10-أكتوبر-2018

يصر النظام السوري على الهجوم ضد إدلب (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

أعادت تصريحات رئيس النظام السوري بشار الأسد المخاوف من جديد حول مصير محافظة إدلب، آخر معاقل قوات المعارضة في شمال سوريا، بعدما جدد تأكيده على الرغبة باستعادة السيطرة على المنطقة التي تأوي مئات الآلاف من المدنيين، وذلك بالتزامن مع إعلان قوات المعارضة السورية سحب آلياتها العسكرية الثقيلة من خطوط المواجهة مع قوات النظام، تنفيذًا للاتفاق الذي أبرمته أنقرة مع موسكو منتصف الشهر الفائت.

تؤكد تصريحات الأسد الأخيرة المرتبطة باستعادة محافظة إدلب من قوات المعارضة السورية، المخاوف التي أعربت عنها المعارضة خلال الأسبوع الماضي في تصريحاتها لوسائل الإعلام الغربية

الأسد يهدد باستعادة إدلب.. والمعارضة تسحب سلاحها الثقيل

وخلال ترؤسه لاجتماع اليوم الأول للجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، بحسب ما نقلت صحيفة الوطن الموالية للنظام، قال الأسد إن موقفه واضح من محافظة إدلب مثل "غيرها من الأراضي السورية المتبقية تحت سيطرة الإرهابيين، ستعود إلى كنف الدولة السورية"، واصفًا الاتفاق الذي أبرم في مدينة سوتشي بـ"الإجراء المؤقت".

ومنتصف أيلول/ سبتمبر الفائت توصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان لاتفاق، قضى بإنشاء منطقة منزوعة السلاح على خطوط المواجهة بين  قوات النظام السوري وقوات المعارضة في منطقة إدلب شمال غرب سوريا بعمق 15 إلى 20 كم، وضمان تركيا انسحاب التنظيمات الإسلامية المتشددة أو تسليم سلاحها في المنطقة، الأمر الذي جنب المنطقة حدوث "كارثة إنسانية" وفق تقارير صادرة عن الأمم المتحدة.

اقرأ/ي أيضًا: إدلب من جديد.. هل سيكرر الأسد "جحيم" حلب؟

ونهاية الشهر عينه، بدأ فيلق الشام المنضوي ضمن تحالف الجبهة الوطنية للتحرير بسحب آلياته الثقيلة، وسط حالة من عدم الثقة سادت داخل الجبهة خوفًا من تنفيذ قوات النظام السوري مدعومًة من الميليشيات الأجنبية هجومًا لاستعادة السيطرة على المنطقة، وهو ما عكسه تصريح الناطق باسم الجبهة ناجي مصطفى، حين كشف عن وجود "بعض النقاط لا تزال موضع خلاف وثمة جدال حول تفسيرها".

وكانت وكالة الأناضول التركية نشرت يوم الاثنين مقطعًا مصورًا، يعرض ما قالت إنه قيام المعارضة السورية خلال اليومين الماضيين "بسحب الأسلحة الثقيلة كالمدافع ومنصات إطلاق صواريخ غراد، وقذائف الهاون وقذائف صاروخية متوسطة المدى" من خطوط جبهات القتال، حيث ينص الاتفاق على انسحاب قوات المعارضة من خطوط الجبهات قبل الـ10 من الشهر الجاري، فيما كانت هناك مهلة للتنظيمات الإسلامية المتشددة في إشارة لهيئة تحرير الشام حتى منتصف الشهر عينه.

لماذا تخشى المعارضة السورية خرق الاتفاقية؟

 وتؤكد تصريحات الأسد الأخيرة المرتبطة باستعادة محافظة إدلب من قوات المعارضة السورية، المخاوف التي أعربت عنها المعارضة خلال الأسبوع الماضي في تصريحاتها لوسائل الإعلام الغربية، والتي لخصتها بنقطتين أساسيتين، الأولى بأن تكون المنطقة منزوعة السلاح مقتصرة على مقاتليها دون قوات النظام، والثانية رفضها تواجد القوات الروسية في المنطقة خوفًا من تمهيدها لعودة قوات النظام، وهو ما شدد عليه فصيل جيش العزة الذي طالب أن تكون المنطقة العازلة مناصفة بين الطرفين، ورفض تسيير القوات الروسية لدوريات عسكرية في مناطق سيطرة المعارضة.

إضافة إلى ذلك، لا يزال التزام هيئة تحرير الشام بالاتفاق مطرح شكوك، على الرغم من التقارير التي تحدثت عن إرسال الهيئة "إشارات سرية" للجانب التركي عبر طرف ثالث تنص على تلتزامها به، وتحسبًا لمحاولة رفض الهيئة بنود الاتفاق الموقع في مدينة سوتشي، قامت أنقرة بتهيئة قوات المعارضة لشن هجوم عسكري على الهيئة في حال رفضت تسليم سلاحها، أو الانسحاب من خطوط المواجهة حيث يتواجد مقاتلوها في ريف حماة الشمالي.

وقامت أنقرة خلال الشهور الماضية بالفصل في الهيئة نفسها بين المقاتلين الأجانب المتشددين الذي يرفضون تنفيذ بنود الاتفاق، والغالبية من السوريين الذين تجد إمكانية لإعادة تأهيلهم بناء على تقارير استخباراتية، وقد تساعدها هذه العملية على استهداف العناصر الأجنبية المتشددة في حال رفضت الرضوخ لتنفيذ الاتفاق، وهو ما يتخذه النظام السوري مدعومًا بموسكو ذريعة لتنفيذ الهجوم على المحافظة.

كذلك فإن المعارضة تخشى في حال شنها هجومًا على مواقع الهيئة، أن يتخذ النظام منها فرصة لبدء هجومه على المنطقة، حيثُ استعاد النظام السوري منذ منتصف عام 2016 حتى اليوم قرابة ثلثي المساحة التي كانت تحت سيطرة قوات المعارضة السورية، ورأى مراقبون أنه من غير الممكن أن توقع روسيا على اتفاق يحد من سيطرة النظام السوري على كامل الأراضي التي يهدد باستعادتها، وهي التي أعلنت عن تدخلها في أيلول/ سبتمبر عام 2015 لأجل هذا الغرض.

لم تقتصر مخاوف عدم التزام النظام السوري بالاتفاق على المعارضة المسلحة، بل امتدت لتشمل المدنيين المقيمين في محافظة إدلب

المدنيون يخشون ذلك أيضًا

ولم تقتصر مخاوف عدم التزام النظام السوري بالاتفاق على المعارضة المسلحة، بل امتدت لتشمل المدنيين المقيمين في محافظة إدلب، ويقطن في المنطقة قرابة ثلاثة ملايين مدني، بينهم مليون ونصف مهجر من مناطق ريف دمشق، درعا، حمص، والأحياء الشرقية من حلب، وفق تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، التي توقعت في حال بدأ النظام هجومه على المنطقة فرار أكثر من 700 ألف مدني منها.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: اتفاق إدلب.. فرص النجاح وتحديات التنفيذ

وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قبل أيام، توفير ممر آمن للمدنيين تحت إشراف النظام السوري وروسيا، لكن السكان الذين يعيشون في المنطقة عبروا عن عدم ثقتهم بالتزام النظام بالاتفاق، ويرجع ذلك لاتفاقيات سابقة أفضت إلى استعادة النظام للمناطق التي كانوا يقيمون فيها، ومنحهم طريقًا آمنًا للخروج إلى المحافظة التي يبدو أنه يريد تسجيل انتصاره الأخير فيها.

وإذا كان الهجوم على محافظة إدلب قد جرى تأجيله، فإن ذلك يشير إلى عدم جاهزية قوات النظام لبدء المعركة، حيثُ تشير التقارير الواردة من المنطقة إلى أن عدد مقاتلي المعارضة يصل لنحو 100 ألف مقاتل، إلى جانب 10 آلاف آخرين من المقاتلين الأجانب، فيما يعاني النظام السوري من نقص في المقاتلين، بالإضافة إلى عدم جاهزية الميليشيات الإيرانية للهجوم.

وهو ما يدل على معرفة النظام بصعوبة المعركة، كونها أصبحت الملاذ الأخير لمقاتلي المعارضة، والمدنيين الذين تم تهجيريهم من مناطقهم خلال العامين الماضين، بحسب الضابط المنشق عن قوات النظام السوري فاتح حسون، الذي صرح بأن الهجوم تأجل بسبب حاجة روسيا لقوات داعمة على الأرض تساند مقاتلاتها التي ستنفذ الهجمات الجوية.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حروب الإخوة الأعداء.. صراع المفاهيم في ريف إدلب

بعد مئات الغارات الجوية.. لماذا أوقف النظام السوري هجومه الأخير على إدلب؟