20-يونيو-2021

الروائية اليابانية يوكو أوغاوا (1962)

ألترا صوت – فريق التحرير

أصدرت "دار الآداب" حديثًا، طبعة جديدة من رواية "غرفة مثالية لرجل مريض" للروائية اليابانية يوكو أوغاوا، ترجمة الشاعر اللبناني الراحل بسام حجار. وفيها، تقدِّم صاحبة "حوض السباحة"، نصًا سرديًا مكثفًا موضوعه الوجود الإنساني، وهشاشة الفرد، والفقد، والقلق، واللحظة التي يجد الإنسان نفسه فيها مجبرًا على التعامل مع حقيقة مؤلمة، تتمثل في موت أحد أفراد عائلته.

تضع يوكو أوغاوا قارئ روايتها إزاء محاولات بطلتها لتقبل فكرة أن شهورًا قليلة فقط تفصلها عن وفاة شقيقها

تبحث رواية أوغاوا التي صدرت الطبعة الأولى من نسختها العربية عام 2005، بعد نحو عقدٍ ونصف من صدروها في اليابان، في عدة مسائل ترتبط بطبيعة الوجود البشري، ومعناه، ومصيره أيضًا، حيث تسعى عبر حكايتها إلى تقديم نموذجٍ للكيفية التي ينظر الفرد من خلالها إلى هذه المسائل في لحظات الفقد والخسارة.

اقرأ/ي أيضًا: يوكو أوغاوا في "شرطة الذاكرة".. تجريد الإنسان من ماضيه وعزله عن حاضره

وتدور أحداث هذه الحكاية، داخل غرفة مستشفى نظيفة أو "مثالية"، وفق تعبير البطلة التي تجد نفسها مضطرة لقضاء جل وقتها بين جدرانها الأربعة، حيث تشارك شقيقها المُصاب بمرضٍ خبيث، الأشهر القليلة المتبقية له من حياته، والتي حددها الطبيب بنحو ثلاثة عشر إلى ستة عشر شهرًا.

وبين لحظة اكتشافها لمرضه، واللحظة التي عَلِمت فيها بخبر وفاته، تعيش بطلة يوكو أوغاوا حالة من التوتر والقلق التي تعبِّر عنها بقولها: "كنت أفقد أفراد أسرتي، الواحد تلو الآخر، على التوالي. فهل سأفقد أخي هذه المرة؟ فجأة شعرت بأن القلق يستبد بي. قلقٌ شبيهٌ بذاك الذي يولِّده الإحساس بأن رأسك قد حُشِرَ داخل جراب أسود".

وعلى مدار نحو مئة صفحة وُزِّعت عليها الحكاية، تضع الكاتبة اليابانية قارئها إزاء محاولات بطلتها لتجاوز قلقها تجاه أحوال شقيقها ووضعه الصحي المتدهور، إلى جانب مساعيها لتقبل فكرة أن شهورًا قليلة فقط تفصله عن وداعه للأبد، خصوصًا وأن الأوقات التي تقضيها برفقته يوميًا، نقلت علاقتهما إلى مكانٍ آخر أكثر حميمية.

تقول في وصف هذه العلاقة: "لو لم يُصَب أخي بالمرض لما عرفت بالتأكيد كيف أحبه. فعلاقتنا بمجملها كانت رهنًا بهذا "الأخ الصغير" لا غير. تراءى لي أنني التقيته حقًا بدءًا باللحظة التي أُدخل فيها لأول مرة إلى غرفته في المستشفى. وتضيف بمرارة: "لكن إذا مات أخي فسأصبح أنا أيضًا يتيمة".

تبحث يوكو أوغاوا في روايتها "غرفة مثالية لرجل مريض"، في عدة مسائل ترتبط بطبيعة الوجود البشري ومعناه ومصيره

لا تبتعد "غرفة مثالية لرجل مريض" عن أجواء مجمل منجز يوكو أوغاوا الروائي، حيث النبرة التشاؤمية، والغموض، والبرود، والبؤس، والخوف، والقلق، والاضطرابات التي تحيط بأبطالها في لحظاتٍ بالغة القسوة أحيانًا، وغير مألوفة بالنسبة للفرد البشري، رغم بساطتها، في أحيانٍ أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: كتاب "الشعر البولندي في خمسة قرون".. خريطة شعرية مجهولة

يُذكر أن يوكو أوغاوا كاتبة وروائية ولدت في اليابان عام 1962، وحصلت على جائزة "أكوتاغوا" عن روايتها "الحمل" عام 1991، ووصلت روايتها "شرطة الذاكرة" إلى القائمة القصيرة لجائزة "البوكر" عام 2020. صدر لها أكثر من 20 عملًا روائيًا، تُرجم منها: "حوض السباحة" (2001)، و"غرفة مثالية لرجل مريض" (2005)، و"مدبرة المنزل والأستاذ" (2017) بالإضافة إلى "حذاء لك" (2019)، و"شرطة الذاكرة" (2021).

 

اقرأ/ي أيضًا:

"السقوط في الزمن".. أقدمُ المخاوف

قصائد "الطيور تفقد بوصلتها".. صوت الكائن المقتلع