23-يوليو-2017

الفنان جمال سليمان

يبدو أنه رد طويل جدًا من الفنان السوري جمال سليمان على ما يشبه "البوست" الاعتيادي التي يزخر به الفيسبوك عادة، وهذا ما يدفع للسؤال لماذا هذا الرد الغزير من سليمان على اتهامات اعتاد أن يسمعها من الطرف الآخر الذي طالما رأى أن كل من خرج من سوريا إما خائن أو مرتزق، وأن المعارضة فكرة شنعاء وتمس بالوطن أولًا؟

اتهمت الإعلامية السورية نهلة السوسو الفنان جمال سليمان بأنه يبحث عن منصب سياسي

صورة العسكري بجوار جمال سليمان التي نشرتها الإعلامية نهلة السوسو تحاول أن تشير إلى اتهام مبطن بصيغة الدافع الوطني مع اتهام كلامي صريح له بالبحث عن منصب سياسي: "لم يسبق لممثل احترف هذه المهنة احترافًا أن أصبح "زعيمًا" على مر الدهور، لذلك أسألك: إلى أين أنت ذاهب؟".

اقرأ/ي أيضًا: جمال سليمان: السوق لا يريد أن يتحدث عن سوريا

تبدأ نهلة السوسو "بوستها" بالحديث عن علاقتها بجمال سليمان، ولقاءاتها الإعلامية معه، وتاريخه العائلي والمهني قبل أن يمن الله عليه بدراسة المسرح، وتذهب إلى أملها في دارس مسرح أن يكون في صف الجنود والعلماء والطلاب الذين قتلوا في التفجيرات والمعارك مع "المعارضة"، لكنه للأسف كان في الجانب الآخر: "قلنا إن دارس لوركا بمسرحياته وأشعاره، سيهب عائدًا للمشاركة في تشييع الشهيد نضال جنود ويدهشنا في الرد على ترخص بعض "الفنانين" و"فنانات" الغفلة والعقد النفسية، وسيفيدنا من تحليلاته لمسرح بريخت وتشيخوف، في احترام شهداء الملاحم من علماء وطيارين وطلبة جامعات وقادة وضباط وجنود وأبرياء، ويا عجبي حين رأيتك على الضفة الأخرى تواصل "نجومية" الظهور بأحاديث، أنت تفهم، إذا وصفتُها بخارج النص".

تصل السوسو إلى مأربها أخيرًا بأسئلة تعتقد أنها محقة ومجدية في الوصول إلى قلب سليمان حين تستخدم صورة الجندي: "أخيرًا: قل لي هذه الصورة الفذة مع من؟ هل هذا المخلوق ينسيك الشهيد العالم خالد الأسعد على مدرجات تدمر؟ أستاذ جمال.. طالع قليلًا من صور جيشنا لعلك تتقن لهجة أصيلة أيًا كانت حروفها".

لا يبخل جمال سليمان في رده في الدفاع عن الصورة التي طالما استخدمها آخرون للنيل منه، ويستهل رده في الاستغراب من أن يكون هو والسوسو على النقيض، وهذا سؤال طالما طرحه أولئك الذين وقفوا مع طرفي الصراع: "الحقيقة انني لم ولن أتوقع ان نكون كلنا على رأي واحد ونحمل نفس القراءة".

لكن جمال يذهب أبعد من اختلاف الرأي مع هؤلاء عندما يصل إلى نتيجة حاسمة أن الغاية لم تكن حوارًا بين فرقاء على وجهة نظر، لكنه التشبيح الذي يصل إلى التخوين: "صحيح أن لا منطق التشبيح القائم على الكذب والافتراء بغية تشويه سمعة وشخص كل من له رأي مخالف أو مختلف قد صدمني وقد نلت منه الكثير، إلا أن الصدمة الكبرى كانت بتبني عدد من الأصدقاء المثقفين الذين كنت أظن انهم يعرفونني جيدًا كما أعرفهم، لنفس الخطاب التشبيحي ولكن بلغة عربية فصحى. تبين أننا لا نعرف بعضنا، أو على الأقل أنا لم أكن أعرفهم حق المعرفة، لذلك كان حزني وألمي شديدين. فبدل الحوار المحترم دخلنا في لغة التخوين التي استخدمتها السيدة السوسو أكثر من مرة في حديثها عني".

يهزأ جمال سليمان من استخدام الثقافة لبوسًا للتشبيح باستحضار شخصيات مسرحية وثقافية في اتهام الآخر وتشويهه

يهزأ جمال سليمان من استخدام الثقافة لبوسًا للتشبيح باستحضار شخصيات مسرحية وثقافية في اتهام الآخر وتشويهه: "السيدة السوسو، على اعتبار أنك مثقفه فكان لا بد من أن تلبسي تشبيحك بعض العبارات المنمقة والأسماء الكبيرة ومنها الشيخ أحمد أبي خليل القباني وهجرته إلى مصر حيث علموا السوَقة من الصغار أن يتعرضوا له ويلطخوا سمعته مما كان سبب هجرته عن الشام. موضوع شيق ولكن لا أريد الإسهاب".

اقرأ/ي أيضًا: نقابة الفنانين في سوريا: مجلس تأديب علني

يذكّر سليمان الإعلامية الموالية بالدروس التي تعلمها من كل تلك الرموز: "كذلك أتيت على ذكر لوركا وبريخت وهو اختيار لا يناسبك أبدًا لكنه جدير بالنسبة لي لأنني من هؤلاء وأمثالهم تعلمت أن يكون لي رأي وموقف أجاهر به، خاصة عندما يتعرض وطني لمحنة. ومنهم تعلمت أن أقف إلى جانب الحق والحرية والكرامة الإنسانية، ومنهم تعلمت أن لا أخون وطني ولا أهلي ولا ناسي. كان بإمكاني أن أجلس في غرفتي وأكتب عن الياسمين والورد البلدي والفينيقيين والآراميين بدلًا من أفعل شيئًا مفيدًا وأقوم بواجب مستحق".

يدافع سليمان عن نفسه وعن دوره في المعارضة من خلال ما تعقده منصة القاهرة من مؤتمرات وإصدارها بيانات لرؤية علمانية لسورية وفق حل سياسي، وأنه من اليوم الأول كان ضد العنف والتدخل الخارجي، وهذا ما أدى لتعرضه لحملات التشوية من شبيحة النظام والمعارضة على حد سواء.

ثم يختم سليمان رسالته بهمس وجداني للمذيعة الصديقة التي تناولت والده والنتيجة دائمًا خسارة وخيبة: "في النهاية والدي الذي تدعين أنني تحدثت عنه بتهكم قد علمني أنني إن كنت أريد للناس أن يحترموني لا بدّ أولًا من أن أحترم نفسي، وأنا أحاول أن اعمل بنصيحته. بقي في قلبي همسة شخصية ووجدانية لإنسانة كنت أحبها وأحترمها؛ خيبتي بك كبيرة يا صديقتي. يا لها من خسارة".

هي الحكاية السورية التي طالت، ومزقت معها النسيج الذي كان، ووضعت السوريين في ضفتين من الرؤى والمعاناة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عمر أميرالاي.. نعي متأخر

سر السيناريست الشبح.. هل يكتب محمد ناير مسلسلات عادل إمام؟