14-أغسطس-2015

للفلافل طقس يجهله حيتان المال (أ.ف.ب)

ظهر اتجاه قوي للشركات في مصر خلال الفترة الماضية لتحويل منتجات شعبية معروفة ومتداولة إلى "علامات تجارية"، تباع بأسعار أعلى وبشكل مختلف. تلجأ الشركات التي تختار بيع سلعة موجود بالفعل في السوق إلى إضفاء "قيمة مضافة" على تلك السلعة، من خلال علامة تجارية، وطريقة مختلفة في التقديم، لتتمكن من جذب الجمهور إليها، وتحقيق مكاسب مالية، من خلال آليات ترويج وشكل تقديم غير ما هو معهود لدى الزبون الأساسي لهذه المنتجات، أي أبناء الطبقات المسحوقة.

لماذا العلامة التجارية؟

 الزبون الأساسي للوجبات الشعبية هو ابن  الطبقات المسحوقة

بحسب علم التسويق، فإن العلامة التجارية تمنح الشركة حقوقًا قانونية في السوق، كما أنها قد تؤثر على قرار المستهلك بشراء المنتج، وتسمح للمؤسسة بزيادة السعر مقارنة بالأسعار المتداولة للمنتجات المشابهة.

وتعمل الشركات على استغلال وجود طلب على السلعة من قبل المستهلكين، وعدم وجود حقوق ملكية فكرية لهذه المنتجات. كما تستفيد الشركات من العلامة التجارية من خلال وجود "ماركة" تحمل اسم المنتج قابلة للاستخدام في التسويق، والبيع، والمعاملات المصرفية، كما أنها تعتبر "أصلًا" من الأصول المالية التي تمتلكها المؤسسة، والتي يمكن بيعها أو استغلالها في التعاملات الأخرى.

ماذا عن المنتجات الشعبية؟

لم تتأثر أعمال المتاجر الشعبية بمنافسة الشركات الرأسمالية، واتجاهها لبيع نفس المنتجات بطريقة أكثر تنميقًا، بسبب اختلاف المستهلك المستهدف من كلا الجانبين. فبينما تستهدف المحال الشعبية بيع منتجاتها للمستهلكين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة، تعمل شركات "التريد مارك"، أو العلامة التجارية، على استهداف الأشخاص الراغبين في الحصول على نفس السلعة بشكل معولم، وقادرين على سداد سعر أعلى.

ويقول أحد الأطباء بمنطقة الجيزة إن "السعر هو ما يحدد وجهته لأيّ من الطرفين"، فهو يفضل الاتجاه للمحال الشعبية في أغلب الأوقات بسبب انخفاض سعر الوجبة، بينما قد يذهب للمحال ذات "العلامة التجارية" في ظروف خاصة مثل وجود مرافقين آخرين مثلًا.

تجارب في احتكار الطعام الشعبي

يعتبر "الفلافل" أو "الطعمية" كما يطلق عليه المصريون إحدى الوجبات الشعبية الني تمتاز بسعرها المنخفض في العالم العربي، بل وبعض الدول الأجنبية أيضًا، إلا أن بعض المؤسسات الربحية قررت تقديمها من خلال علامة تجارية محددة. 

وبدأت شركة "جست فلافل" عملها بافتتاح أول فروعها في مدينة دبي في عام 2007، حيث كانت تقدم ثلاثة أنواع من "الفلافل" فحسب آنذاك. وتحولت الشركة في الوقت الحالي إلى سلسلة مطاعم أغذية سريعة تتواجد في 18 دولة حول العالم، وتقدم "الفلافل" بأكثر من 10 طرق مختلفة. 

وتمتلك "جست فلافل" 7 فروع في مصر، حيث تقدم وجبات وشطائر شعبية مثل "الفول"، و"الفلافل" بأسعار تتجاوز مثيلتها في المطاعم الشعبية بأضعاف. وتتباين أنواع شطائر "الفلافل" من 5 جنيهات إلى 15 جنيهًا، في حين يبلغ سعر شطائر "الفول" 5 جنيهات، وهو ما يمثل 5 أمثال السعر لدى المطاعم الشعبية في مصر.

بينما تعاني "ماكدونالدز" من تراجع ملحوظ في الأرباح خلال الفترة الماضية، مع وجود منافسة شرسة من جانب مطاعم للأغذية السريعة مثل "شيك شاك"، و"برجر كينج" وغيرها. لجأت "ماكدونالدز" إلى طرح منتجات غذائية متوافقة مع ذائقة المجتمعات الموجودة فيها، حيث قدمت في مصر منذ سنوات شطائر "كفتة"، ومؤخرًا "فلافل". وجاء طرح "ماكدونالدز" لـ"ماك فلافل" مؤخرًا في مسعى لتقديم وجبات للإفطار محببة لدى الجانب الأعظم من المستهلكين في مصر، وهو ما يكفل، مع العلامة التجارية التي تقدمها الشركة، تحقيق ربح مناسب. ويبلغ سعر "ماك فلافل" في "ماكدونالدز" 6 جنيهات للشطيرة الواحدة.

لم تقتصر تحولات الأغذية الشعبية إلى أخرى ذات "علامة تجارية" على المأكولات الشعبية فحسب، وإنما امتدت إلى الوجبات الخفيفة أو ما يطلق عليه "تسالي". وقالت شركة شيبسي أن السبب وراء طرح "شيبسي ديلايتس" في مصر يعود إلى الحجم الكبير للسوق المصري، وارتفاع نسبة مستهلكي الفول السوداني في مصر لتبلغ 86%، بالإضافة إلى أن 95% من المنتجات المطروحة في السوق من الفول السوداني تباع في أماكن تقليدية غير "مغلفة".