09-سبتمبر-2018

قناة لبنانية تتهم السوريين بأنهم سبب انتشار السرطان (mtv)

يبدو أن العنصرية في بعض مراحلها المتقدمة، لا تعود تطالب بأدنى مستويات العقلانية أو المنطق. ففي لبنان، وبعد سبع سنوات من العنصرية الجليّة ضد اللاجئين السوريين الذين يقارب عددهم مليون ونصف لاجئ، أصبح هؤلاء النازحون سببًا رئيسيًا ومباشرًا لمرض السرطان! هذا ما أكدت عليه قناة "mtv" اللبنانية، والمملوكة لآل المر، في تقرير لها حول أسباب ارتفاع معدلات مرض السرطان في لبنان.

جددت قناة "mtv" اللبنانية فروض العنصرية، بتقرير اتهمت فيه عبر من قالت إنه طبيب مختص، السوريين بأنهم سبب في انتشار مرض السرطان!

في السنوات الأخيرة ارتفعت نسبة السرطان في لبنان بنسبة 5.6%، بحسب إحصائيات وزارة الصحة اللبنانية، ما دعا القناة إلى بث تقرير تلفزيوني يتناول هذه القضية ومسبباتها، فما كان منها إلا أن تستضيف شخصًا يدعى فادي نصر، ادعت أنه طبيب مختص بأمراض السرطان، ليبيّن الأسباب العلمية وراء انتشار هذه الظاهرة.

اقرأ/ي أيضًا: جريدة النهار اللبنانية.. لا حياد عن العنصرية!

تحدث نصر عن سببين رئيسيين، هما: "أزمة النفايات التي لم تحل حتى اليوم"، والتي كانت السبب وراء: "التلوث المتفاقم في البحر والبيئة بشكل عام، والتي توضع في خانات مسببات السرطان نظراً لاستمراريتها لفترة طويلة". أما السبب الآخر، فهو من وجهة نظر الطبيب، "السوريون": "يلفت نصر أن الالتهابات المتزايدة بفعل تكاثر النازحين السوريين في لبنان تتسبب مباشرة بمرض السرطان، فهؤلاء بسبب الظروف السيئة التي عانوا منها مرغمين، يأتون ببكتيريا خطيرة قد تخلق الأمراض لدى الإنسان".

وبالرغم من أن الطبيب أكد في بداية مداخلته، على أن هذه الأسباب، تحتاج إلى دراسات يتم القيام بها على مدى سنوات عدة لمعرفة مسببات هذه الزيادة، إلا أنه قدم تفسيره للظاهرة، بموثوقية عالية، توحي أنه قام بهذه الدراسات بالفعل!

ويؤكد مختصون على أن مرض السرطان غير معدٍ، وعليه فلا علاقة واضحة بين وجود السوريين في لبنان، وزيادة نسبة المرض في العام الماضي، إضافة إلى أن الطبيب المختص لم يذكر ما هو نوع البكتيريا والالتهابات التي يحملها السوريون والتي قد تسبب انتشار السرطان، ما يجعل كلامه في دائرة العموميات، التي يجب أن ينأى عنها المختصون، إن كان منهم.

ولقي التقرير انتقادًا كبيرًا، من شرائح عريضة من المجتمع السوري في لبنان، ومن بعض المشاهير والسياسيين، كما لقي تفاعلًا سلبيًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت هاشتاغ #السوريون_سبب_السرطان_في_لبنان.

وقالت الفنانة السورية أصالة نصري في تغريدة نشرتها على حسابها في موقع تويتر، إن: "السّرطان الحقيقي هو الّلي بيصيب القلب والرُّوح والضّمير، وهذا الّلي بينخاف من انتشاره، والمصابين فيه هم الّلي لازم يبعدوا عن حياتنا، الّلي صارت على حافّة الهاوية. ونحن بدل أن نساعد بعض حتّى لا نوقع فيها، بنفكّر إنّه لو دفشنا بعض رح نسلم".

كما علقت الصحفية السورية نور حداد على منشور الشاب شربل الخوري، الذي يقول فيه: "الإم تي في: سبب ركاكة اللغة العربية لمذيعينا، هو أكل اللاجئين السوريين لجميع أحرف الأبجدية!". بقولها: "المشكلة إنو قد ما حاول الواحد ياخد الموضوع للسخرية، ما بيقدر يعلا على سخرية الخبر نفسه".

كما قالت الصحفية اللبنانية ليال حداد، تحت وسم "#بلاد_النازيين_الجدد": "قناة mtv جايبة طبيب متخصص ليقول إن  اللاجئين السوريين هم أحد أسباب تكاثر السرطان بلبنان. وزي ما كلنا منعرف، لما بتجيب طبيب مختص يقول كلام عنصري غير مبني على إحصائيات، ما بتعود إنت عنصري!".

وبالرغم من أن مبادئ القناة تنص على "الحريات والاندماج"، إلا أن لها تاريخًا طويلًا من العنصرية، وبالتحديد ضد اللاجئين السوريين في لبنان، هذا إذا تم التغاضي مؤقتًا عن معاداتها المفتوحة للفلسطينيين.

ويُشار إلى أن حوادث العنصريّة تجاه السوريين النازحين إلى لبنان قد سجلت ارتفاعًا كبيرًا، على المستوى الشعبي والإعلامي، في الفترة الأخيرة، وذلك يعود بحسب متابعين إلى موقف بعض الأحزاب اللبنانية من الوجود السوري في لبنان، الذي يرون فيه استنزافًا للموارد اللبنانية، وضغطًا على الاقتصاد والمجتمع.

ففي شهر نيسان/أبريل، قامت قناة "الجديد" اللبنانية، بعرض أغنية عنصرية تحمل عنوان: "صرنا نحن المغتربين" في أحد برامجها، تسخر فيها فتاة من اللاجئين السوريين الذين أصبحوا "أكثرية"، وجعلوا اللبنانيين "غرباء" على حد قولها.

وتُحمّل الأغنية -كما بعض الوسائل الإعلامية- السوريين، مسؤولية  تفاقم المشكلات الاجتماعية في لبنان، كارتفاع نسبة البطالة بين اللبنانيين نتيجة العمالة السورية الرخيصة، وارتفاع أسعار السكن، وسيطرة السوريين على سوق العمل.

وبعيدًا عن صحة هذه الأقوال من عدمها، يتبيّن عند أول بحث جاد أن هذه المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في الأساس هي مشكلات موجودة تاريخيًا في لبنان، ومن المفترض أن الحكومة هي من يجب أن تجد حلولًا لها، لا السوريون الذين يتم استغلالهم والإساءة إليهم بشكل مستمر في لبنان.

على إثر عنصرية الأغنية، قدم الممثل الكوميدي اللبناني سعد القادري استقالته من قناة الجديد، كما انتقدت الإعلامية ديما صادق الأغنية ووصفتها بالعنصرية والإساءة.

على صعيد آخر، انتشرت في السنوات الأخيرة عشرات مقاطع الفيديو على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، التي توثق الكثير من المشاهد العنصرية ضد السوريين في لبنان، وصل بعضها حد التعذيب والعنف الجسدي، مثل الفيديو الذي انتشر لطفل لبناني اسمه "عباس"، يأمره والداه بضرب طفل سوري وتعذيبه.

على صعيد آخر، كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان، قد نشرت تقريرًا يتناول حال الأطفال السوريين في لبنان، وصفته بـ"الصادم"، أكدت فيه على أن عددًا كبيرًا من الأطفال السوريين يتعرضون للمضايقات وللاعتداءات الجسدية على خلفيات عنصرية أهمها الجنسية التي يحملونها.

وفقًا لتقارير حقوقية،  يتعرض الكثير من الأطفال السوريين في لبنان للمضايقات والاعتداءات الجسدية على خلفيات عنصرية

كما أكدت دراسة قامت بها إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة، أن أكثر من 50% من اللاجئين السوريين في لبنان، يعيشون في أماكن غير آمنة، فيما يعيش 70% منهم تحت خط الفقر، ما يجعلهم مجبرين على العيش بظروف قاسية جدًا، في مخيمات وخيام هشة، أو مستودعات لم يكتمل بناؤها، إضافة إلى اضطرار الأطفال القصّر للعمل. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

تطورات العنصرية في جنوب لبنان.. العمال السوريون مهددون بقطع اليد!

"حضانة للبيض فقط".. لعنة التمييز العنصري في لبنان تطارد طفلًا سودانيًا