23-أكتوبر-2016

صادق كويش الفراجي/ العراق

يُقبلون فرادى أو ثنائيّات
ينبثقون من انعكاس زرقة الفجر
على زجاج النافذة.

 

هم أسراي الآن
يدورون حولي أملًا في أن يفلتوا 
من قبضة منامي.

 

: أليس لديكم قلوبٌ
تأسى قليلًا
على القلوب التي مزقتموها؟

 

: كيف لكم أن تيتّموا
أو تثكلوا 
أو ترمّلوا بهذه السهولة؟

 

: لماذا تذهبون
وإلى أين؟

 

لطالما كنا نناديهم ولا يلتفتون
يعرفون اللعنة؛
من يلتفت يعلقْ عنقُه
في ممرات الهواء الضيقة.

 

من عبروا
ظلّوا يزورون أحلامنا.

 

من علقوا
مزقت الصرخات وجوههم
ولن يكون في وسعنا، أو وسعهم،
ترميم صورتها.

 

ها هم الآن 
ليس لهم أفواهْ
ثمة من خاط شفاههم
فاستبدلوا الكلام بالنظرات.

 

(النظرات التي مات فيها النّظر
وظل الخوف فقط حيّاً في محاجرها)

 

يتحدثون باتساعها المستعار من عيون الغرقى
من أفواه المنادين تحت الأنقاض
من لهاث المعذبين في ظلام الأقبية؛
يرجونني إيقافَ الاستحضار
وإطلاق سراحهم في العدم السعيدْ..
أتذكر كيف كانوا يمرون غير مبالين
بينما نراقبهم بحياد
كأنهم عميان
وكأننا بلا قلوب..
أتذكر فأواصل الأمر 
دون انتباه لتبخر الجدران حولي
لاختفاء البيت
لتلاشي الأفق.

 

فجأةً، أنا مثلهم
بفم مخاطٍ وعيون تتكلم لغة الاتساع ولهجاتها،
غير مبالٍ
من فينا جلبَ الآخر
إلى الغياب الآخر،
المهم أن نذهب وجهًا واحدًا
وجه أمٍّ أو أبٍ
أختٍ أو أخٍ أو صديق،
المهم أن نغدو وجهًا واحدًا
هو وجه من يرانا
كي لا يبقى المفقودون غرباء.

 

* من "مشاة نلتقي.. مشاة نفترق" الصادرة حديثًا عن "المتوسط"

اقرأ/ي أيضًا:

قبعات من الغيمِ بيضاء

مؤذٍ أن تكون بخير في غيابي