توصلت إسرائيل وإيران إلى اتفاق هش لوقف إطلاق النار، في ظل اتهامات إسرائيلية لإيران بخرق الاتفاق وتهديدات بالرد القوي على الهجوم الصاروخي الذي استهدف مدينة بئر السبع صباح اليوم الثلاثاء، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى، إلى جانب أضرار كبيرة في البنية التحتية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن مساء الإثنين، بحماسة واضحة، التوصل إلى وقف لإطلاق النار أنهى مواجهة عسكرية استمرت 12 يومًا، معتبرًا أن الاتفاق حال دون اندلاع حرب إقليمية مدمرة كان من الممكن أن تستمر لسنوات.
ومع أنّ اعتبار هذا التطور نهاية لمرحلة التصعيد يبدو سابقًا لأوانه، فإن السلطات الإسرائيلية شرعت في تلقي طلبات التعويض وجرد الخسائر الناجمة عن الرد الإيراني، وذلك عقب العملية العسكرية التي بدأتها إسرائيل ضد إيران في 13 حزيران/يونيو الجاري. وقد أعلنت الجهات المختصة عن تلقي نحو 40 ألف طلب تعويض، وسط تقديرات أولية تشير إلى أن الأضرار الاقتصادية تجاوزت مليار دولار.
وصل حوالي أربعون ألف طلب تعويض إلى وزارة المالية الإسرائيلية في ظل توقعات اقتصادية، بأن تكون الأضرار الناجمة عن الرد الإيراني قد بلغت أكثر من مليار دولار
خسائر تعمّق الأزمة
تكبّدت إسرائيل خسائر مادية وبشرية كبيرة جرّاء المواجهة الأخيرة مع إيران، حيث أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية عن إجلاء أكثر من 15 ألف شخص من منازلهم خلال الأيام العشرة الأولى من اندلاع المواجهات، بسبب الأضرار الناتجة عن القصف الصاروخي الإيراني الذي طال مناطق واسعة في الوسط والشمال والجنوب.
كما أفادت الوزارة بأنها تلقّت أكثر من 35 ألف طلب تعويض من مواطنين إسرائيليين تضرّرت ممتلكاتهم، خاصة المنازل والسيارات. وقدّرت القناة 12 الإسرائيلية حجم الخسائر بنحو 4 مليارات شيكل (حوالي 1.1 مليار دولار)، حتى يوم السبت الماضي فقط، دون احتساب الأضرار اللاحقة نتيجة الضربات الجديدة التي استهدفت بئر السبع صباح اليوم الثلاثاء.
الضربات الإيرانية المتكررة، التي تصاعدت مطلع الأسبوع، تسببت في مزيد من الدمار والخسائر، وهو ما يرشّح الحصيلة الاقتصادية للمواجهة لمزيد من الارتفاع خلال الأيام المقبلة.
قطاع السياحة بدوره شهد شللاً تامًا، بعد إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي أمام الرحلات المدنية من وإلى مطار بن غوريون. ويُعد هذا القطاع أحد أبرز روافد الاقتصاد الإسرائيلي، الذي تلقّى ضربات متتالية منذ جائحة كورونا، وتفاقمت حدّتها بفعل العدوان المتواصل على غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ثم العدوان الأوسع على إيران.
الخسائر لم تقتصر على السياحة والخدمات، بل طالت أيضًا قطاع التكنولوجيا المتقدمة (الهايتك) وقطاع البناء، ما يهدد بتباطؤ اقتصادي في حال استمرار التصعيد.
ورغم هذه الأضرار، يرى مؤيدو العدوان على إيران أن الكلفة الحالية تبقى "مقبولة" مقابل ما يعتبرونه "نجاحًا في كبح المشروع النووي الإيراني"، واغتيال قادة بارزين في الجيش والبرنامج النووي الإيراني.
في المقابل، تؤكد طهران أنها اتخذت تدابير استباقية، منها إخلاء منشآتها النووية من اليورانيوم المخصّب وأجهزة الطرد المركزي ونقلها إلى مواقع سرّية، في محاولة لتقليل الأضرار.
وفي طهران، أعلن محافظ المدينة صباح اليوم عن تدمير أكثر من 120 وحدة سكنية بشكل كامل جراء الغارات الإسرائيلية، وارتفاع عدد الضحايا إلى أكثر من 500 قتيل، إضافة إلى مئات الجرحى. إلا أن حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية النووية ما يزال غير واضح، وسط مزاعم إسرائيلية وأميركية عن تدمير منشآت نطنز، أصفهان، وفوردو.