19-يوليو-2021

صورة أرشيفية من طرابلس (Getty)

يستقبل اللبنانيون عيد الأضحى هذا العام، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة غير مسبوقة، لدرجة أن البنك الدولي رجّح أن تكون الأزمة في لبنان هي واحدة من أسوأ ثلاث أزمات شهدها العالم بأسره منذ منتصف القرن التاسع عشر. 

يتزامن حلول عيد الأضحى هذا العام في لبنان مع مظاهر الانهيار النهائي والتام، خصوصًا لناحية تكلفة أساسيات الحياة ووفرتها 

حركة ما قبل العيد التي اعتادتها الأسواق والمتاجر اللبنانية اختفت بشكل شبه تام، في ظل انهيار القدرة الشرائية للمواطن اللبناني، والارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم والملبوسات والحلويات وكلّ ما يتعلّق بمظاهر العيد، وطرق الاحتفال به. 

اقرأ/ي أيضًا: تراجع حاد في أسواق أضاحي العيد أمام انهيار العملات في عدد من الدول العربية

كما لم يخرج اللبنانيون لابتياع الملابس والأحذية لأولادهم كما جرت العادة، ليس فقط لأنهم لا يملكون ثمنها، بل لأنهم يقضون ساعاتهم الطويلة في طوابير البنزين، علّهم يحصلون على كمية قليلة من البنزين لخزانات سياراتهم، لكي يتمكّنوا على الأقل من زيارة قراهم والاحتفال مع عائلاتهم بالعيد حتى وإن اختفت مظاهره، في الوقت الذي يتمّ الإعلان عن رفع الدعم عن الأدوية، فتتضاعف أسعارها بشكل مخيف، يفوق قدرة المواطن على شرائها، بالإضافة إلى عجزه عن تحمّل مصاريف المستشفيات، ما يشير إلى أن خدمة الاستشفاء ستكون حكرًا على طبقة الميسورين في الفترة المقبلة، على ما صرّح رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي. 

وكما في كل البلدان العربية والمسلمة، يشهد عيد الأضحى في لبنان في العادة تجمعات للعائلات، وإقامة حفلات شي لحم الخراف، لأسباب عقائدية وثقافية مرتبطة بالمناسبة، تحولت مع مرور الزمن إلى تقاليد ثابتة. في هذا العام ستكون حفلات شي اللحم غائبة عن موائد اللبنانيين في العيد، فاللبنانيون بغالبيتهم توقّفوا بمعظمهم عن تناول اللحوم منذ أسابيع طويلة بسبب الارتفاع المحموم في أسعارها، حيث بات يساوي ثمن كيلو غرام واحد من لحم الغنم، أكثر من ثلث الحد الأدنى للأجر للموظف اللبناني. ولكي تكتمل مظاهر الانهيار التام، سيعيّد اللبنانيون هذا العام في الظلام، حيث طالت أزمة المحروقات كلًا من المازوت والفيول، فتراجع عدد ساعات التغذية بالكهرباء بنسبة مخيفة، لم تعد مولدّات الإشتراك قادرة على تغطيتها، وبالتالي فإن ساعات التغذية الإضافية التي تقدّمها شركة الكهرباء للمواطنين في العادة خلال الأعياد، لن تكون متوفرة هذا العام، وما يزيد الطين بلّة، هو تزامن أزمة الكهرباء، إضافة إلى الأزمات الأخرى، مع موجة حر شديدة جدّا تضرب لبنان بالتزامن مع حلول العيد، سيواجهها اللبنانيون العزّل بدون كهرباء وأجهزة تكييف، وبدون القدرة للذهاب إلى المسابح والمنتجعات لمواجهة الحر، بسبب تهاوي  قدرتهم الشرائية وبسبب عدم توفر البنزين، وبسبب كل ما سبق. 

في لمحة على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، تبدو جليةً عدم حماسة اللبنانيين لاستقبال العيد، في ظل انشغالهم بهموم أكبر، في الوقت الذي يطلّ فيها فيروس كورونا من جديد مع متحوّراته المختلفة، وفي وقت يتظاهر التلامذة رفضًا لإجراء الامتحانات الرسمية بسبب الظروف القاهرة، لتجتمع المآسي جميعها في بوتقة متكاملة، وتشكّل ما بات يسمّيه اللبنانيون في ما بينهم "الوصول إلى الانهيار". 

في أبرز التغريدات، نشر الناشط حسن عبيد مقطع فيديو لأسواق طرابلس وهي غارقة في الظلمة، وتفتقر للروّاد والزبائن كما هي عادتها، بينما أشار الإعلامي صبحي قبلاوي إلى أن اللبنانيين يحتفلون بالعيد اليوم بدون أية مظاهر، في ظل غياب الأضاحي، وعدم قدرة الأهل على شراء الملابس الجديدة لأولادهم. وأشار الناشط زياد عبد الصمد إلى  أن العيدية الوحيدة التي سيحصل اللبنانيون هذا العام ستتمثّل بفوز المستقلين بانتخابات نقابة المهندسين، وهو الأمر الذي يرى فيه بعض المتفائلين، نقطة ضوء يتيمة في نهاية النفق المظلم. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تواصل الحملات الفرنسية الإلكترونية المعارضة لسياسات ماكرون الصحيّة

ارتفاع أسعار الفوط الصحية في لبنان يثير موجة غضب عبر تويتر