21-مارس-2018

سيف الإسلام القذافي (أ.ف.ب)

انطلاقًا من تونس، حيث بدأت كرة "الثورات العربية" بالتدحرج، أعلن حديثا المتحدث باسم نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، أيمن بوراس، عن ترشح سيف الإسلام القذافي رسميًا للانتخابات الرئاسية الليبية المزمع عقدها في أيلول/سبتمبر المقبل، مصرحًا في مؤتمر صحفي "سيطل سيف الإسلام بنفسه قريبا على الليبيين، ويعرض مشروعًا متكامًلا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا لقيادة البلاد، من أجل إعادة بناء ليبيا" على حد تعبيره.

ثبت مسعى سيف الإسلام القذافي للعودة "رسميًا" إلى الحياة السياسية في ليبيا، على الرغم من جملة جرائمه بحق الليبيين ومطاردته من المحكمة الجنائية الدولية

الرجل الذي لا يُعرف مخبأه حتى الآن في ليبيا، قاد بنفسه ميليشيات عسكرية لسحق الثوار إبان "ثورة 17 فبراير"، ومطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، لكنه اليوم بعد سبع سنوات يسعى إلى العودة إلى الحياة السياسية من بابها الواسع، كمرشح رئاسي، في ظل حالة الانحلال والاضطرابات التي تموج فيها البلاد منذ سنة 2011.

اقرأ/ي أيضًا: تورط أبوظبي في الإفراج عن سيف الإسلام القذافي.. دلائل ومؤشرات

بدأ طموح سيف الإسلام إلى السلطة، قبل إسقاط نظام القذافي، إذ كان الوريث المرتقب للحكم، وكان ينظر إليه، محليًا ودوليًا، كمن يسعى لتجاوز تركة والده الاستبدادية التقليدية، وإصلاح علاقة نظام والده السيئة مع الغرب، غير أن قدوم "الثورات العربية" في 2011 عجّل بإطاحة نظام القذافي.

وفي حين لقي والده معمر القذافي مصير قتل مروع على يد ثوار، بعدما قبضوا عليه مختبئًا في أنبوب مجاري، انتهى المطاف بسيف الإسلام معتقًلا في قبضة مسلحي الزنتان، بعد أن حاول التسلل بثوب بدوي نحو الحدود إلى النيجر، برمال محيط أوباري بالجنوب الغربي الليبي، هناك طرحه المسلحون أرضًا وصوبوا السلاح نحو وجهه، لينطق نجل القذافي "اقتلوني"، غير أن فصيل الزنتان كان يدرك قيمة "الغنيمة" التي بحوزته، ومدى فائدتها في صراعه السياسي والعسكري مع الفصائل الثورية الأخرى حول السلطة، فقرر مسلحو الزنتان الإبقاء عليه في سجونهم السرية.  

اقرأ/ي أيضًا: القذافي وداعش.. "التنابز بالإرهاب" في مدارج تونس

ظل سيف الإسلام قابعًا في المعتقل، وتمت محاكمته في ليبيا، وبعد جلسات مطولة حكمت عليه محكمة في طرابلس، في حزيران/يونيو 2015، بالإعدام، لدوره في قمع الثورة الليبية التي أطاحت بنظام والده معمر القذافي، غير أن الحكم لم ينفذ، وأفرج عن سيف الإسلام في 12 نيسان/أبريل 2016، بموجب قانون العفو العام الذي شمله، إلا أنه منع من مغادرة البلد، وبقي داخل ليبيا حتى اليوم، تحت حراسة مسلحة من ميليشيات مناصرة له. وهو الآن يتهيأ للترشح لرئاسة ليبيا.

لا يبدو سيناريو تحقيق القذافي الابن مفاجئة انتخابية  مستبعدًا، رغم غرابته، إذ لا يزال ابن القذافي يحظى بدعم عدد من القبائل الليبية مثل ورفلة ورشفانة وترهونة والمقارحة والقذاذفة والأمازيغ والتبو، و"عندما تحتاج إلى تشكيل البلاد، تحتاج إلى رؤية القبائل، وإدراجها في العملية السياسية وسماع صوتها، هذه هي ثقافتنا" كما يقول إبراهيم الغويل لصحيفة الواشنطن بوست، وهو سفير سابق في عهد نظام القذافي.

لا يبدو سيناريو تحقيق القذافي الابن مفاجئة انتخابية  مستبعدًا، رغم غرابته، في ظل دعم عدد من القبائل الليبية بجانب مليشيات الثورة المضادة

وفّرت مرحلة ما بعد "ثورة 17 فبراير"، وما تلاها من فوضى وفساد وإرهاب، بحسب الغارديان، المناخ الملائم لعودة وجوه النظام البائد إلى المشهد الليبي، فبعدما خاطر المحتجون بحياتهم وخرجوا إلى الشوارع أمام الآلة الهمجية التابعة لنظام القذافي، اصطدم الكثير من الليبيين بمخرجات الثورة غير المبشرة، والتي لم تصل بهم إلى ليبيا أفضل كما كانوا يحلمون، بل إلى ميليشيات مسلحة تجوب الشوارع وانعدام لمؤسسات الدولة وانقسام سياسي لم ينفع معه علاج أمام حجم القوى المضادة للثورة الفاعلة في ليبيا وبداعمين صريحين عربيًا.

هكذا، وبحجة مكافحة الإرهاب وضبط الفوضى، تسرع مسننات الثورة المضادة من دورانها، لتضع تضحيات ومعاناة الليبين طوال عهد القذافي الأب وما تلاه من ثورة وانحرافات في مسار الواقع الليبي في ميزان ما الجدوى، دون إجابات صريحة ومتبلورة حول ما العمل؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

مستشار الأعمال القذرة.. تحقيق دولي حول تورط دحلان في جرائم حرب بليبيا

"الطحالب" يطفون على سطح ليبيا من جديد