عودة التصعيد بين باكستان وأفغانستان.. احتمالات المواجهة المفتوحة تتزايد
15 أكتوبر 2025
كما كان متوقعًا، تجدّدت المواجهات العسكرية بين القوات الأفغانية والباكستانية على الحدود المشتركة، في ظلّ تشابكات الأزمة وتعقيدات الخلاف بين حكّام كابل الجدد وإسلام آباد. وتتهم باكستان جارتها بإيواء حركات باكستانية "إرهابية ومتمرّدة"، فيما تنفّذ قواتها ضربات داخل الأراضي الأفغانية لـ"اجتثاث العوامل المهددة للأمن القومي"، وفق رواية إسلام آباد.
واندلعت السبت الماضي اشتباكات عنيفة على طول خط ديورند الفاصل بين البلدين، والذي تمر عليه ولايات كونار وننغرهار وبكتيا وخوست وهلمند، وأسفرت المعارك عن مقتل 23 جنديًا باكستانيًا وعشرات من القوات الأفغانية، بحسب بيانات الجيش الباكستاني.
تجدد الاشتباكات بين باكستان وأفغانستان ينسف الهدنة الهشة بين الطرفين
باكستان تطالب كابل بالتحرك ضد المسلحين
طالبت باكستان حليفتَها السابقة أفغانستان باتخاذ إجراءات ضد المسلحين الذين كثفوا هجماتهم داخل الأراضي الباكستانية، مؤكدة أنهم ينشطون انطلاقًا من ملاذات آمنة داخل أفغانستان. في المقابل، نفت حركة طالبان الاتهامات، ودعت إسلام آباد إلى معالجة "مشكلة المسلحين" داخل حدودها، محذّرة من أن أي استهداف لأراضيها سيُعدّ انتهاكًا للسيادة وسترد عليه بحزم.
ويأتي هذا التصعيد بينما تشهد العلاقات بين أفغانستان والهند تقاربًا متزايدًا، تُوّج برفع التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى فتح السفارات وتبادل السفراء.
تجدد الاشتباكات الدموية
اندلعت الأربعاء اشتباكات عنيفة بين القوات الأفغانية ونظيرتها الباكستانية قرب الحدود المشتركة. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين باكستانيين أن المواجهات أسفرت عن مقتل 6 من قوات شبه عسكرية باكستانية، فيما أعلنت حركة طالبان مقتل أكثر من 12 مدنيًا في الجانب الأفغاني بنيران القوات الباكستانية.
وقال المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، في منشور على منصة "إكس"، إن "القوات الباكستانية شنّت هجمات في وقت مبكر من صباح اليوم، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 12 مدنيًا وإصابة أكثر من 100 آخرين"، فيما أفادت مصادر أفغانية بأن القوات الأفغانية "قتلت عددًا من الجنود الباكستانيين واستولت على مواقعهم ومعداتهم العسكرية".
من جانبها، ألقت إسلام آباد باللوم على طالبان، وقال مسؤولون باكستانيون إن "أربعة مدنيين أصيبوا على الجانب الباكستاني من الحدود". وأوضح حبيب الله بانجولزاي، المسؤول الإقليمي في منطقة تشامان، لـرويترز أن "قوات طالبان هاجمت موقعًا باكستانيًا قرب تشامان".
سلام هشّ ينهار
وبهذا التصعيد، تكون أفغانستان وباكستان قد نسفتا — بحسب مراقبين — "السلام الهش" الذي لم يصمد طويلًا. وكانت دول من بينها قطر والسعودية قد نجحت مؤقتًا في الوساطة بين الطرفين، غير أن التصريحات المتبادلة بين كابل وإسلام آباد عكست استمرار التوتر.
فقد توعّدت أفغانستان بالردّ على أي "تجاوز باكستاني"، إذ قال وزير خارجيتها أمير خان متقي إن لدى بلاده "خيارات أخرى إذا لم تُجدِ الدبلوماسية"، داعيًا إسلام آباد إلى "السيطرة على الحركات المسلحة داخل أراضيها". في المقابل، شدد وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف على أن بلاده "لن تتسامح مع من يدعم الإرهاب أو يسهّل إدخال الأسلحة إلى باكستان"، في إشارة إلى استمرار نية إسلام آباد تنفيذ عمليات عسكرية داخل أفغانستان.
مخاطر حرب مفتوحة
ويرى محللون أن البلدين يجازفان بالانزلاق إلى حرب مفتوحة، في ظلّ التداخل القبلي والإثني على الحدود، وتزايد العوامل الإقليمية المحفزة للنزاع، خصوصًا مع رغبة الهند في إضعاف باكستان والانشغال عن النفوذ الصيني المتنامي في المنطقة. وتتهم إسلام آباد نيودلهي بتسليح وتمويل حركة طالبان باكستان، بينما يواصل الجانبان الأفغاني والهندي توطيد تعاونهما الدبلوماسي.