07-يناير-2018

أحد أقباط مصر يصلي في أحد الكنائس ليلة رأس السنة القبطية (محمد الشاهد/أ.ف.ب)

في هذه الأيام تزخر الأسواق بزينة أعياد الميلاد، وتنخفض أسعار اللحوم من أجل صيام الميلاد المجيد في مصر، وبينما احتفل العالم بدخول سنة جديدة، لم تبدأ رأس السنة القبطية وقتها بعد، فالاعتقاد لدى الأقباط هو أن ميلاد السيد المسيح كان في السابع من كانون الثاني/ يناير. وتتزين بهذه المناسبة الطرقات والمراكز التجارية ومحال الحلوى والشوكولاتة بشكل خاص، ويتجدد الطلب على الطعام "الصيامي"، فما المقصود به؟ وما هي طقوس وتقاليد هذا الاحتفال القبطي؟

بينما احتفل العالم بدخول سنة جديدة في 1 يناير، يعتقد الأقباط أن ميلاد السيد المسيح كان في السابع من ذات الشهر ويحتفلون به من خلال طقوس خاصة ويتبعه صوم مطول

يختلف الصيام القبطي الأرثوذكسي الشرقي عن الصيام الغربي المعروف لدى كثير من الناس، حيث يبدأ الصيام القبطي من يوم 27 تشرين الثاني/ نوفمبر ويستمر 43 يومًا حتى الإفطار يوم السابع من كانون الثاني/ يناير، وهي فترة في الشهور القبطية توافق شهر "كيهك" القبطي، وهو يعني التعبير "كا- حر-كا" وهي كلمة فرعونية تعني اجتماع الأرواح، أو في تفسير آخر تعود إلى كاهاكا إله الخير، وتستمر القداسات صباح مساء في الكنائس خلال هذه الفترة، وتتسم الألحان في الكنائس بالبهجة، استعدادًا لاستقبال "طفل المزود المبارك" كما في الاعتقاد الأرثوذكسي وهو "يسوع المسيح".

يصوم الأقباط أربعين يومًا صيامًا متقطعاً يمتنعون فيه عن أكل كل اللحوم و"كلما يُعتقد بوجود الروح فيه" أي أنهم يمتنعون أيضًا عن شرب اللبن وأكل البيض ومشتقات الدهون الحيوانية من سمن وزبد، ويأكلون السمك فقط فيما عدا أيام الأربعاء والجمعة.

اقرأ/ي أيضًا: ما لا تعرفه عن "كورسات المشورة" لتكفير ذنوب أقباط مصر

وحسب شارل عقل في دراسته الممتعة عن صيام الأقباط في مصر "غذاء للقبطي": "عدد الأقباط في مصر غير مصرح به حيث تعتبره السلطات من أسرار الأمن العام، فبعضهم يقدره بـ 5% بينما يبالغ البعض الآخر النسبة لتصل إلى 20%"، ويضيف: "وتقدر الإحصائيات القبطية الكنسية عدد الأقباط بـ 13 مليون قبطي داخل مصر أي 14% وتقدر وكالة الإستخبارات الأمريكية الرقم بتسعة ملايين أي 10% من الشعب وأدق نسبة أراها تلك التي أعدها المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية في فرنسا وهي 4.5% من إجمالي الشعب".

كيف يؤثر الصوم القبطي على سوق الغذاء في مصر؟

تبقى أسعار اللحوم الحمراء ثابتة تقريبًا في مصر خلال فترة الصوم القبطي حيث يصل الكيلو الواحد إلى ما يقارب 10 دولارات تقريبًا وهو ثمن مرتفع بالنسبة للمصريين، لكن تنخفض أسعار لحوم الطيور انخفاضًا طفيفًا. ويذكر شارل عقل بعض التفاصيل الأخرى في كتابه ويقول: "نجد أن معدلات بيع البطاطس المقرمشة بنكهة الملح للأطفال والبسكويت المعروف باسم "الشمعدان" صاروخية لخلوها من النكهات الحيوانية" وهي بذلك تتناسب مع أكل الأقباط خلال هذه الفترة، ويضيف: "نجد بعض المطاعم العالمية مثل ماكدونالدز وبيتزا هات تبيع وجبات صيامية خلال هذه الفترة".

يصوم الأقباط أربعين يومًا صيامًا متقطعاً يمتنعون فيه عن أكل كل اللحوم و"كلما يُعتقد بوجود الروح فيه" ويتماشى سوق الحلويات والأطعمة في مصر مع خصوصية الفترة نسبيًا

وقام "ألترا صوت" بجولة داخل أكبر المراكز التجارية في القاهرة، وانتبهنا إلى تقديم بعض محلات الشوكولاته الفاخرة "شوكولاطه صيامي"، خالية من المنتجات الحيوانية، وبعضها في شكل مجسمات صغيرة، تجسد ألعاب عيد الميلاد وزينتها ورموزًا لدى الأقباط. وعند حديثنا إلى بعض المطاعم، أخبرنا أصحابها أنهم يعدون خلال ههذ الفترة خاصة ما يعرف بـ"ساندوتش الشاورما الصيامي"، وهو عبارة عن "رغيف رقيق بداخله فول صويا وبصل وتوابل وطماطم وبقدونس"، محاولين التماشي مع خصوصيات الفترة عند جزء من المصريين، "رغم قلة الطلب"، حسب تأكيداتهم.

اقرأ/ي أيضًا: ضد الكنيسة.. مصر تسمح بطلاق الأقباط؟

حلويات صلامي في القاهرة (مها عمر/الترا صوت)

وتخصصت بعض المحال الأخرى في تقديم السلطات مع مكون بروتيني أو دونه، وأكد أصحابهم لـ"الترا صوت" حرصهم على تنوع ما يقدمونه خلال هذه الفترة من سلطات خضار وفاكهة، مع إمكانية إضافة مكون بروتيني، كما أكدوا إمكانية تنظيمهم "موائد صيامي" في الكنائس الكبرى.

ولاحظنا في محلات الحلويات تخصيص ركن للحلويات المصنعة بدون مواد بروتين حيوانية، معتمدين على السكر والليمون والنكهات الطبيعية. ورغم حوادث العنف والإرهاب التي تكررت في الفترة الأخيرة في مصر، وبعضها شمل الأقباط بشكل خاص، من خلال كنائسهم ومحلاتهم، إلا أننا لاحظنا تمسكًا بطقس الفرح والاحتفال بالعيد القبطي، وبكل ما يسبقه من صيام وما يتبعه من طقوس وتقاليد متجذرة.

اقرأ/ي أيضًا:

المسيحي في السينما المصرية: ماذا عن الرهبان؟

عزمي بشارة.. تقديم مكثف في الملف القبطي