27-مارس-2017

قد يحصل خصام بين أصدقاء وأقارب بسبب الإعجاب بمنشور ما (جيرار جوليان/أ.ف.ب)

اختار القائمون على قاموس أوكسفورد Oxford Dictionary في العام 2015 صورة من الوجوه التعبيرية Emojis لتكون كلمة العام، فكان الوجه الباسم هو الكلمة الأكثر استخدامًا. إلى جانب وسائل التعبير الأخرى بما فيها من إعجاب وإعجاب شديد، قلوب الحب الحمراء، هناك الوجه الحزين والوجه المتفاجئ، وغيرها من محددات التعابير والمشاعر تلك التي طرحها فيسبوك قبل وقت، فاسحًا المجال لملايين المستخدمين للتعبير عن المشاعر بتلك الوجوه.

وراء تعابير فيسبوك الكثير من المترصديّن ففعل الإعجاب قد يقودك إلى ردود أفعال مختلفة عما كنت تعتقد أنه فعل تشاركي بريء

ولكن وراء تلك التعابير الكثير من المراقبين والمترصديّن لفعل الإعجاب الذي قد يقودك إلى ردود أفعال مختلفة عما كنت تعتقد أنه فعل تشاركي بريء. فقد أودت تلك الأيقونات التي ثبت أنها لا تنتهي عند حدّ الإعجاب بما يقوله البعض، بل قد تتعدى ذلك لتصل إلى ضرورة تحمل مسؤوليتها، حيث من الممكن أن تؤدي بصاحبها إلى خلافات تؤثر على شكل العلاقات العامة والخاصة في حياته.

اقرأ/ي أيضًا: التلصّص في "فيسبوك".. الفضول المدنّس

هذا ما حصل مع أحد الأشخاص عندما وضع عن طريق الخطأ الوجه الضاحك على صورة لأحد الشهداء، ما جعل عشرات الرسائل المستغربة تنهال عليه من قبل مراقبين لإزالة وجهه الضاحك عن المنشور، إلى جانب نعوت وسباب ووعود بإلغائه من قائمة الأصدقاء أو "تبليكه".

كما بات يعرف إن أردت توصيف عدم اهتمام أحدهم بأمرٍ ما، فتقول إنه لم يهتم بالأمر الفلاني ولم يضع له حتى لايك، ليصبح ذلك اللايك معيارًا للاهتمام وعليه تقاس قيمة الأفعال وأصحابها.

على صعيد أشمل، هناك قصص كثيرة حول ذلك الموضوع تناولتها وكالات أنباء عالمية في السنوات الماضية عن حوادث حصلت في مواقع التواصل الاجتماعي عرضت أصحابها للكثير من المشاكل وبعضها غيّرت حياتهم. ففي العام 2015، واجه رجل تايلاندي عقوبة السجن لمدة 32 عامًا بعد إعجابه بصورة تسخر من الملك التايلاندي بوميبول أدولياديج، تم التلاعب بها بالفوتوشوب بحسب موقع "Metro" البريطاني وقتها.

كما تعرض أحد أعضاء حركة شباب 6 أبريل في مصر للاعتقال من منزله دون إذن من النيابة، إثر اتهامه بالدعوة إلى التظاهرات التي تمت في يوم 5 كانون الأول/ديسمبر عام 2014. ووجهت له تهمة الإخلال بالأمن والسلم العام، حيث اتضح أنه أعجب بأحد الصفحات الثورية على فيسبوك الداعية لتلك المظاهرات.

لم يقتصر الأمر على الأنظمة القمعية أو على نشاط الأشخاص العاديين على وسائل التواصل الاجتماعي بل تعداه إلى جغرافية أخرى أكثر ديمقراطية وإلى أوساط الفن والصحافة وغيرها بعد أن وجد الكثير من الفاعلين في تلك الأوساط أنفسهم في مواجهة مع آخرين بسبب إعجابهم بالمناشير والكتابات والآراء. وهذا ما حدث مع مراسلة قناة أورينت في عام 2015 بعد فصلها من القناة بسبب إعجابها بأحد المنشورات الذي ينتقد صاحب القناة.

فصلت مراسلة قناة أورينت في عام 2015 من العمل بالقناة بسبب إعجابها بأحد المنشورات الذي ينتقد صاحب القناة

أحد رجال السياسة في ألمانيا ومرشحًا لمنصب وزير العدل، تم سحب ترشيحه من قبل اللجنة التنفيذية للحزب الديمقراطي المسيحي بسبب إعجابه بمنشورات حزب آخر مناهض للهجرة والإسلام على فيسبوك. وعبرت وقتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن دعمها لهذا القرار مؤكدةً أن البت فيه لم يكن سهلًا ولكن إظهار التعاطف بشكل علني مع أكبر خصم سياسي للحزب لا يجوز.

اقرأ/ي أيضًا: معتقدات خاطئة عن فيسبوك

بين الفصل والطرد والمحاكمة سياسيًا واجتماعيًا هناك أيضًا خصام وفراق قد يحصل بين أصدقاء وأقارب بسبب الإعجاب بمنشور ما لا يتوافق مع آراء أحدهم وتوجهاته، خصوصًا إذا كان الموضوع متعلقًا بأمر سياسي، والذي طالما تشتعل لأجله خلافات وتوترات أُسرية وعلاقات صداقة.

موقع كـ"فيسبوك" باتت فيه معايير وحدود الخصوصية غير معلومة، فمن حيث المضمون كل هذا الفضاء الافتراضي الواسع قد يبدو أضيق مما نعتقد في لحظة ما، حين يبدأ التفاعل والتعليق على ما قد نكتبه أو ننشره، لتُحسب نشاطاتك عليك وعلى حياتك ربما.

وقد يؤخذ عليك شكل وطريقة تعبيرك، دون النظر إلى أنك يمكن أن تكون عكس ما أنت عليه ككائن افتراضي. فيحيلك الموضوع للتفكير مجبرًا بصورتك الافتراضية أو تلك الهوية الرقمية التي ستؤثر على الانطباعات التي قد تتركها عند الناس المتفاعلين والمشاركين في تلك الفضاءات، فنصبح كلنا نعيش في واقعٍ ردة فعلنا عليه تُرصد على وسائل التواصل الاجتماعي.

اقرأ/ي أيضًا:

شاب تونسي يكتشف ثغرات في فيسبوك ويكافأ

لماذا يعدّ فيسبوك عدّو الصحافة الوحيد؟