28-فبراير-2017

الإعلامي والناشط السوري عيسى الخضر (فيسبوك)

صاحب عبارة "باجر أحلى" أو بكرا أحلى المكتوبة على تمثال حافظ الأسد في مدينة الرقة، يخط ويكتب العبارة نفسها بطريقة الغرافيتي على جدران البيوت المدمرة في مدينة حلب.

يروي عيسى الخضر، المعروف سوريًا في عالم الكتابة والصورة، قصته في أحد أكبر سجون داعش السرية

"عيسى علي الخضر، مواطن صحفي كنت مسجونًا هنا في سجن مدينة الباب لدى تنظيم داعش عام 2014"، هكذا بدأ التعريف بالشخصية الشهيرة في عالم الصورة والكتابة في شمال سوريا، الشاب الملقب "خليفة"، يتجول بنا في سجنه السابق في المدينة، وذلك بعد أن أعلنت هيئة الأركان التركية يوم الجمعة الفائت السيطرة الكاملة على مدينة الباب السورية، مُعرفًا أقسام السجن وطوابقه السفلية، حيث كانت داعش تُقيم أكبر سجونها السريّة.

اقرأ/ي أيضًا: بعد تعثر طويل.. معركة الباب وجنيف مجددًا!

"التهمة هي هذه الكاميرا التي أحملها"، يقول خليفة بعد أن عاد إلى سجنه ولكن هذه المرة محررًا، ليروي حكايته مع المكان الذي عُرف بأنه أسوأ السجون في البلاد. يتجول الإعلامي عيسى الخضر بين غرف السجن من مهاجع ومنفردات، يروي لنا تفاصيل عاشها بين تلك الجدران متعثرًا بذكريات مؤلمة، وبالكثير من المفارقات كعبارة كتبها مع رفاقه على تلك الجدران، بأسماء شهداء قضوا نحبهم هناك.

"لم أكن أتوقع أن أعود وأدخل من هذا الباب الذي دخلته سابقًا معصوب العينين.. هكذا تم شبحي هنا وهنا تم وضعي لأيام.. رقمي كان "292. يروي فتفيض الذكرى والذاكرة بالكثير، حيث لا يمكن حصر المعلومات التي عرضها بتعريفه لزوايا السجن، معددًا أسماء السجانين وأعمالهم، وأشهر المقولات التي كانوا يزرعون بها الخوف في قلوب المعتقلين حين ينكلون بهم.

وبين كل تلك الصدف وما لا يمكنك غض البصر عنه، هو التفاؤل الذي يملأ قلب الشاب، مؤمنًا بعبارته وواثقًا بأن الأفضل قادم، هو ذاته الأمل والإيمان بالغد، الذي أخرجه سليمًا من السجن، فتابع عمله كصحفي، حتى جاء اليوم الذي يزور به هذا المكان فرحًا بخلوه من السواد، ومنتصرًا بالقليل مما لديه من أمل.

يشرح عيسى الخضر كيف يعامل المعتقل في أحد سجون داعش السرية في سوريا وما تعرض له  من عذابات

هناك في المكان المدمر المكتظ سابقًا بالمساجين، حين كانت أقصى أمنياته أن يخبر أهله بأنه لا يزال على قيد الحياة، وقف لساعات ووقف غيره لأيام ربما في زنزانات صغيرة صورها لنا في فيديوهات أخرى شارحًا كيف كان يُسجن فيها المعتقل وقوفًا، لا يستطيع التحرك من مكانه ولا حتى الجلوس فيما تربط يداه من الأعلى، وجسَّد طريقة ربط المعتقل في هذا المكان الذي ينتهي بأن تخور قواه ويغمى عليه. هناك حيث لا دورات مياه ولا نظافة ولا حتى أقل المقومات لمكان يتواجد فيه البشر لوقت طويل.

اقرأ/ي أيضًا: حوار مع "داعشي" في الدين والمخدرات وجهاد النكاح

هذا السجن المتصل بنفق مخفي مع سجن المحكمة الشرعية لا يعلم بأمره كثيرون، حيث يظن الناس بأن سجن المحكمة الشرعية هو السجن الوحيد الذي كانوا يضعون فيه المعتقلين.

خلال ثلاثة عشر دقيقة يستعرض الشاب الكثير من المعلومات جُلها أسماء وذكريات للمكان الفارغ الآن إلاّ منه، بعد أن كان مكتظًا بالمئات من الناس، بعضهم تم إعدامه، وآخرون أُطلق سراحهم.

في لحظاتٍ كهذه يعيشها خليفة يبدو التأثر فرحًا وحزنًا باديًا عليه، يسرح بمكانٍ كان ضيق عليه، لم يرى فيه إلاّ السواد وأصدقاء في البال ذكراهم لا تمحى، ولم يذق فيه إلاّ طعم المرارة، حيث التعذيب والتهديد بالموت لا طائل له. ولأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، العبارة التي نقشها على أحد جدران السجن، باتت نشيده وقوته للاستمرار بقدرٍ كبيرٍ من الأمل والتفاؤل، ساندته على تحمل مآسي تلك الأيام.

اقرأ/ي أيضًا:

جماعة تفجير المساجد والمنازل

هادي العبدالله.. صوت ضحايا الأسد وإدانته