12-أبريل-2017

لقطة من الفيلم

طلَّت علينا السينما المصرية حديثًا بفيلمٍ واعد يحمل الاسم الأطول في تاريخها، وعلى الملصقات الدعائية لفيلم "عندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره فيتحول به الأمر إلى المهزلة" ظهرت ثلاثة من الأسماء الخاصة بمؤلفي الفيلم الشباب المنتمين لجيل "السوشال ميديا"، وهو الاسم الرسمي لجيل الشباب المرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتطور التكنولوجي عامة وبمواقع التواصل الاجتماعي خاصة.

ولّى محبو السينما في مصر أنظارهم نحو الفيلم الجديد لعدد من الأسباب، أولها أسماء مؤلفيه المعروفين سلفًا لمعظم متصفحي موقع "فيس بوك" في مصر. وثانيًا، التوقعات الكبيرة التي وضعها المشاهدون على هؤلاء الشباب في إخراج منتج فني كوميدي مختلف عما تقدمه السينما المصرية في الآونة الأخيرة، بعيدًا عن الأغاني الشعبية والرقصات وتيمة البطل البلطجي و"الإفيهات" الرخيصة وكوميديا الضرب والإهانة.

فيلم عندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره أول الأفلام التي تناولت الإرهاب الجديدة بهذه السخرية التي تعتبر أقوى سلاح للمواجهة

وربما فَطِن الشباب إلى ما هم مقبلون عليه، فحولوا الأمر إلى كتلة كبيرة من السخرية التي تقف أمام من يحاول أن يأخذ فيلمهم الجديد بجدية، فكان حائط صدهم الأول هو اسم الفيلم المُعبِّر عنه تمامًا، والذي استخدم أيضًا كدعاية له كأطول الأسماء التي شهدتها السينما في مصر، والتي لم تعتد مثلها.

وعلى ذلك جاء فيلم "عندما يقع اﻹنسان في مستنقع أفكاره فينتهي به اﻷمر إلى المهزلة" جيدًا في الإطار الذي وضعه فيه صانعوه لا الذي توقعه جمهوره، وبشكل عام فإن الفيلم يتخذ الكوميديا الساخرة Farce طوال أحداثه، محاولًا تقديم موازنة بين الكوميديا التي يريدها والكوميديا التي اعتاد الجمهور مشاهدتها في الفترة الأخيرة. ظهر هذا في استخدام الإيحاءات الجنسية في أكثر من مناسبة، وهي موزانة مقبولة يلجأ لها أغلب من يريد تقديم نموذج جديد وسط أجواء السينما المصرية الراكدة والتي يبحث فيها المنتجون عن الإيرادات في المقام الأول بعيدًا عن المخاطرة في سوقٍ غير صالح.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Going in Style".. هل يستحق المشاهدة؟

يحكي فيلم "عندما يقع اﻹنسان في مستنقع أفكاره فينتهي به اﻷمر إلى المهزلة" قصة شاب متطرف بشكله النمطي المعروف، من خلال ألفاظه ومظهره وحتى حسه الكوميدي الثقيل أحيانًا. يتواصل الشاب مع قائد تنظيم داعش في لبنان ويوافق على السفر إليه مُحمَلًا بمعلومات يحتاجها التنظيم وضعها على "فلاش ميموري" ويتورط معه باقي أبطال الفيلم حتى يجدوا أنفسهم داخل ولاية من ولايات التنظيم، والتي يحاولون الهرب منها.

وعلى الرغم من سخرية الفيلم الشديدة إلا أنه أول الأفلام التي تناولت التنظيمات الإرهابية الجديدة بهذه السخرية الشديدة؛ السخرية التي تعتبر- في أحيان كثيرة– أقوى سلاح للمواجهة.

عندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره فيلم جيد بالنسبة للمحاولة الأولى لكُتابه، وبالنسبة لعدم وجود نجم شباك يمكنه الترويج للفيلم

كذلك لم يحتج فيلم "عندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره" إلى قدرات تمثيلية كبيرة، إلا أن الممثلين قاموا بأدوار جيدة في إطار المتاح. محمد سلام ممثل جيد في أي دور ونتوقع تأديته للأدوار الدرامية بالمثل إن أُتيحَت له الفرصة، أما أحمد فتحي فأدى دور الشاب المتطرف فكريًا بشكل جيد، إضافة إلى محمد ثروت الذي سنشاهده في جميع الأعمال الكوميدية بالسينما والتليفزيون نظرًا لتمتعه بكاريزما عالية.

وكما أسلفنا، لم يَرِد صانعوا فيلم "عندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره" إعطاءه أكثر من حقه. فيمكن تصنيفه على أنه فيلم كوميدي، ليس بالقنبلة وليس بثقيل الظل، هو فيلم جيد بالنسبة للمحاولة الأولى للشباب الذين تولوا الكتابة، وبالنسبة لعدم وجود "نجم شباك" يمكن الترويج للفيلم من خلاله. لكنه من الممكن أن يؤسس لاتجاه جديد لا نراه كثيرًا في مصر، في محاولة للخروج من نفق النمط الكوميدي الواحد المسيطر مؤخرًا، والذي يشبه التكرار اللانهائي للحديث "بلابلابلا"..فلنأمل ألا نبقى على هذا الوضع كثيرًا.

تقييم سينماتجي (3/5)

اقرأ/ي أيضًا:
اليابان في السينما الأمريكية.. وحشية وندم متبادلان
7 من أفضل أفلام سرقات البنوك