1. سياسة
  2. حقوق وحريات

غضب حقوقي متصاعد: حلفاء إسرائيل الأوروبيون في مرمى المساءلة

19 مايو 2025
إبادة جماعية في غزة
الفلسطينيون يواجهون خطرًا كبيرًا بالإبادة الجماعية في غزة (منصة إكس)

في الوقت الذي تمضي فيه إسرائيل في تنفيذ عمليتها العسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة، متجاهلةً قرارات محكمة العدل الدولية، ووسط تزايد أعداد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، تتصاعد الضغوط القانونية والأخلاقية على حلفائها الغربيين، خصوصًا في الاتحاد الأوروبي، لوقف التواطؤ الصامت تجاه ما تصفه جهات أممية ومنظمات حقوقية بأنه إبادة جماعية مؤكدة.

تحذير قضائي غير مسبوق للاتحاد الأوروبي

في تحرك قانوني هو الأول من نوعه، أصدرت جمعية الحقوقيين لاحترام القانون الدولي (JURDI)الفرنسية، والتي تضم نخبة من المحامين والخبراء المتخصصين في القانون الدولي، إنذارًا قانونيًا إلى المفوضية الأوروبية، متهمةً إياها بـ"الإخفاق في الوفاء بالتزاماتها الدولية تجاه منع وقوع الإبادة الجماعية في غزة". وتضمن الإنذار رسالتين وجهتا إلى رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي بارت دي ويفر.

أصدرت جمعية الحقوقيين لاحترام القانون الدولي (JURDI)الفرنسية، والتي تضم نخبة من المحامين والخبراء المتخصصين في القانون الدولي، إنذارًا قانونيًا إلى المفوضية الأوروبية، متهمةً إياها بـ"الإخفاق في الوفاء بالتزاماتها الدولية تجاه منع وقوع الإبادة الجماعية في غزة

وحذّرت الجمعية من أنها ستلجأ إلى محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ، في حال تجاهل المؤسسات الأوروبية لمطالبها، التي شملت إصدار إعلان واضح بأن إسرائيل ترتكب جرائم جسيمة في غزة، وإجراء إعادة تقييم شاملة للعلاقات الأوروبية-الإسرائيلية، إلى جانب فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية على عدد من القادة الإسرائيليين، في مقدّمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزيرا المالية والأمن القومي.

وقال يوهان صوفي، أحد مؤسسي الجمعية، لصحيفة "لوموند" الفرنسية: إن هذا التحرك يمثل "صرخة تنبيه أخلاقية وقانونية"، مشدّدًا على أن صمت المؤسسات الأوروبية يهدد القيم التي بُني عليها الاتحاد الأوروبي. وأضاف: "الاتحاد الأوروبي، إذا لم يحترم التزاماته الأخلاقية والقانونية، يفقد روحه وهويته".

نداءات من الداخل الأممي والمجتمع المدني

لم يكن تحرك  (JURDI)الوحيد. فمع توالي الصور والوقائع القادمة من قطاع غزة والضفة الغربية، تتعالى الأصوات داخل المؤسسات الدولية نفسها. وفي 12 أيار/مايو الجاري، ألقى منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، كلمة مؤثرة أمام مجلس الأمن، قال فيها: "لقد زرت ما تبقى ما تبقى من المستشفيات في غزة، والموت بهذه الكثافة له رائحة وأصوات لا تغادرك... ما الذي تنتظرونه؟ أي دليل تحتاجونه أكثر؟ إن لم تتحركوا الآن، فأنتم شركاء في الجريمة".

وشدد فليتشر على أن الجهود الدبلوماسية الهادئة لم تنجح في ردع الحكومة الإسرائيلية، داعيًا إلى تحرك حازم وعلني من قبل الدول الأعضاء في مجلس الأمن.

إسرائيل تمضي في تنفيذ "خطة الترحيل" رغم الإدانات

في تصريحات رسمية لا لبس فيها، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو،  الصادر بحقه أمر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، عمّا وصفه بـ"خطة حسم الحرب في غزة"، والتي تقوم على ثلاثة محاور رئيسية: التدمير الكامل للبنية التحتية المدنية في القطاع، وحشر السكان المدنيين في أقصى جنوب غزة، تمهيدًا لدفعهم نحو الهجرة إلى دول ثالثة.

هذه الخطة، كما أعلنها، تعكس توجهًا تصعيديًا غير مسبوق يتجاوز الأهداف العسكرية إلى تغيير ديمغرافي قسري، ما يثير قلقًا واسعًا من احتمالات ارتكاب جرائم تطهير عرقي وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي.

وقال نتنياهو بوضوح: "نحن لا نخفي خطتنا. هذا هو المشروع الذي ننفذه". فيما ذهب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى حد الإعلان صراحةً عن نية طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة، قائلاً: "غزة ستُطهَّر من حماس، وسيرحل مئات الآلاف من سكانها نحو دول أخرى".

هذه التصريحات لا تخرج فقط عن القواعد الأخلاقية، بل تشكل، بحسب خبراء القانون الدولي، إثباتًا صريحًا على وجود نية مسبقة لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وهو أحد المعايير الأساسية التي تُؤخذ بعين الاعتبار في تقييم هذا النوع من الجرائم بحسب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948.

قرارات محكمة العدل الدولية والتجاهل الممنهج

محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي تنظر في الشكوى المقدّمة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل منذ كانون الثاني/يناير 2024، أصدرت حتى الآن ثلاثة أوامر قضائية متتالية في شباط/فبراير وآذار/مارس وأيار/مايو من العام نفسه. وقد أكدت المحكمة، في جميع أوامرها، أن الأوضاع في غزة تُنذر بخطر ارتكاب جريمة إبادة جماعية، داعية إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات فورية تشمل: وقف جميع الأعمال التي قد ترقى إلى الإبادة، ومعاقبة المحرضين على الكراهية والتحريض على الإبادة، إضافة إلى السماح العاجل بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون قيود.

إلا أن إسرائيل تجاهلت هذه القرارات تمامًا، واستمرت في تصعيد عملياتها، وسط صمت غربي لافت، حيث امتنعت دول مثل فرنسا وألمانيا عن اتخاذ أي موقف عملي، في حين اكتفت إسبانيا وإيرلندا بالتعبير عن دعم دعوى جنوب إفريقيا.

 المسؤولية القانونية على عاتق الغرب

بحسب المادة الأولى من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، فإن الدول الموقعة تلتزم بـ"منع ومعاقبة مرتكبي الإبادة"، وليس فقط بعد وقوعها، بل عند توافر الخطر الحقيقي أو النية الظاهرة.

وهنا يوضح يوهان صوفي أن توفر المعرفة، الموثقة بتقارير أممية وقرارات قضائية، يفرض على الدول التحرك، مضيفًا: "لا يستطيع القادة الغربيون أن يقولوا إنهم لم يعرفوا. لقد وُضعت أمامهم كل الأدلة. كل ما عليهم فعله هو نسخ ما فعلوه ضد روسيا".

وتابع صوفي: "الغرب استخدم العقوبات ضد روسيا بزعم انتهاك القانون الدولي في أوكرانيا، فكيف يصمت تجاه ما يحدث في غزة؟ لديه من الأدوات والنفوذ على إسرائيل أكثر مما لديه على روسيا أو إيران".

"تواطؤ مؤسسي" يُهدد الشرعية الدولية

صوفي لم يتردد في اتهام الدول الغربية بممارسة "تواطؤ مؤسسي"، أي تورط غير مباشر لكنه ممنهج، عبر الامتناع المتعمد عن اتخاذ إجراءات لمنع الجرائم رغم علمها بها. وقال: "اللا فعل هو شكل من أشكال الفعل، وهو تواطؤ حقيقي".

في ظل هذه المعطيات، تزداد التساؤلات حول مصداقية النظام الدولي نفسه، وقدرته على إنفاذ القانون الدولي بعيدًا عن المعايير المزدوجة. وإذا استمر الغرب في تقاعسه، فإنه يفتح الباب أمام مشهد دولي تسوده الفوضى القانونية، حيث يُجزى المعتدي ويُعاقب الضعيف.

 ساحة اختبار أخلاقي للعالم

إن ما يحدث في غزة لم يعد مجرد مأساة إنسانية متواصلة، بل أصبح شاهدًا صارخًا على تواطؤ الدول الغربية، التي اختارت الصمت، وأحيانًا الدعم، في وجه واحدة من أكثر الجرائم توثيقًا في القرن الحادي والعشرين. لقد تجاوزت مواقف هذه الدول حدود الإخفاق الأخلاقي، إلى الضلوع الصريح في استمرار الانتهاكات، من خلال التغطية السياسية، أو غض الطرف عن الحصار، أو تعطيل قرارات دولية كان يمكن أن توقف النزيف.

المعادلة لم تعد تحتمل الالتباس: الصمت ليس حيادًا بل انحياز، والمعرفة دون فعل مشاركة في الجريمة، وكل ساعة تأخير تدفع ثمنها أرواح المدنيين الأبرياء في غزة.

كلمات مفتاحية
وزيرة الداخلية البريطانية

بريطانيا تُشدّد سياسات اللجوء والهجرة وسط انتقادات حقوقية

شددت حكومة حزب العمال برئاسة كير ستارمر سياسات المملكة المتحدة الخاصة بالهجرة واللجوء، من خلال أكبر تعديل في التاريخ البريطاني الحديث

مؤتمر "فلسطين وأوروبا"

افتتاحية "لوموند" تعلق على إلغاء مؤتمر للمركز العربي في باريس: "سابقة خطيرة"

تناولت افتتاحية "لوموند" الفرنسية الهجوم اليميني المتطرف، المدعوم من لوبيات مؤيدة لإسرائيل ووزير التعليم العالي، على مؤتمر "فلسطين وأوروبا"

تونس

تونس: نشطاء قابس يواصلون احتجاجاتهم وتضامن واسع مع المعتقلين المضربين عن الطعام

تمسّك النشطاء في مدينة قباس جنوب تونس بمطلبهم المتمثل في تفكيك المجمع الكيميائي بالمدينة

غلاف الكتاب (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)
نشرة ثقافية

"الابتكار في العلوم الاجتماعية".. الربط بين النظرية والممارسة العملية

صدور كتاب "الابتكار في العلوم الاجتماعية: الهامشية المبدعة "

tsamym-altra-wyb-qyas-jdyd.png
فنون

علي عنبه.. صوت شعبي هزم التراتبية الطبقية للغناء اليمني

الفنان الشعبي اليمني علي عنبه

صورة تعبيرية
مجتمع

لماذا تدفع أوروبا لاجئين للعمل بمهن لا تتناسب مع شهاداتهم العلمية؟

أيًا كانت الشهادة العليا التي يحملها، يصطدم اللاجئ في أوروبا بعروض العمل التي تنحصر بوظائف كالحدادة والتنظيف والتوصيل

مبابي
رياضة

المحاكم الفرنسية تفصل بين مبابي وباريس سان جيرمان وسط مطالب مالية قياسية

تبادل الطرفان مطالب مالية ضخمة تجاوزت 800 مليون دولار