08-فبراير-2020

من احتجاجات سابقة للأساتذة في المغرب (مواقع التواصل الاجتماعي)

إعداد: رجاء غرب وسفيان البالي

ما تبدأ نيران تصعيد الأساتذة في المغرب تخمد، إلا وتندلع من جديد، فرحلة الشد والجذب بين أصحاب الوزرات البيضاء في المغرب والحكومة، طويلة ومستمرة، وكل جهة تُحمل تَأثر قطاع التعليم على أخرى.

إضرابات متتالية للأساتذة في المغرب وسط صمت حكومي أمام ملفات متراكمة لقطاع حيوي هو قطاع التربية والتعليم

إضرابات متتالية وسط صمت حكومي أمام ملفات متراكمة لقطاع حيوي، ففي الوقت الذي اختار فيه سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، أن يجتهد في فرض نظام البكالوريوس القديم، والذي يفرض قضاء أربع سنوات لنيل شهادة الإجازة، تستعد التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد الخروج للشارع للاحتجاج.

اقرأ/ي أيضًا: "الأساتذة المجازون" في المغرب..إضراب وطني في الأفق

تصعيد مستمر للأساتذة في المغرب

وأعلنت تنسيقية الأساتذة المتعاقدين، خوض الأساتذة المنضويين تحت لوائها، إضرابًا لأربعة أيام متتالية، بداية من يوم 19 من شهر شباط/فبراير الجاري، ومقاطعة الأساتذة لكافة اللقاءات والتكوينات التي تُصادف أيام الإضراب، الأمر الذي من شأنه أن يشل السير العادي للدراسة في المؤسسات العمومية.

وقالت تنسيقية المتعاقدين في بيان لها، إن "حراكها هو استمرار للموجات الاحتجاجية التي عرفها المغرب منذ سنة 2011، للمطالبة بالعدالة والحقوق والحريات"، وأيضًا احتجاجًا على الاقتطاعات التي طالت أجور الأساتذة بعد إضرابهم. وتشكوا التنسيقية، من تعرض الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، لـ"التمييز والاستفزاز والابتزاز"، بالإضافة إلى تعرضهم للضرب والاعتداء خلال خوضهم لمختلف الأشكال الاحتجاجية.

وبالإضافة إلى المتعاقدين، دشن الأساتذة حاملي الشهادات العليا، مطلع السنة الجارية، سلسلة إضرابات واعتصامات، قبل أن تُقدم لهم الوزارة المعنية، مقترحًا لتنفيس الأزمة.

وقال ممثلون عن الوزارة إن اجتماعًا عُقد مع ممثلي النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، اقترحت فيه الوزارة إصدار مرسوم تعديلي للنظام الأساسي، يقضي بفتح الترقية بالشهادات، مع تغيير الإطار عن طريق مباراة وفق المناصب المفتوحة، على أن تحدد تفاصيل المباراة وعدد المناصب بقرار من الوزير. وتعهدت الوزارة بعرض مشروع المرسوم على النقابات في اللقاء المقبل.

قبل ذلك.. كان تصعيد حملة الشهادات

"أشعر بالإقصاء عندما أرى زملائي الذين لهم نفس مستواي الدراسي يتمتعون بالترقية، في حين لازلت محرومًا منها"، يقول إسماعيل في حديثه لـ"الترا صوت"، مضيفًا: "هذا ضرب لمبدأ تكافؤ الفرص الذي تلوح به الحكومة دائمًا".

أمام هذه الحالة وفي ظل الصمت غير المبرر لمسؤولي وزارة التربية الوطنية تجاه نداءات واحتجاجات التنسيقية الوطنية لموظفي الوزارة حاملي الشهادات، والتي دامت ثلاث سنوات؛ أصدرت تنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات، بيانًا في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2019، يستنكر "تلكؤ الوزارة" في التفاعل مع مطالب الأساتذة.

بيان تنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات

وقال البيان إن الوزارة "أغلقت باب الحوار ولجأت بدل ذلك إلى لغة القمع والتنكيل واتباع سياسة التضييق على ممارسة حق الإضراب، بالاقتطاعات التعسفية الخيالية من الأجور". وجددت التنسيقية في بيانها، مطالبتها الحكومة والوزارة المعنية بـ"فتح حوار جدي ومسؤول يفضي إلى تسوية ملف حاملي الشهادات"، محملة الحكومة والوزارة مسؤولية تبعات ما وصفته بـ"التعنت واللامبالاة في الاستجاب الفورية لتلك المطالب". 

وأعلنت التنسيقية عزمها الدخول في إضراب مفتوح واعتصام متمركز بالعاصمة الرباط، لتبدأ برنامجها التصعيدي المطلبي، والذي كلل بإضراب مفتوح، استمر أسبوعين، بداية من الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2019، إلى جانب بمسيرات احتجاجية واعتصامات بقلب العاصمة الرباط.

التقى "الترا صوت" بعبدالوهاب السحيمي، عضو تنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات، الذي قال إن "تاريخ بداية مسيرتنا النضالية يعود إلى سنة 2016"، ومنذ ذلك الحين يحاول الأساتذة حاملي الشهادات "تنبيه الوزارة إلى وجود خلل في قطاع التربية والتعليم".

ويوضح السحيمي: "يتمثل الخلل في وجود نوع من اللا مساواة داخل الجسد التعليمي، إذ كيف يعقل وجود أساتذة لهم نفس الشهادات، ويمارسون نفس المهام، لكن قسم منهم محروم من الترقية، لا لشيء إلى لأنه استلم الوظيفة بعد سنة 2015؟".

وعلى هذا الأساس بدأ حراك الأساتذة حاملي الشهادات باحتجاجات إنذارية أول الأمر، تمثلت في وقفات اختير لها أيام نهاية الأسبوع، وحمل شارات حمراء أثناء ممارسة المهام التعليمية. يقول السحيمي عن ذلك: "كانت احتجاجاتنا في الأول إنذارية فقط، راعينا فيها الزمن التعليمي، وحرصنا بالدرجة الأولى ألا نضر بالطلاب، وبالدرجة الثانية ألا يقال عنا صِداميين".

لكن في المقابل، كان الصمت من طرف المسؤولين هو الجواب الوحيد على هذه الاحتجاجات، ما دفع بالتنسيقية إلى التصعيد بالتدريج، فاستبدل الاحتجاج أيام نهاية الأسبوع بإضرابات عن العمل، مرة في الشهر أو مرتين. "مجددًا، لم يكن هناك رد"، يقول السحيمي، مستطردًا: "أو بالأحرى كان الرد هو الاقتطاع التعسفي من الأجور، واعتبار أيام الإضراب غيابات غير مبررة".

راسل أساتذة الشهادات الوزارة لفتح حوار جاد حول قضيتهم، لكن الوزارة لم تستجب أيضًا، وعليه، ووفقًا للسحيمي: "كان لا بد من تصعيد أكبر"، وهكذا دخل أساتذة الشهادات إضرابًا مفتوحًا في الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2019، إلى جانب مسيرات واعتصامات في الرباط، قوبلت بعنف من قبل قوات الأمن، خلف إصابات عديدة في صفوف الأساتذة.

بلاغ تنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات

وطيلة أسبوعَي الإضراب، طفت قضية الأساتذة حاملي الشهادات على سطح الرأي العام المغربي، خاصة مع التغطية الإعلامية له. وهكذا "نجحت التنسيقية في إيصال صوتها لكافة القوى الحية في البلاد، والتي تعاطفت وتضامنت مع القضية"، وفقًا لبيانها الصادر في 11 كانون الأول/ديسمبر 2019.

عودة زخم الأساتذة؟

أعاد التصعيد الاحتجاجي الذي نظمته تنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات، مطالب العاملين بقطاع التربية والتعليم في المغرب إلى ساحة النقاش العام، خاصة أن الذاكرة لا زالت تحتفظ بتفاصيل الحراك الذي قاده الأساتذة الذين فرض عليه نظام التعاقد، في الموسم الماضي، والزخم الاجتماعي الذي خلقه في الشارع. الأمر الذي يطرح سؤال: إلى أين وصل ملف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد؟

من احتجاجات الأساتذة المتعاقدين في المغرب
تعاملت قوات الأمن بعنف مع اعتصام الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في المغرب

سؤال تجيب عليه لطيفة مخلوفي، عضوة تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، في حديث لـ"الترا صوت"، قائلةً: "إذا كان المقصود من السؤال حصيلة حواراتنا مع الحكومة، فيؤسفني وصفها بأنها لم تكن جادة، بل استنزافية، وتهدف إلى احتواء التصعيد أكثر من حل الملف".

وأضافت لطيفة مخلوفي: "لكن المكسب الأكبر هو أننا بنينا تنظيم يمكن أن يدفع الأمور بشكل إيجابي. ومن خلاله أعطينا القضية زخمًا، وأدرناها ونديرها بشكل جيد وديمقراطي، بقرار موحد يتم بناؤه من القواعد المحلية إلى المجلس الوطني".

مكنت تنسيقيات الأساتذة من دحض أطروحات تفكك العاملين بالقطاع التعليمي في المغرب، وفضح البيروقراطية التي تنخر في الجسد النقابي

"مكنتنا التنسيقيات من دحض أطروحات تفكك العاملين في القطاع التعليمي، وفضح البيروقراطية التي تنخر الجسد النقابي"، تقول مخلوفي، مشددة على أن "التنسيقيات سبيل ناجع لتوحيد العاملين في هذا القطاع". وبالفعل، عرف العاملون في قطاع التربية والتعليم تضامنًا فريدًا بين كافة تنسيقياتهم في احتجاجاتهم المطلبية المختلفة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عنف دموي ضد اعتصام الأساتذة المتعاقدين في المغرب.. والإضراب مستمر

في المغرب.. الأساتذة المتدربون يحتجون