تواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة وسط حصار خانق يخنق الحياة اليومية لسكان القطاع، محرومين من أساسيات العيش من غذاء وماء ودواء. وتُسجَّل يوميًا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بالتوازي مع تصعيد عسكري دموي لا يرحم المدنيين ولا يحترم القانون الدولي.
فيما دعا المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى إرسال بعثات تحقيق دولية مستقلة لتوثيق جرائم الاحتلال ومحاسبة المسؤولين عنها، مؤكّدًا أن ما يحدث تجاوز حدود الكارثة الإنسانية إلى "هندسة مجاعة ممنهجة".
مجازر متواصلة... والموت يحاصر الجميع
فمنذ فجر اليوم، استُشهد ما لا يقل عن عشرة فلسطينيين في سلسلة غارات إسرائيلية على مناطق متفرقة من القطاع، بينهم أسرة كاملة مكوّنة من خمسة أفراد، استُشهدوا في قصف استهدف خيمتهم في حي الصبرة جنوبي مدينة غزة، وفقًا لما أفاد به مصدر طبي.
دعا المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى إرسال بعثات تحقيق دولية مستقلة لتوثيق جرائم الاحتلال ومحاسبة المسؤولين عنها
كما قصف الاحتلال مركز إيواء تابعًا لوكالة "الأونروا" في مخيم جباليا شمال القطاع، ما أدى إلى استشهاد أربعة وإصابة آخرين. واستهدفت مدفعية جيش الاحتلال الإسرائيلي حي الشجاعية شرقي مدينة غزة،
في جنوب القطاع، تجدد القصف المدفعي على بلدة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس، فيما أفادت مصادر محلية بإصابتين جراء قصف مدفعي استهدف مجموعة من الأهالي في منطقة المواصي غربي المدينة. وفي رفح، استشهد طفل برصاص البحرية الإسرائيلية على الشاطئ.
▶️ غزة بلا طحين.. الجوع يتفاقم تحت الحصار والقصف pic.twitter.com/jjUUv1th0Y
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) May 9, 2025
استهداف آليات للاحتلال وكمائن للمقاومة
هذا، وتحدثت منصات إعلامية إسرائيلية عن وقوع "حدث أمني كبير" في حي الشجاعية شرق غزة فجر اليوم، تمثل في استهداف مباشر لمركبة عسكرية إسرائيلية بصاروخ مضاد للدروع، ما أدى إلى ارتفاع عدد المصابين في صفوف الجنود. وعلى إثر الهجوم، دفع جيش الاحتلال بمروحيات إلى المنطقة وأطلق قذائف مدفعية باتجاه موقع الاستهداف.
وفي سياق عملية "أبواب الجحيم"، أعلنت كتائب القسام عن تنفيذ "كمين مركب" شرق رفح، أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين، وذلك بعد تفجير عبوات ناسفة أثناء مرور قوة راجلة.
انهيار منظومة الإسعاف وعودة العربات إلى الواجهة
مع نفاد الوقود ومنع الاحتلال دخول المحروقات وقطع الغيار، توقفت عشرات سيارات الإسعاف في غزة عن العمل. وفي مشهد يعيد إلى الأذهان نكبات الحصار السابقة، يُضطر المسعفون وأهالي الجرحى لاستخدام العربات والدواب لنقل المرضى، فيما تُستخدم السيارات فقط في الحالات الطارئة والاستهدافات المباشرة.
مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: قطاع غزة تحت حصار تام للشهر الثالث على التوالي، و70 في المئة من سكانها داخل مناطق عسكرية أو تحت أوامر بالنزوح أو كليهما
📌 الناس يموتون في غزة والأمم المتحدة مستعدة لتكثيف مساعداتها فور رفع الحصار pic.twitter.com/gbJGGi8Ve0
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) May 10, 2025
مجاعة تفتك بعشرات الآلاف... والأمم المتحدة تحذّر
قال المكتب الإعلامي الحكومي إن المجاعة تتفشى بسرعة وسط عشرات الآلاف من العائلات، بسبب انعدام تام للغذاء والدواء منذ أكثر من شهرين. وأوضح أن الاحتلال منع دخول 39 ألف شاحنة مساعدات، وأغلق المعابر والمخابز بشكل كامل.
وصف المتحدث باسم منظمة "اليونيسف"، جيمس إلدر، خطة إسرائيل للمساعدات بأنها "تنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية"، خصوصًا بعدما أُعلن أن تسليمها مشروط بتقنية "التعرف على الوجه".
وفي بيان لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أكدت أن أكثر من 9 أسابيع مرت من دون السماح بدخول أي إمدادات، فيما تقف آلاف الشاحنات بانتظار الإذن بالدخول. وقال البيان: "يجب رفع الحصار فورًا للسماح بتدفق الإمدادات الإنسانية والتجارية".
من جانبه، صرح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) بأن قطاع غزة يخضع لحصار تام للشهر الثالث على التوالي، مشيرًا إلى أن 70 % من سكان القطاع يعيشون في مناطق صنفتها إسرائيل مناطق عسكرية أو صدرت فيها أوامر إخلاء أو كلاهما. وأضاف المكتب: "الناس يموتون في غزة، والأمم المتحدة مستعدة لتكثيف مساعداتها فور رفع الحصار".
المدارس هدف أيضًا في القدس
في القدس الشرقية، أفادت وكالة "الأونروا"، بأن 550 طالبًا تركوا مدارسهم في مخيم شعفاط، بعدما اقتحمت القوات الإسرائيلية ثلاث مدارس تابعة لها. واضطرت الوكالة إلى إجلاء كافة الأطفال من المدارس الست التي تديرها في القدس، ووصفت ما حدث بأنه "اعتداء صارخ على حق الأطفال في التعليم".
🎥 أب فلسطيني يودع طفلته التي استشهدت جراء قصف للاحتلال الإسرائيلي استهدف مخيم النصيرات. pic.twitter.com/W1ENapBBY6
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) May 9, 2025
ما يحدث قد يكون نكبة جديدة
حذّرت لجنة تابعة للأمم المتحدة من أن المعاناة الناتجة عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي "لا يمكن تصورها"، مشيرة إلى تسارع وتيرة مصادرة الأراضي ضمن "طموحات استعمارية أوسع". ووصفت ما يجري بأنه قد يُشكل "نكبة جديدة"، في إشارة إلى تهجير 760 ألف فلسطيني عام 1948.
ضغوط داخلية في إسرائيل ومفاوضات على وقع الدم
في الداخل الإسرائيلي، تتزايد الضغوط الشعبية لإبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس، خاصة مع اقتراب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة. وذكرت وسائل إعلام عبرية أن احتجاجات جرت قرب منزلي الرئيس الإسرائيلي ورئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، فيما دعت "هيئة عائلات الأسرى" إلى مظاهرة مركزية في تل أبيب مساء اليوم.
ورغم تكثيف المفاوضات، أفادت مصادر إسرائيلية بأن الحكومة لا تزال ترفض التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب على غزة، ما يعزز المخاوف من استمرار الكارثة الإنسانية وتعقيد مسار التسوية.