22-نوفمبر-2016

تركيب بعنوان انتحار لـ فنسنت في. جي. هوانغ/الصين

قرأت عن الانتحار فرضية تقول بإمكانية تفاديه بعلاج دوائي رخيص الثمن، بأدوات تشخيصية ليست بالمعقدة كان يمكن تفادي فعل الانتحار، تخيلوا! وفي حال أخذنا بهذا الكلام أم لا، فإن السؤال عن قلق الإبداع لا يمكن التفكير فيه متلازمًا ورغبة الانتحار، على الرغم من توافر سجلات كثيرة لمنتحرين مبدعين.

ماذا لو كان قلق الإبداع مرضًا مؤقتًا؟ ماذا لو كان متعلقًا بعدم انضباط في هرمونات الجسم، لتكون بذلك مصادر الإبداع مجرد اضطرابات بيولوجية بالإضافة إلى النفسية منها؟ أعتقد بأن دليلًا واحدًا يمكن أن يخلخل هذا الافتراض، في حال تعرفنا إلى كثيرين هجروا حياة الفن دون الاستناد إلى وسطاء روحيين، ولا إلى أطباء ينعشونهم بوصفات لا تبقي في الرؤوس ولو سؤالًا واحدًا عن الشعر، الموسيقى، والفيزياء بالطبع، فنحن لا نختلف على حلول الإبداع في جميع جوانب الحياة، حتى تلك التي تعتني بفن الطبخ في سبيل الخروج بأفضل وصفة غذائية على الإطلاق.

ماذا لو كان قلق الإبداع مرضًا مؤقتًا؟ ماذا لو كان متعلقًا بعدم انضباط في هرمونات الجسم؟

اقرأ/ي أيضًا: رفاهية الزمن الصعب

أحد الموسيقيين كان قد تحدث في ساعة من الضجر، عن أنه نادم إذ لم يتمنّ على والده أن يدفعه للتخصص في مجال المواد الغذائية، عوضًا عن هذه الحياة المقشعرة على الدوام، إنه لا يهنأ في حال لم ينجح في بلوغ الكونشيرتو الذي يسعى لتأليفه، وهو إضافة إلى ذلك لا يهنأ في زمن ما بعد الاحتفاء به وبالكونشيرتو الجديد، ببساطة لأنه أصبح قديمًا الآن.

هل تمنيت أن تضع رأسك جانبًا فلا تستقطب حجمًا كبيرًا من الانفعال؟ إنك تريد أن تضيف شيئًا لا هو بالعادي ولا هو بالذي يسترجع أعمال وأصوات آخرين، إن هذه الفئة من المبدعين هي المحفوفة بمخاطر القلق في حال تم مشروعها أم لم يتم. بالطبع هناك من يستثمرون أعمارهم في محاولة الوصول إلى أفضل صورة على غلاف كتاب، أو بالتواجد في احتفالات مضاءة بفلاشات الكاميرات لكثرتها، هؤلاء لن يكونوا بحاجة لأي نوع من العناية الطبية، فلا توجد رغبة حثيثة لديهم في محاكمة منتجهم، وحقيقة كان يمكنهم أن يحققوا الشهرة في أي مجال عملي صرف، بعيدًا عن الشعر والفن، بما يمتلكونه من أدوات لا تقتصر على فنون التواصل والترويج، كان يمكن استغلالها في مجال الاقتصاد على سبيل المثال، لم لا؟ أليس للنماء الاقتصادي دور عظيم في حياة البشر والكوكب بأسره؟

لا نتحدث عن الفن بوصفه مؤسسة تفصل أعضاءها، لأسباب منها عدم جودة المنتج

اقرأ/ي أيضًا: سيرج غانسبورغ وزياد الرحباني.. عبقرية وانحطاط

إننا لا نتحدث عن الفن بوصفه مؤسسة بمقدورها إصدار قرارات تقضي بفصل أعضائها، لأسباب منها عدم الاهتمام بجودة المنتج، أو بمعايير الإبداع، إذ ليس من معايير واضحة هنا، كما أنك لن تملي على الناس ميولاتهم، لكنها فرضية يمكن نقاشها، كما يمكن تقليب العديد من صور بعض الأشخاص في رؤوسنا، إن بمقدورهم بالفعل أن يجنحوا إلى الإبداع في مجال آخر، هناك من هم قادرون على الكتابة للإعلانات، يملكون من العبارات ما يثير الانتباه إلى سلعة، بالطبع لن يروجوا لأغذية مسرطنة، لكنهم بالتأكيد سوف يريحون الفن من سرطاناته المؤكدة.

لدي قصص حقيقية نجح شخوصها في مجال تحويل ميولاتهم الإبداعية، فالنبوغ لم يشرق لا في التمثيل ولا في الكتابة، ثم سرعان ما حقق أحدهم أعلى الدرجات الأكاديمية في تخصص علمي، لقد استند على قدرات من بينها التركيز والثقة بالنفس، وها أنا أتابع أخبارًا سعيدة له في أوساط علمية لم تتوقف عند المحلي فقط. تقدموا لاستثمار قدراتكم في مجالات تتسع الحياة لها، تقدموا دون إبطاء. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

علي بدر.. الرواية سباق مع الخراب

ميثم راضي.. باكورة النّار