10-مارس-2023
getty

زيارة أوستن هي الأولى لدولة الاحتلال منذ وصول نتنياهو للحكم (Getty)

على وقع اضطرابات واحتجاجات تشهدها تل أبيب احتجاجًا على مساعي حكومة نتنياهو إضعاف السلطة القضائية لصالح السلطة التنفيذية وصل وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى تل أبيب ضمن محطته الأخيرة في زيارته للمنطقة. 

لم يفوت أوستن الفرصة للإشارة إلى خطة إضعاف القضاء التي تطرحها حكومة نتنياهو

وكان أوستن أرجأ توقيت الزيارة مرتين بسبب الاحتجاجات في إسرائيل، حيث تقلصت مدة الزيارة إلى ساعات، كما أنه قابل نتنياهو في مطار بن غوريون. ورغم أن خطة إضعاف القضاء حصلت على نصيبها من المداولات، بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني.

وسعى أوستن للتأكيد المتكرر على الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل، بقوله: "أردت أن أكون هنا لأوضح شيئًا شديد الوضوح: التزام أمريكا بأمن إسرائيل صارم، وسيبقى على هذا النحو. كما قال الرئيس [جو] بايدن في زيارته لإسرائيل العام الماضي"، متابعًا: "العلاقة بين الشعب الإسرائيلي والشعب الأمريكي عميقة للغاية، إسرائيل شريك استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة".

getty

ولم يفوت أوستن الفرصة للإشارة إلى خطة إضعاف القضاء التي تطرحها حكومة نتنياهو، قائلًا: "ورابطنا متجذرة أكثر بكثير من مجرد المصالح المشتركة، إنها متجذرة في القيم المشتركة للديمقراطية والحرية وسيادة القانون، وتبقى هذه القيم أساسية". وفي سياق نفسه أعاد التذكير بحديث بايدن عن الديمقراطية في إسرائيل والولايات المتحدة "المبنية على مؤسسات قوية، وعلى ضوابط وتوازنات، وعلى قضاء مستقل"، وعبر أوستن عن موقف الإدارة الأمريكية الذي تكرر على لسان بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سولفيان.

تقارب محدود في إيران

قال رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر صحفي جمعه مع أوستن، إن إسرائيل والولايات المتحدة متحدتان لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي. مضيفًا: "لدينا أجندة مشتركة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية ومنع العدوان الإيراني والحفاظ على ازدهار وأمن هذه المنطقة"، على حدِّ قوله.

كما أكد نتنياهو على العمل مع أمريكا من أجل زيادة دائرة التطبيع في المنطقة، وهو ما علق عليه أوستن بالإشارة إلى أن "اتفاقيات أبراهام تسهل الدفاع الجوي التعاوني وأنظمة الإنذار المبكر والأمن البحري بين إسرائيل وجيرانها".

getty

وأفرد أوستن مساحة أكبر للحديث عن إيران خلال مؤتمره مع وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، قائلًا: إن إدارة بايدن "لا تزال تؤمن بالدبلوماسية"، إلّا أنها "لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي"، مضيفًا أن أمريكا قلقة من قيام إيران بنقل الأسلحة وطائراتها المُسيّرة إلى أوكرانيا وإلى الشرق الأوسط.

وقال عن المشروع النووي الإيراني إنه "أكبر تهديد للأمن الإقليمي هو برنامج إيران النووي".

وحول التقارير التي تحدثت عن زيادة تخصيب إيران لليورانيوم إلى مستوى يصل إلى 84%، قال أوستن إن الولايات المتحدة كانت "قلقة للغاية" لكنها سعت إلى "استكشاف جميع الخيارات الدبلوماسية" من أجل "محاولة تقييد إيران بالدبلوماسية"، وأضاف في نفس الوقت "وظيفتي هي توفير خيارات للرئيس" في الساحة العسكرية إذا لزم الأمر.

وبعد اللقاء مع أوستن، قال نتنياهو: "ركزت المحادثة على الجهود المشتركة لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، إنني أدرك حدوث تغيير في الموقف تجاه إيران في الأشهر الأخيرة في الولايات المتحدة وفي الغرب". وأضاف نتنياهو: "أرى التزامًا بتعزيز النهج الهجومي ضد إيران، هذا الموضوع سيكون محور لقائي مع رئيسة وزراء إيطاليا".

getty

من جانبه، تحدث وزير الأمن الإسرائيلي بشكلٍ مطول عن المشروع النووي الإيراني، قائلًا: "نحن في فترة زمنية حرجة، وسنحتاج قريبًا إلى اتخاذ قرارات مهمة ومهمة ومصيرية لدولة إسرائيل"، متابعًا القول: "إيران تضغط لامتلاك سلاح نووي وتهدد إسرائيل وكذلك العالم بأسره".

وحول الخيار العسكري، قال غالانت: "التهديد الإيراني يلزمنا بالاستعداد لأي عمل -وأنا أكرر- أي عمل".

تقارب أمريكي إسرائيلي؟

وكشف موقع والاه، إن محادثات عقدها وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي ومسؤولين رفيعي المستوى من وزارات الخارجية والدفاع والمخابرات الذين يتعاملون مع الملف الإيراني، من أمريكا ودولة الاحتلال شهدت تقاربًا كبيرًا في الموقف بين الملف النووي الإيراني.

وعن الزيارة، قال البيت الأبيض في بيان إن الفريق الأمريكي بقيادة مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان والوفد الإسرائيلي ناقشوا قلقهم المشترك بشأن التقدم في البرنامج النووي الإيراني. وأضاف البيت الأبيض أن الفريقين ناقشا تعزيز التعاون الأمني ​​وزيادة التنسيق بشأن الإجراءات التي من شأنها منع إيران من الحصول على أسلحة نووية وردع عدوانها في المنطقة. 

كما تناولت الزيارة، موضوع التدريبات المشتركة بين الجيش الأمريكي والإسرائيلي، فيما أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن التدريبات الأخيرة التي جمعت الجيشين شملت محاكاةً لهجوم محتمل على منشآت نووية إيرانية.

وبحسب موقع والاه العبري فإن المحادثات حول إيران كانت "جيدة للغاية وأجريت على مستوى عالٍ من الانفتاح". وتحدثت المصادر الإسرائيلي عن تقارب في موقف تل أبيب وواشنطن من الملف الإيراني "أقرب بكثير مما كان عليه في الماضي". وقال المسؤول الإسرائيلي لـ"والاه": "الاتفاق النووي غير مطروح على الطاولة".

getty

وبالعودة، إلى مؤتمر غالانت وأوستن، فإن أكثر ما يتضح منها هو تفاهمات أكثر من اتفاق حول إيران، وتقارب جزئي، فما تزال إدارة بايدن، تُصرّ على الخيار الدبلوماسي من أجل مواجهة إيران، ورغم أن الدول الغربية إجمالًا بدأت تتخذ مواقف أكثر تشددًا، لكن لم يظهر أي تخلي كامل عن المسار الدبلوماسي حتى الآن، وهو ما تعارضه الحكومة الإسرائيلية الحالية، ورغم الالتزام الذي أظهره أوستن بأمن تل أبيب، وتزويدها بالأسلحة إلى أن الإدارة الأمريكية تستبعد الخيار العسكري حتى الآن.

الملف الفلسطيني

وتطرق وزير الأمن الإسرائيلي جالانت إلى الحالة في الضفة الغربية قائلاً: "لإسرائيل مصلحة في الهدوء والرفاهية للمدنيين الفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية وغزة"، مضيفًا أن إسرائيل ستبقى تعمل فيها من ناحية أمنية. 

كما أعرب أوستن عن قلقه من التوترات في الضفة الغربية، ورغم التزامه بأمن إسرائيل، إلّا أنّه انتقد أي عنف من قبل المستوطنين الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين، بالإضافة للبناء في المستوطنات، داعيًا لدعم حل الدولتين.

يشار إلى أن إسرائيل نفذت عملية اغتيال في بلدة جبع بالقرب من جنين شمال الضفة الغربية، أسفرت عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين صبيحة يوم زيارة أوستن

يشار إلى أن إسرائيل نفذت عملية اغتيال في بلدة جبع بالقرب من جنين شمال الضفة الغربية، أسفرت عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين صبيحة يوم زيارة أوستن. ويظهر من خلال المؤتمر الذي جمع أوستن وغالانت الخلاف بالموقف من هذه الجزئية، حيث تسعى أمريكا إلى تحقيق الهدوء أكثر من مواصلة التصعيد وهو أمر لا تتجاوب معه الحكومة الإسرائيلية.