عودة الهيبة…ما وراء الفترة المذهلة يعيشها نوتنغهام فورست؟

قبل بداية الموسم، لم يكن أحد ليتوقع المستويات التي يقدمها نوتنغهام فورست. حتى البيانات الإحصائية لم تتمكن من التنبؤ بهذا الأداء، ولم يضعه الصحفيون ضمن أفضل 10 فرق في الدوري الإنجليزي هذا الموسم، ولكن ما يحققه الفريق حاليًا يُعد معجزة بكل المقاييس.

يحتل نوتنغهام فورست حاليًا المركز الثالث في الدوري الإنجليزي، بفارق نقطة واحدة عن مانشستر سيتي صاحب المركز الرابع، بينما يبتعد عن المتصدر ليفربول بـ 19 نقطة. خسر الفريق سبع مباريات وتعادل في ست، وهي أرقام رائعة لنادٍ أنهى الموسم الماضي في المركز السابع عشر.

أداء الموسم الماضي لا يعكس ما يقدمه الآن

عانى نوتنغهام فورست في الموسم الماضي من مشكلات على جميع الأصعدة، سواء هجوميًا أو دفاعيًا، ما أدى إلى إنهاء الدوري في المركز السابع عشر برصيد 36 نقطة، بعد تحقيق تسعة انتصارات، والتعادل في تسع مباريات، مقابل 20 هزيمة. واجه الفريق صعوبة في الحفاظ على نظافة شباكه، إذ استقبلت شباكه أهدافًا بمعدل 1.76 هدفًا في المباراة الواحدة. أما على الصعيد الهجومي، لم يختلف الأمر كثيرًا، حيث سجل الفريق 49 هدفًا فقط خلال 38 مباراة.

نجا نوتنغهام من الهبوط في الموسم الماضي، والذي أنهاه في المركز السابع عشر، والآن يحتل المركز الثالث في البريميرليغ، فما سبب هذا الانتعاش المذهل؟

إلى جانب مشكلاته الفنية، تعرض نوتنغهام فورست لعقوبة من الدوري الإنجليزي في منتصف الموسم بسبب خرقه لقواعد اللعب المالي النظيف، مما أدى إلى خصم أربع نقاط من رصيده في مارس، ومع ذلك، حتى دون هذا الخصم، كان الفريق سيبقى في المركز السابع عشر.

أزمة في دفاع الفريق وحراسة المرمى

حافظ نوتنغهام فورست على نظافة شباكه في أربع مباريات فقط في الدوري. بدأ الموسم بالحارس الأمريكي مات ترنر، الذي استقبلت شباكه 28 هدفًا. كان أداء ترنر متذبذبًا، ولم يكن قادرًا على تعويض أخطاء خط دفاعه بالشكل الكافي. ومع قدوم نونو سانتو، أُعير ترنر إلى كريستال بالاس، وتم استقدام الحارس البلجيكي ماتز سيلس بديلًا له.

سيلس لم يكن الحارس الأفضل أيضًا، ولم يُحدث الفارق المطلوب، لكن نونو أدرك أن مشكلته الحقيقية تكمن في خط الدفاع. عانى نوتنغهام من كثرة الأخطاء الفردية، وعدم قدرة مدافعيه على مراقبة اللاعبين بشكل جيد، حتى مع اعتماد الفريق على نظام الخمسة مدافعين في الخلف.

خط هجوم غير منتج وغياب التوافق بين لاعبيه

سجل نوتنغهام في الموسم الماضي 49 هدفًا، ليصبح ترتيبه الـ 18 على مستوى الدوري الإنجليزي في التسجيل. جاءت هذه الأزمة نتيجة عدم قدرة الفريق على تحقيق استقرار هجومي، بالإضافة إلى فشل خط الوسط في الاحتفاظ بالكرة، وعدم تقديم خط الهجوم للمساحات الكافية للتمرير إلى وود، الذي قدّم أداءً فرديًا جيدًا في الموسم الماضي.

كما تفاقمت الأزمة بسبب غياب التفاهم بين عناصر الفريق، حيث بدا واضحًا في العديد من المباريات ضعف الترابط بين الخطوط الثلاثة. انعكس ذلك في التمريرات الخاطئة والتحركات غير الصحيحة، وهو أمر متوقع في ظل تعاقد النادي مع 11 لاعبًا جديدًا في موسم واحد

تحولات جذرية على جميع الأصعدة

رمى نوتنغهام فورست بالموسم الماضي عرض الحائط، وكأنه موسم للنسيان، وليس له أي علاقة بالوضع الحالي لصاحب المركز الثالث. نجح نونو سانتو في حل جميع المشكلات التي واجهت الفريق الموسم الماضي، وتعامل مع الفترة بين كانون الأول/ديسمبر 2023 وأيار/مايو 2024 – وهي الفترة التي تولى فيها قيادة النادي – وكأنها معسكر تدريبي طويل، هدفه فيها ضمان البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز.

تحسين الدفاع أثر مباشرةً في الزيادة الهجومية

يعتمد نوتنغهام فورست على نظام دفاعي صلب، حيث استقبلت شباكه 33 هدفًا فقط حتى الآن، ليصبح رابع أقوى دفاع في الدوري هذا الموسم. يعود ذلك إلى أسلوبه الدفاعي المنضبط، الذي يعتمد على تمركز المدافعين الصحيح والتراجع المنظم لامتصاص ضغط المنافس. سواء اعتمد الفريق على خط دفاع خماسي أو رباعي، فإنه ينجح في قطع الكرات بفضل الانسجام التكتيكي والتغطية الجيدة.

عند افتكاك الكرة، يبدأ خط الوسط بسرعة في نقلها نحو الهجوم، مستفيدًا من تحركات اللاعبين التي تجذب مدافعي الخصم إلى الأطراف، مما يخلق مساحات أكبر في العمق، سامحًا لكريس وود باستغلالها لتسجيل أهدافه.

تكتيك نونو سانتو كشف نقاط ضعف الفرق الأخرى

يمتلك نوتنغهام فورست أقل متوسط استحواذ في الدوري، بنسبة 40.1%، لكنه نجح في تحويل ذلك إلى نقطة قوته الأساسية. ظهر هذا الأسلوب بوضوح أمام فرق مثل ليفربول، الذي يفضّل الاستحواذ لفترات طويلة تحت قيادة آرني سلوت، مما منح نوتنغهام الفرصة لتطبيق خطته في الهجمات المرتدة.

لا يسعى الفريق للاستحواذ على الكرة، بل ينتظر وصولها إليه من خلال أسلوبه الدفاعي المنظم، ثم يطلق هجماته العكسية بأفضل شكل ممكن. يعتمد نوتنغهام على تقارب خطوطه الثلاثة في الثلث الدفاعي، مما يسهل عملية افتكاك الكرة والتحول السريع إلى الهجوم، مع إبقاء خط الهجوم متمركزًا في المقدمة لاستغلال أي فرصة سانحة.

خط هجوم فعال أعاد الهيبة للفريق

فشل نوتنغهام فورست في التعاقد مع مهاجم جديد، رغم رغبة نونو سانتو في ضم إيدي نكيتياه من أرسنال أو سانتياغو خيمينيز من فينورد، لكن الأول انتقل إلى كريستال بالاس، بينما قرر الأخير البقاء في فريقه. دفع هذا سانتو إلى تكريس جهوده لتطوير مهاجمه المخضرم كريس وود، البالغ من العمر 32 عامًا، والتركيز على منحه المساحات المثالية داخل الملعب.

نجح وود في استغلال هذه الفرصة بأفضل شكل، حيث سجل 18 هدفًا وصنع ثلاثة، متجاوزًا التوقعات التي كانت تشير إلى تسجيله 12.32 هدفًا فقط مع بداية الموسم. بلغت مساهماته في أهداف الفريق 47% من إجمالي أهداف نوتنغهام في الدوري، كما حقق أعلى معدل تحويل فرص إلى أهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز بنسبة 32.6%، متفوقًا على جميع هدافي البطولة.

إلى جانب وود، استفاد نوتنغهام من تألق غير متوقع لمورجان جيبس-وايت. ساهم الإنجليزي في 10 أهداف هذا الموسم، حيث سجل خمسة وصنع خمسة، لكنه يقدم أكثر من ذلك بكثير داخل أرضية الملعب. تمريراته المفتاحية تمهد الطريق للأهداف، كما يتميز بمرونته أثناء الجري بالكرة وخلق المساحات، وهو عنصر أساسي في خطة الفريق للهجمات المرتدة.

فترة مذهلة يعيشها نوتنغهام

نجح نوتنغهام فورست في بناء نظام تكتيكي استغل كل ثغرة في فرق الدوري الإنجليزي الممتاز، مستفيدًا أيضًا من تراجع أداء كبار الأندية، مثل مانشستر سيتي، مانشستر يونايتد، وتوتنهام، إلى جانب فرق أخرى كان من المتوقع أن تحقق مراكز أفضل.

كنتيجة لهذا الموسم الاستثنائي، يطمح النادي للعودة إلى المنافسات الأوروبية من جديد، ولا يُعدّ حلم التأهل إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل مستحيلًا، بل قد يتحول إلى واقع بفضل الأداء القوي الذي يقدمه الفريق حتى هذه اللحظة.