وجّهت المقاتلات الأميركية، منذ فجر اليوم الخميس، أكثر من 20 غارة على مواقع تابعة للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، بالإضافة إلى محافظتي الحديدة وصعدة. وقبل هذه الضربات، كانت وسائل إعلام تابعة للحوثيين قد أفادت بوقوع عدة غارات على مديريات محافظة صعدة.
وذكرت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين أن الغارات الأميركية استهدفت مناطق مدنية، من بينها أحياء سكنية، ما أسفر عن وقوع ضحايا وخسائر في البنية التحتية لعدد من المنازل والمتاجر. بينما تركّز معظم القصف على مواقع جبلية يُعتقد أميركيًا أنها تؤوي مسلحين حوثيين أو تحتوي على مخازن ومصانع للسلاح.
وتفصيلًا، تشير خارطة الغارات الجديدة إلى استهداف جبل نقم شرق صنعاء بثلاث غارات، بالإضافة إلى غارة واحدة على الأقل طالت حي "بئر زيد" في الجراف الشرقي شمال العاصمة، ما تسبب، بحسب "المسيرة"، بأضرار جسيمة في عدد من منازل الحي.
كما طالت إحدى الغارات "منطقة فروة" التابعة لمديرية شعوب، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. وكانت المنطقة ذاتها قد تعرّضت في وقت سابق لقصف أسفر عن مقتل 12 شخصًا وإصابة أكثر من 30 آخرين. وأفادت مصادر محلية بأن مراسم تشييع الضحايا اتسمت بغضب شعبي واسع.
وفي محافظة صعدة شمال البلاد، تم تسجيل ست غارات منذ مساء الأربعاء وحتى فجر الخميس، وتركّزت على منطقة سهلين بمديرية آل سالم. ولم تورد المصادر المحلية حتى الآن تفاصيل حول طبيعة الأهداف أو حجم الخسائر الناجمة عن القصف.
أعلنت القيادة الوسطى الأميركية أنّ الحملة العسكرية على الحوثيين مستمرة إلى حين تحقيق أهدافها
تُعدّ محافظات صنعاء وصعدة والحديدة من أكثر المناطق اليمنية تعرضًا للقصف، إذ لا يكاد يمرّ يوم دون أن تطالها غارات أميركية، والتي شهدت وتيرة متصاعدة منذ انطلاق الحملة العسكرية على مواقع الحوثيين في 15 آذار/مارس الماضي.
من جانبها، أعلنت جماعة "أنصار الله" الحوثية أنها تمكنت من إسقاط طائرة مسيرة أميركية من طراز "MQ-9"، باستخدام صاروخ أرض-جو، كما أكدت استهدافها لحاملتي الطائرات الأميركيتين "هاري إس ترومان" في البحر الأحمر، و"كارل فينسون" في بحر العرب، بصواريخ بعيدة المدى.
الحصيلة والأهداف الأميركية
أكدت القيادة المركزية الأميركية أن الحملة العسكرية ضد الحوثيين مستمرة حتى تحقيق أهدافها، مشيرة إلى أن الغارات تُنفّذ على مدار الساعة انطلاقًا من حاملتي الطائرات "هاري إس ترومان" و"كارل فينسون" التي انضمت مؤخرًا إلى العمليات.
وذكرت القيادة أن العمليات استهدفت مواقع قيادية ومصانع ومخازن أسلحة، إلى جانب تدمير ميناء رأس عيسى، الذي تعتبره واشنطن أحد أهم الشرايين الاقتصادية للحوثيين.
ورغم ذلك، ترى قراءات موازية أن الحملة الأميركية لم تحقق نتائج حاسمة حتى الآن، وأنها مهددة بالتحول إلى استنزاف طويل الأمد، خصوصًا مع اعتمادها على الغارات الجوية في مناطق جبلية وعرة تُعد معقلًا للتحصينات الحوثية.
التبعات الإنسانية المتفاقمة
بدأت منظمات حقوقية وهيئات أممية بدق ناقوس الخطر بشأن تداعيات الغارات الأميركية على المدنيين، وعلى الوضع الإنساني عمومًا. وقد أحصت وكالة الأناضول قرابة 1000 غارة أميركية منذ منتصف آذار/مارس، أوقعت 217 شهيدًا من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى 436 جريحًا. ولا تشمل هذه الأرقام القتلى والجرحى في صفوف الحوثيين.
وأكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة هذا الأسبوع أن الغارات الأميركية تسببت في تدهور إضافي للوضع الإنساني، سواء على مستوى الرعاية الصحية أو الأمن الغذائي، محذرًا من أن استمرار هذا النهج العسكري قد يُفضي إلى أزمة إنسانية كارثية.
تصعيد متبادل ومخاوف من حرب أوسع
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أصدر أوامره في 15 آذار/مارس بشن حملة عسكرية "حاسمة" ضد الحوثيين، متهمًا إياهم بتهديد أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب. ولاحقًا صعّد ترامب لهجته ملوحًا بالقضاء الكامل على الحوثيين، في تلميح فُسّر على أنه قد يشمل تدخلًا بريًا.
رغم التهديدات والضربات الأميركية، يواصل الحوثيون استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل، مؤكدين أن هذه الهجمات تأتي في إطار "إسناد المقاومة في غزة"، وأنها ستستمر ما دامت الإبادة الجماعية في القطاع متواصلة.