22-نوفمبر-2018

يحتفل لبنان اليوم بالذكرى 75 لاستقلاله عن فرنسا (أنور عمرو/ أ.ف.ب)

يصادف هذا العام الذكرى الـ75 لاستقلال لبنان عن فرنسا، حيث أعلنت الحكومة الفرنسية المؤقتة استقلال لبنان عن الانتداب في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1943، وتسليمه إدارة شؤونه الخاصة.

يصادف اليوم، الذكرى الـ75 لاستقلال لبنان عن الاستعمار الفرنسي الذي رحل عن البلاد في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1943

وآنذاك قررت السلطات الفرنسية إبقاء عدد من قواتها في لبنان، إلى أن يستتب الأمن والاستقرار. وفي 31 كانون الثاني/يناير 1946، تم جلاء آخر جندي فرنسي عن لبنان، ودخل لبنان في حقبة جديدة من تاريخه.

اقرأ/ي أيضًا: بعد النشيد.. هل "كلنا للوطن"؟

استقلال لبنان.. الصوري

فيما يستعد اليوم لبنان الرسمي والشعبي للاحتفال بمناسبة الاستقلال، تعاني البلاد من فراغ حكومي منذ أكثر من خمسة أشهر، حيث عجز الساسة على الاتفاق على تشكيلة حكومية.

وكما لدى أي استحقاق سياسي كبير في لبنان، فإن الحديث يدور اليوم حول تدخلات من قوى إقليمية ودولية، بتفاصيل التأليف الحكومي، ويتمترس كل طرف داخلي وراء مطالبه التي تضمن مصالح الدول الراعية لها. وعليه فإن أي حديث عن استقلال حقيقي وناجز لناحية سيادة القرارات واستقلاليتها اليوم، هو ضرب من ضروب الخيال.

وشهدت السنوات الأخيرة أمثلة كثيرة على ارتهان قادة لبنانيين لدول خارجية بشكل أو بآخر، من إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري لاستقالته من السعودية، على إثر احتجازه هناك، قبل سنة تقريبًأ، إلى التصاريح المتكررة لقادة حزب الله عن انتمائهم وولائهم السياسي والعقائدي لإيران، إضافة إلى النواب والسياسيين الذين يعلنون جهارًا تأييدهم الكامل للنظام السوري قولًا وفعلًا، والانضواء تحت رايته والدفاع عنه في كل المحافل.

تحضيرات الاحتفال تحول الطرقات إلى سجون كبيرة

صباح 16 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وجد آلاف اللبنانيين أنفسهم محاصرين داخل سياراتهم عند مداخل العاصمة بيروت، وعالقين بزحمة سير خانقة، سببها الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات، لتنفيذ تدريبات على العروضات العسكرية التي ستجري يوم ذكرى الاستقلال.

أُقفلت عدد من الطرقات فغرقت الشوارع المؤدية إلى بيروت بالسيارات. واستخدم المواطنون العالقون في الزحمة وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن سخطهم وغضبهم، فيما تحولت صور سيل السيارات المسجونة على أوتوستراد الدورة إلى "تريند" تكلّم عنه الجميع.

ولتكتمل تراجيدية المشهد، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر عن سيدة حامل وضعت مولودها وهي في السيارة، بسبب تعذّر وصولها إلى المستشفى، وبسبب عدم تمكن سيارة الإسعاف من الوصول إليها للزحمة الخانقة.

اللبنانيون يحيون استقلاهم: "اليأس سيد الموقف؟

وكما في كل عام، يعود اللبنانيون في ذكرى الاستقلال إلى التفكير والتساؤل عن واقعهم المعاش. فهل فعلًا يعيشون في بلد مستقل وسيد نفسه وقراراته، أما إن التوازنات الإقليمية والدولية هي التي تحدد مسار ومصير هذا البلد الصغير، الذي تعيش فيه 18 طائفة، ويعاني مواطنوه من أزمة هوية، ومفهوم المواطنة والانتماء للكيان اللبناني ملتبس لديهم، بسبب التداخلات الثقافية والدينية والاجتماعية، وارتباط زعمائهم وقادتهم بالخارج.

وفي ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني المتردي، يتحسّر بعض اللبنانيون بسخرية على فترة الانتداب الفرنسي، من باب أنه لن يكون أسوأ مما يعيشونه الآن.

وعلى وسم (هاشتاغ) "#عيد_الاستقلال" ووسم "#عيد_الاستقلال_اللبناني" غرّد مئات اللبنانيين معبرين عن سخطهم من الوضع المزري الذي تمرّ بها البلاد. واعتبر معظمهم أن هذا الاستقلال لا يعنيهم، طالما أن الدولة عاجزة عن تأمين حياة كريمة للمواطن، وتميز بين أبنائها بشكل سافر. وكتب أحدهم ساخرًا: "الفرنسيون هم من عليهم أن يحتفلوا بالاستقلال وليس البنانيين، لإنهم فرّوا من هذا البلد".

فيما تساءل البعض عن جدوى استنفار أجهزة الدولة الرسمية والأمنية لإحياء احتفال الاستقلال، وتنظيم النشاطات الإعلانية والترويجية، وتنفيذ حملات مدرسية لتوعية الطلاب على مفهوم الاستقلال، فيما تغرق البلاد بمياه الصرف الصحي وسيول الأمطار وجبال النفايات، في ظل استمرار استمرار الترنح السياسي وعجز كل الإطراف عن اجتراح حل لأزمة الفراغ الحكومي، وما يتفرع عنها من أزمات اجتماعية واقتصادية.

 

 

حلم الهجرة بحثًا عن حياة أفضل

يقدّم آلاف اللبنانيين كل سنة طلبات هجرة إلى دول ككندا والولايات المتحدة وغيرهما، وينتظرون لحظة الحلم عندما تقبل طلباتهم، بعد ترسّخ قناعة لديهم أن مستقبل أولادهم في لبنان محفوف بالخطر، مع غياب أي أفق لانفراجات في كافة المجالات، وانعدام الأمان الوظيفي والصحي والمالي والاجتماعي، وبالتالي فهم يحاولون القفز من المركب قبل أن يغرق.

بعد 75 سنة على الاستقلال، وثلاثة عقود على توقيع اتفاق الطائف، يبدو أن العقد الاجتماعي بين اللبنانيين في غاية الهشاشة

وبعد 75 سنة على الاستقلال، وثلاثة عقود على توقيع اتفاق الطائف بعيد الحرب الأهلية، لتنظيم إدارة شؤون البلاد في السلم، يبدو أن العقد الاجتماعي بين اللبنانيين في غاية الهشاشة، وأن الصيغة اللبنانية معرضة للتفكك في أيّ لحظة، فاللبنانيون الذين يحتفلون بالتحرر من الاحتلال الفرنسي، يرزحون اليوم تحت حكم زعماء الطوائف الذي يتلاعبون بمصائرهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لمَ علينا الرحيل من لبنان؟

لبنان الضعيف.. لبنان القوي