18-يونيو-2016

أعضاء المجمع المقدس للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في لقاء الأسد العام الماضي

واحد فقط غاب عن هذه الصورة التاريخية التي جمعت أعضاء المجمع المقدس للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم مع بشار الأسد قبل عام بالتمام. واحد فقط غاب رغم كونه مطرانًا مثلهم لكنه يتميز عنهم أنه أكثرهم علمًا وحكمة على الإطلاق، هو المطران العلامة يوحنا إبراهيم رفض أن يكون "ديكورًا". أعتقد أن أغلب الناس ممن يملكون ذاكرة الذباب نسوه، وصبوا جام غضبهم على رجال الدين في هذه الصورة الذين قرروا التزواج مع كرسي السلطة، كما هي عادة الزواج الأبدي بين الدين والسياسة عبر تاريخ البشر القذر، كل يستمد سلطته من الآخر، ليحكم باسم الله.

رفض المطران يوحنا إبراهيم الصمت عن القتل العشوائي وصرخ بأعلى صوته أن أوقفوا المجزرة

واحد فقط، واحد فقط منهم رفض الصمت عن القتل العشوائي وصرخ بأعلى صوته أن أوقفوا المجزرة، فأنتم لا تذبحون بشرًا بل تذبحون وطنًا بكل تاريخه ومستقبله. واحد من هؤلاء المطارنة هو العلامة يوحنا إبراهيم خرج بكل مهابته وجرأته ليوجه انتقادات حادة للنظام السوري في مقابلة حصرية مع إذاعة بي بي سي البريطانية في نيسان/أبريل 2013، قبيل اختطافه بأيام؛ تردد الكثير قبلها عن دوره ونشاطه لوأد الفتنة وجر البلد لمستنقع الطائفية، ورفضه المطلق للتسليح، فكان جزاؤه الخطف والمصير الغامض، تمامًا كمصير كثير من الناشطين المختطفين المغيبين كعبد العزيز الخير وخليل معتوق وغيرهم.

اقرأ/ي أيضًا: رغم ذلك أحبّ دمشق

علنا وعلى الهواء مباشرة رفض المطران يوحنا إبراهيم فكرة الميليشات الشعبية بداية تشكلها؛ ووقف حاجزًا منيعًا في وجهها ضمن خطوات تطييف الثورة السورية فكان مصيره العقاب خطفًا حتى الموت؛ في وقت كان النظام يواصل استراتيجيته في إطلاق إرهابيي العالم من سجونه التي استثمرها ضمن صفقات دولية، كما استثمر كل شيء في البلد حتى حاويات الزبالة وتواليتات الشوارع.

نعم، خرج العلامة يوحنا إبراهيم وهو مطران مثلكم، يا أصحاب البركة، لكنه أكثركم علمًا وحكمة ليصرخ: "إن ثلث مسيحيي سوريا هاجروا بسبب الأحداث، وكنت أتمنى أن يكون النظام أوعى مما هو عليه الآن، وأن يعمل شيئًا فقط لعدم إراقة الدماء، ولا أحد يستطيع أن يجبرنا على حمل السلاح".

وقف يوحنا إبراهيم حاجزًا منيعًا في وجه تشكيل المليشيلت الشعبية فكان مصيره العقاب خطفًا حتى الموت

اقرأ/ي أيضًا: حزب الله يجتاح كلية العلوم في الجامعة اللبنانية

أجهضت جرأته بخطفه وبدأت الميليشات الشعبية تتكاثر كالفطر. سؤالي لكم يا اصحاب السيادة؛ وهو سؤال خال من الكولستيرول: هل تجرأ أحدكم على سؤال "أسدكم المغوار" عن مصير أخوكم في الكنيسة؟ أجزم أنكم حتى وإن قلتم نعم،لم تفعلوها؛ وإن فعلتموها فقد أقنعتم أنفسكم بالكذب والهراء الذي سمعتموه حول مصير المطران البطل يوحنا ابراهيم. هل تعرفون لماذا؟ لأن أحدًا منكم لا يملك شجاعته، فهو رجل كالمسيح ناصر الحق والمظلومين، أما أنتم فلن أقول إنكم خنتم خازن علم السريان وأمين مكتبة علومهم، بل لنقل إنكم تحليتم بالجبن وخذلتموه خوفًا من أن يلقى من يطالب به ذات المصير، أي كل منكم خاف على نفسه وكان أبعد ما يكون عن جرأة المسيح. 

طوبى لروحك إن كانت تمت تصفيتك كما يرجح كثيرون. وليكن الله معك أيها المطران الجليل يوحنا إبراهيم، والسلام عليك أينما كنت إن كنت لا تزال حيًا.

اقرأ/ي أيضًا:

المرأة العربية كزهرة!

مثقفو الواجهة في الجزائر.. ضوء مغشوش