07-ديسمبر-2024
أهمية حمص الإستراتيجية

شاخصة مرورية تشير إلى مدينة حمص (رويترز)

شهدت الأيام الأخيرة تطورات متسارعة غيّرت في المشهد السياسي السوري، بعد سيطرة فصائل المعارضة على مدينتي حلب وحماة، ووصلها إلى مشارف مدينة حمص، ذات الأهمية الاستراتيجية للنظام السوري، وهو ما ظهر من سلسلة الانسحابات الدراماتيكية التي نفذتها قوات النظام باتجاه لتعزيز مواقعها داخل المدينة التي أطلق نشطاء المعارضة لقب "عاصمة الثورة السورية".

وتحظى حمص التي تنحدر منها أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بأهمية استراتيجية نظرًا لموقعها الجغرافي وقربها من موارد الطاقة ومزاياها اللوجستية، بحسب وكالة "الأناضول"، التي تشير إلى وقوعها في الجزء الأوسط من سوريا، مما يجعل موقعها مركزيًا من حيث النقل والخدمات اللوجستية مع نقاط تقاطع تربط بالمدن الرئيسية في البلاد مثل دمشق وحلب واللاذقية.

وتضيف الوكالة التركية بأن حمص الواقعة على الطريق السريع "إم 5"، تتمتع بميزة استراتيجية من حيث الحركة التجارية والعسكرية مع قربها من ميناء اللاذقية الذي ينفتح على البحر الأبيض المتوسط، فضلًا عن مرور خطوط أنابيب الغاز الطبيعي والنفط حول المدينة حمص، التي تقع على الطرق التجارية والعسكرية المهمة في محور سوريا الشمالي الجنوبي والشرقي الغربي، ودورها الاقتصادي على المستويين المحلي والوطني بأراضيها الزراعية الخصبة ومنشآتها الصناعية.

تتمتع مدينة حمص بميزة استراتيجية من حيث الحركة التجارية والعسكرية مع قربها من ميناء اللاذقية الذي ينفتح على البحر الأبيض المتوسط

وحول أهمية المعركة التي تخوضها فصائل المعارضة وقوات النظام على مشارف حمص، يشير مدير وحدة الدراسات في المركز العربي للأبحاث، مروان قبلان، في حديثه لـ"التلفزيون العربي" إلى أن النظام السوري حتى الآن ينفذ قصفًا جويًا وبريًا لإيقاف تقدم فصائل المعارضة باتجاه مدينة حمص، في محاولة لأن تكون المعارك محصورة في أرياف حمص، لافتًا إلى عدم استطاعة "المعركة الجوية حسم هذا الصراع منذ اليوم الأول، خاصة أنها قد تؤدي إلى وقوع خسائر بين المدنيين أو حتى بين عناصر فصائل المعارضة المتقدمة".

ويلخص قبلان المشكلة الأساسية التي أدت إلى الانهيار المفاجئ في صفوف النظامين بعبارتين، أولهما "فقدان قوات النظام لإرادة القتال، وربما هو أهم عنصر"، وثانيهما "عدم وجود الكثير من الموارد البشرية ليزجها في هذا الصراع"، منوهًا إلى أن "معظم المقاتلين الذين قاتلوا إلى جانب النظام منذ عام 2012، كانوا عناصر أجنبية غير سورية، استقدمتهم إيران من كل أصقاع الأرض".

ويوضح قبلان أن التطورات الميدانية خلال الـ24 ساعة الماضية أدت إلى قطع الطريق من العراق إلى سوريا بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على المعابر الحدودية مع العراق في شرق سوريا، فيما قامت "قوات سوريا الحرة" بالسيطرة على طرق البادية السورية التي تصل بشرق سوريا، مما أدى إلى قطع طرق الإمداد من العراق، مضيفًا أن اعتماد النظام السوري أيضًا على طرق الإمداد من غربي سوريا عبر حزب الله "لن تجدي نفعًا".

وحول امتناع حلفاء النظام السوري، بالإضافة إلى الأطراف الدولية التي تواصل عن تقديم الدعم، يرى قبلان أن ذلك يعود إلى مجموعة عوامل، من بينها "تفاجئ حلفاء النظام بسرعة الانهيارات التي حصلت في صفوف مقاتليه"، إضافة إلى اعتقادهم بأن قوات النظام "ليس لديهم إرادة القتال، مما جعلهم يجدون أنه لا جدوى من دعم جيش لا يريد القتال"، مضيفًا أن "روسيا نفسها تحتاج مساعدة"، مشيرًا إلى استعانتها بكوريا الشمالية ومقاتلين مرتزقة من دول مختلفة في حربها ضد أوكرانيا.

أما بالنسبة لإيران، يوضح قبلان أن " العمود الفقري الذي اعتمدت عليه إيران لدعم النظام السوري كان حزب الله"، مضيفًا أن "حزب الله اليوم في وضع لا يُحسد عليه"، في إشارة إلى العدوان الإسرائيلي على لبنان، وسلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات الصف الأول في الحزب، لافتًا إلى أن "الأميركيين يبدو أنهم اتخذوا قرارًا بمنع أي تدخل خارجي في الصراع في سوريا"، منوهًا أنه للمرة الأولى "يصبح الصراع سوريًا – سوريًا منذ عام 2012".

وكانت "إدارة العمليات العسكرية" التي تقود عملية "ردع العدوان" قد أرسلت تعزيزات عسكرية إلى ريف حمص الشمال الذي يشهد قصفًا روسيًا عنيفًا، يستهدف مدينتي الرستن وتلبيسة، في الوقت الذي تمكن "جيش سوريا الحرة" من السيطرة على مواقع للنظام السوري في ريف حمص الشرقي في عمق البادية السورية.