31-مارس-2021

من مواجهة الفريقين في نهائي دوري الأبطال 2018 (Getty)

أيامٌ قليلة تفصلنا عن مواجهة من العيار الثقيل في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، ستجمع بين ناديين من الأكثر توهجاً في تاريخ البطولة، ومن الأعلى شعبيةً في العالم، ريال مدريد وليفربول.

لطالما شهدت مواجهتهما أحداثاً دراماتيكية، بداية من تتويج ليفربول بلقب عام 1981 على حساب الأبيض الملكي، ووصولاً إلى نهائي كييف الشهير عام 2018، والذي تخللته مواجهة خاصة بين سيرجيو راموس ومحمد صلاح، كما شهد أخطاءً فادحة من الحارس لوريس كاريوس، كلفت فريقه خسارة النهائي وساهمت بتتويج الريال بالنجمة الثالثة عشر في تاريخ المسابقة.

لكن ما يميز هذه المواجهة هو المستوى المتذبذب الذي يقدمه الفريقان خلال الموسم الحالي، فلا يبدو ريال مدريد في أفضل حالاته، والأمر ذاته ينطبق على الأحمر المهول، الذي فقد بريقه هذا الموسم لعدة أسباب أهمها سلسلة الإصابات التي ضربت عمق الفريق وأصابت المنظومة بالشلل التكتيكي، إضافة إلى تراجع مستوى العديد من النجوم في كتيبة الريدز، الأمر الذي يجعل يورغن كلوب يقف حائراً على خط التماس، يبحث دون جدوى – كما يبدو الأمر – عن حلولٍ تبدو بعيدة المنال، فقلعة الأنفيلد التي لطالما كانت تخشى الفرق المنافسة من قرع أبوابها، أصبحت مزاراً محبباً للخصوم على غير العادة، وغياب الجماهير التي كانت تصدح في الأجواء وتخلق جواً مرعباً للزوار كان عاملاً مؤثرا كذلك، والإدارة التي ترى المشهد من وجهة نظر ماليةٍ بحتة لم تقدم يد العون ليورغن كلوب من أجل تعزيز الصفوف، كل هذا وأكثر ساهم في تعثر البطل الإنجليزي وتراجعه على سلم الترتيب بشكل غير معهود، خصوصاً بعد استعادته مكانته الطبيعية في السنوات الأخيرة.

اقرأ/ي أيضًا: أزمة مالية خانقة.. هل تعالج الاستثمارات الجديدة آثار الوباء في مدريد ؟

على الضفة الأخرى، لا تبدو الشمس ساطعةً في سماء مدريد، فسياسة الاعتماد على الشباب لم تؤتِ أٌكلها، وكما هو الحال في الأنفيلد، يضرب زيدان أخماساً بأسداس، ويعود دوماً إلى مثلث الرعب في خط الوسط، معتمداً على المحاربين القدماء وصانعي المجد، كاسيميرو وكروس ومودريتش، أسماء أثبتت صعوبة التخلي عنها، ليس ذلك فحسب، بل إن أي محاولة لاستبدالهما ستصطدم بوجود فراغ كبير وغياب لهوية الفريق وخسارته لخط الوسط، لذلك يجد زيدان نفسه مضطراً للإبقاء على وجود الثلاثي الغابر، مما يعني تأجيلاً مؤقتاً لخطة تجديد الدماء في الفريق.

 إضافةً إلى خيبة الأمل التي أصابت عشاق الملكي، بعد التوقعات العالية التي تلت التوقيع مع النجم البلجيكي إيدين هازارد، والذي لاحقته لعنة الإصابات منذ وصوله للعاصمة الاسبانية، حيث يصارع الوقت للعودة إلى مستواه الطبيعي الذي كان عليه في عاصمةٍ أخرى، بعد أن حفر اسمه بحروف من ذهب في تاريخ أسود لندن، رغم ضبابها الكثيف الذي يشابه ضبابية مستقبله مع النادي الملكي.

 لا تتعلق مواجهة ليفربول وريال مدريد بالفنيات والخطط التكتيكية بقدر ارتباطها بشخصية البطل، وكما هو الحال في كل مواجهة، تحكم ظروف الزمان والمكان والشخصيات في تحديد نتائجها.

وكما هو الحال في كل مواجهة، تحكم ظروف الزمان والمكان والشخصيات في تحديد نتائجها، وفي معرض حديثنا عن المكان، نتذكر بأن ريال مدريد لا يلعب في معقله التاريخي سنتياغو بيرنابيو، بل في ملعبٍ هامشي ريثما تنتهي أعمال إعادة تجديد القلعة البيضاء، ورغم أن ليفربول يلعب في الأنفيلد، إلا أنه يفتقد روح المناصرين وهتافاتهم، حتى أصبح يسير وحيداً بسبب غياب الجماهير.

يؤمن العديد من المراقبين بأن هذه المواجهة لا تتعلق بالفنيات والخطط التكتيكية بقدر تعلقها بشخصية البطل، وأن المتأهل من مباراتي الذهاب والإياب سيتحتم عليه أن يفرض حضوره الذهني على أرضية الملعب، فشخصية البطل هي من تساعد الفرق الكبرى على تخطي الظروف الصعبة والتحديات، خصوصاً في جولات خروج المغلوب، حيث اشتهر الفريقان باستطاعتهما التأهل رغم الأداء غير المثالي، ولطالما استطاع الريال تجاوز الخصوم بأداء باهت نظراً لخبرة لاعبيه الكبيرة في البطولة، كما أن ليفربول وعلى مدى سنوات كان يصارع محلياً لاستعادة بريقه إلا أنه كان يقدم مستويات ممتازة في دوري الأبطال رغم ضعف الأداء محلياً.

كما تعتبر المباراة اختباراً ذهنياً للاعبي ليفربول تحديداً، إذ يجب عليهم تجنب التفكير في "الانتقام" إن صح التعبير، فالانزلاق في دوامة الموجهات الشخصية وخاصة ثنائية "راموس وصلاح" قد تفقد عناصر الفريق تركيزهم وتعطي أفضلية لريال مدريد، وبين هذا وذاك، تنتظرنا معركة كروية من الطراز الرفيع، عنوانها.. شخصية البطل.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

خلافاتٌ بين كلوب والإدارة.. ماذا يحدث في أروقة الأنفيلد؟

ليفربول أبرز المتضرّرين.. وكلوب المسؤول الأوّل