريو الأضعف من بين السّيناريوهات المطروحة، مع أن فرنجية يحظى بتأييد عدّد لا بأس به من النّواب، لا بل يتفوّق بعدد المؤيّدين على عونٍ نفسه، دون أن يحصد الثّلثين اللذين يخوّلانه كسب المنصب الرّئاسي، وبالتّالي لقب فخامة الرّئيس.

على عكس عون، لا يستطيع فرنجية أن يقدّم لعون شيئًا، لا تعيينات ولا تمدّد في النّفوذ، لا وزاراتٍ ولا مقاعد نيابيةٍ جديدة، عون يملكها ويضمن الحصول عليها متى شاء، بفعل تحالفه الصّلب مع حزب الله، فانسحاب عون لفرنجية، مستحيلٌ إلّا إذا اقترح الثّلاثي برّي-حريري-جنبلاط صيغة تُقنع الجنرال بتزكية مرشّحهم.

السّيناريو الثّالث: هنري الحلو!

هنري الحلو، النّائب عن الكتلة الجنبلاطية، كنيوتن، جلس على كرسي جنبلاط، فوقعت تفّاحة التّرشيح على رأسه، وما زال لليوم ينظر إليها مصدومًا. لم تقع التّفاحة وحدها، بل رماها جنبلاط، الذي اعتاد الجلوس أعلى الشّجرة على رأس حلو بهدف التّسلية لا أكثر.

يعي فرنجية جيّدًا معنى انتخاب عون رئيسًا وخروجه من المعادلة خالي الوفاض

مع أن حلو بعيدٌ كل البعد عن الفوز بالرّئاسة ظاهريًا، لكنه ضمنيًا، أو بالأحرى نموذج حلو، هو النّموذج الأقرب إلى الرّئاسة، يملك الصّفات التي يفضّلها أركان النّظام: ماروني، معدوم التّمثيل منعدم التّأثير، عاجزٌ عن فرض المطالبة بصلاحياته.

نموذج هنري الحلو قد يكون قائدًا للجيش، أو وزيرًا سابقًا يحترف الابتسام، أو نائبًا منسيًا، من يدري؟ مهما اختلف التّوصيف، نموذ الحلو هو المطلوب لزيادة مرورة السّياسة اللبنانية. رئيسٌ بلا لون، بلا أي قدرةٍ فعليةٍ على التّغيير، إلّا قدرته على الحفاظ على النّظام الرّاهن والسّتاتيكو الحالية.

يمكن اعتبار جوقة "الفنّ الجاهز"، معين وزين كو. الفائز الأكبر من المصالحة القواتية-العونية، ومن حفلة الزّجل الأبله التي شهدناها عند زيارتهم لجعجع وعون، أبشع صور الوحدة والتّعايش الوطني الزّائف، قد تنفع هذه الصّورة، وأغنية "راجع يتعمر لبنان" المشوّهة لبنان لاحقًا، ربما كنشيدٍ وطني، يغنيه عريسا السّاحات، معين شريف وزين العمر.

اقرأ/ي أيضًا:
عون وجعجع.. لقاء التكاذب ورد الصفعات
الحريري يرد الصاع لعون