28-سبتمبر-2016

عودة الطلاب السوريين في تركيا وسط تطورات ومخاوف(هليل فيدان/ الأناضول)

انطلق، صباح الاثنين 26 أيلول/سبتمبر الجاري، آلاف الطلاب السوريين في عموم المدن التركية إلى مراكز التعليم السوري المؤقت، التي تحتضن الأطفال في أول يوم من أيامها وتفتح أبوابها لتستقبلهم، وتحاول أن تزرع فيهم القيم الأخلاقية النبيلة والحب والمعرفة، وسط مخاوف الأهل وعزوف الكثيرين عن تسجيل أولادهم، وفي ظل قرارات الحكومة التركية دمج بعض صفوف الأول والخامس والتاسع في مدارسها التركية.

عاد طلاب سوريا إلى مراكز التعليم السوري المؤقت أو المعاهد التركية وسط مخاوف بعض الأهالي وعزوف آخرين عن تسجيل أولادهم

تشهد تلك المراكز ازدحامًا شديدًا مع بدء عام دراسي جديد في الغربة، فحراك الأهل يشمل تسجيل الأولاد في المراكز السورية المؤقتة وبعضهم يعمل على نقل أولادهم من مدرسة إلى أخرى، مع تزايد مخاوف بعض الأهالي من "عملية تتريك" جارية للطلاب السوريين، التي كانت بدايتها مع طلاب المرحلة الدراسية الأولى ولن تكون الأخيرة، كما فسرها الكثير من الأهالي الرافضين لتلك القرارات.

اقرأ/ي أيضًا: اللاجئ السوري والحق في التعليم

التزم معظم الأهالي الصمت ولم يستجيبوا للنداءات التي تطالب بتسجيل طلاب الصف الأول في المدارس التركية مما حذا بوزارة التربية التركية إلى استصدار تعديل يتيح للطلاب السوريين الذين أتموا دراسة المستوى الأول من برنامج تعليم اللغة التركية في مراكز التربية الشعبية أو الذين اجتازوا اختبار المستوى الأول (قراءة وكتابة) الالتحاق مباشرة بثانويات الأناضول المهنية حسب المقاعد الشاغرة لديها، كما تساهلت بموضوع دوام الطلاب في المراكز السورية المؤقتة على أن يسجلوا أسماءهم في أقرب مدرسة تركية.

ونظرًا لقساوة الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها معظم الأسر السورية اللاجئة في تركيا، فقد قامت جميع المراكز السورية المؤقتة بتوزيع الحقائب المدرسية والقرطاسية وبعض المواد الغذائية على الطلاب المسجلين لديها. فيما دأبت السلطات التركية على توفير الخدمات الرئيسية للسوريين ممن تحت الحماية المؤقتة، كتقديم الخدمات الطبية المجانية والتعليمية، حيث شهدت الخدمات المقدمة في المجال الصحي نجاحًا كبيرًا ولاقت ترحيبًا من قبل اللاجئين على عكس قطاع التعليم الذي ظلت قراراته محل استهجان ورفض.

يُذكر أن تركيا تستقبل أكثر عدد من اللاجئين السوريين في دول العالم عبر سنوات خلت من عمر الأزمة السورية، فبلغ عددهم خلال الربع الأول من العام الحالي ما يزيد عن مليونين وسبعمائة ألف لاجئ. وقد بلغ عدد الطلاب السوريين الذين انتسبوا إلى مراكز التعليم المؤقت العام الماضي 370 ألفًا من جميع المراحل يتوزعون على 230 مدرسة من مرحلة الحضانة والابتدائية والإعدادية والثانوية هذا عدا عن 70 ألفًا التحقوا بالمدارس الحكومية التركية وقد بلغ عدد الطلاب المنقطعين عن العملية التربوية 300 ألف طالب. وتؤكد الحكومة التركية أنها عملت على زيادة القدرة الاستيعابية لمراكز التعليم المؤقت من 199 ألف طالب إلى 299 ألف.

اقرأ/ي أيضًا: اللاجئون الفلسطينيون والأونروا.. إلى الشارع دُر

أما عدد طلاب الحضانة في مراكز التعليم المؤقتة داخل المدن، فقد بلغ 4508 طالب وطالبة وعدد طلاب المرحلة الابتدائية 59450 طالبًا وفي المرحلة الإعدادية 32407 طالب وفي المرحلة الثانوية 9400 طالب وطالبة، أما العدد الكلي فيقدر بـ 105765 طالبًا.

وفي لقاء لـ"ألترا صوت" مع الأستاذ عامر النمر، رئيس جمعية النهضة العلمية في تركيا وعضو هيئة الاهتمام والمتابعة مع وزارة التربية التركية، صرح قائلًا: "شهدنا في هذه السنة إقبالاً ملحوظًا من قبل الطلاب على مراكز التعليم المؤقت وعلى المدارس التركية وكان الإقبال على مراكز التعليم السوري المؤقت أكثر، رغم وجود قرار بنقل طلاب الصفوف الأول والخامس والتاسع إلى المدارس التركية، أما بقية الصفوف الانتقالية فكان الحضور فيها مميزًا، وتوقعت وزارة التربية والتعليم التركية أن يصل عدد الطلاب الملتحقين بالمراكز المؤقتة والتركية هذا العام إلى 600 ألف طالب".

وأضاف: "الآن يتم عمل إحصاء حسب عنوان البيت لكل طالب، فالطلاب الذين يبعدون عن المدرسة مسافة تزيد عن 1.5 كم سيتم تأمين نقل مجاني لهم وطلاب الخامس والتاسع سيتم إنشاء شعب خاصة بهم ليتم تدريسهم اللغة والتركية على حد سواء والعمل على تأمين نقلهم من منازلهم بشكل مجاني أو تأمين سكن إن لزم الأمر".

لم تلعب وزارة التربية التركية دورها المفترض في العملية التربوية السورية من حيث الإشراف والمتابعة

لكن من الملاحظ أنه طيلة خمس سنوات مضت، لم تلعب وزارة التربية التركية دورها المفترض في العملية التربوية السورية، من حيث الإشراف والمتابعة والتعيين وكشف الحقائق المخفية، واكتفت بتعيين مشرف تركي على كل مدرسة إلا أنها استفاقت اليوم معلنة أنها الوصية على تعليم اللاجئين السوريين على أراضيها، فأصدرت القرارات التي تجبر طلاب الصف الأول والخامس والتاسع على التسجيل في مدارسها، مؤكدة أنها مهتمة بقطاع التعليم السوري والواجب يدعوها لذلك.

وهل سيتغير شيء حيال استقلالية المراكز المؤقتة وعدم قدرة صاحب المراكز أو داعمه على اختيار الكادر بما يتناسب وغاياته أو أهدافه وطموحاته، بعد نية التربية التركية القيام بجولة اختبارية على كافة المراكز السورية المؤقتة للكشف عن قدرات المعلمين وأهليتهم للعملية التربوية؟

يُذكر أن مازن حسون، مدير مركز التعليم السوري المؤقت في العثمانية قد صرح: "حتى الآن لم يظهر أي تغيير لكن أظن وبعد فترة أننا سنرى هل استطاع طلاب الأول في المدارس التركية تجاوز الصعوبة والاندماج مع أقرانهم الأتراك وفهم دروسهم كما يجب". ويضيف: "نلاحظ هذا العام وجود نقص واضح في عدد الطلاب في المدارس السورية وفائض معلمين أما بالنسبة للأهالي فهم يطالبون باستمرار بتسجيل أولادهم بالمدارس السورية والبعض امتنع عن إرسالهم للمدارس التركية وبقي الأولاد في المنزل تعبيرًا عن عدم الرضا أو القبول بتلك القرارات التي اعتبرها الأهالي ظالمة".

وعن دورة التأهيل التربوي والفائدة المكتسبة منها، تحدث لـ"ألترا صوت" عدد من المدرسين، وهم محمد شريف بدوي ومحمد ياسر أبو ردن وحمزة الدالي، أن "الدورة بمثابة قداحة الشرارة الأولى لإزاحة الصدأ الموجود بالمفاهيم التقليدية للتربية والتعليم والتدريس والتي عملت على رفع المستوى والأسلوب التدريسي بما يتماشى مع الظرف الراهن"، واعتبروها بمثابة "مرآة للمدرسين حيث تم الكشف عن نقاط الضعف لدى المدرس التي لم يكن قد انتبه لها".

اقرأ/ي أيضًا:

الطالب السوري في بيروت... فتّش عن الإقامة!

جبران باسيل ..العنصرية ضد السوريين كاستراتيجية